الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمكنة المعدودة من البلد. وهي تشبه المخطط التنظيمي لكل بلد في عصرنا. ولا بد أن تكون الأبنية مجتمعة بحسب العرف.
واشترط الحنابلة: أن يكون المكلفون بالجمعة وهم أربعون فأكثر مستوطنين أي مقيمين بقرية مجتمعة البناء، بما جرت العادة بالبناء به، من حجر أو لبن أو طين أو قصب أو شجر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «كتب إلى قرى عُرينة أن يصلوا الجمعة» ولا جمعة على أهل الخيام وبيوت الشعر والحركات، ولا تصح منهم؛ لأن ذلك لا ينصب للاستيطان غالباً.
والخلاصة: لا بد لإقامة الجمعة عند الجمهور من كونها في مدينة أو قرية، ولابد أن تكون القرية كبيرة عند الحنفية، فلا تجب على سكان القرى الصغيرة، أي لا بد من المصر عندهم، أما عند غيرهم فلا يشترط المصر، والقرية والبلد سواء.
3 - الجماعة:
الجماعة شرط، لما رواه أبو داود:«الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة .. » وانعقد الإجماع على ذلك. وأقل الجماعة عند أبي حنيفة ومحمد في الأصح: ثلاثة رجال سوى الإمام، ولو كانوا مسافرين أو مرضى؛ لأن أقل الجمع الصحيح إنما هو الثلاث، والجماعة شرط مستقل في الجمعة، لقوله تعالى:{فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة:9/ 62] والجمعة مشتقة من الجماعة، ولا بد لهم من مذكر وهو الخطيب. فإن تركوا الإمام أو نفروا بعد التحريمة قبل السجود، فسدت الجمعة، وصليت الظهر. وإن عادوا وأدركوا الإمام راكعاً، أو بقي ثلاثة رجال يصلون مع الإمام. أو نفروا بعد الخطبة وصلى الإمام بآخرين، صحت الجمعة، فوجود الجماعة: شرط انعقاد الأداء، لا شرط دوام وبقاء إلى آخر الصلاة، ولا يتحقق الأداء إلا بوجود تمام الأركان وهي القيام والقراءة والركوع
والسجود، فلو نفروا بعد التحريمة قبل السجود فسدت الجمعة، ويستقبل (يستأنف) لظهر، كما بينا.
وقال المالكية: يشترط حضور اثني عشر رجلاً للصلاة والخطبة، لما روي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة، فجاءت عِير (إبل تحمل التجارة) من الشام، فانفتل الناس إليها، حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً، فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة:{وإذا رأ وا تجارة أو لهواً، انفضوا إليها، وتركوك قائماً} (1)[الجمعة:11/ 62].
ويشترط لهذا الشرط شرطان أيضاً:
الأول ـ أن يكون العدد من أهل البلد، فلا تصح من المقيمين به لنحو تجارة، إذا لم يحضرها العدد المذكور من المستوطنين بالبلد.
الثاني ـ أن يكونوا باقين مع الإمام من أول الخطبة حتى السلام من صلاتها، فلو فسدت صلاة واحد منهم، ولو بعد سلام الإمام، بطلت الجمعة، أي أن بقاء الجماعة إلى كمال الصلاة شرط على المشهور.
وقال الشافعية والحنابلة: تقام الجمعة بحضور أربعين فأكثر بالإمام من أهل القرية المكلفين الأحرار الذكور المستوطنين، بحيث لا يظعن منه أحدهم شتاء ولاصيفاً إلا لحاجة، ولو كانوا مرضى أو خرساً أو صماً، لا مسافرين، لكن يجوز كون الإمام مسافراً إن زاد العدد عن الأربعين، ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين، لحديث كعب المتضمن أن عدد المصلين في أول صلاة جمعة بالمدينة مع أسعد بن زرارة كانوا أربعين رجلاً (2). وروى البيهقي عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة
(1) حديث الانفضاض هذا رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (نيل الأوطار: 278/ 3).
(2)
رواه أبو داود وابن ماجه (نيل الأوطار: 230/ 3).