الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقب صلاة العيد؛ لأنها صلاة مفروضة في جماعة، فأشبهت صلاة الفجر، ولأن هذه الصلاة أخص بالعيد، فكانت أحق بتكبيره.
ويستحب التكبير أيضاً في أيام العشر من ذي الحجة وهي الأيام المعلومات، لقوله تعالى:{ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} [الحج:28/ 22].
ثامناً ـ سنن العيد أو مستحباته أو وظائفه:
يستحب في مقدمات عيد الأضحى الاجتهاد في عمل الخير، أيام عشر ذي الحجة، من ذِكْر الله تعالى والصيام والصدقة وسائر أعمال البر؛ لأنها أفضل الأيام، لحديث «مامن أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع بشيء من ذلك» (1).
ويندب الامتناع عن تقليم الأظفار وحلق الرأس في عشر ذي الحجة، لما ورد في صحيح مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا دخل العشر، وأراد بعضكم أن يضحي، فلا يأخذن شعراً، ولا يقلمن ظفراً» .
ويندب في العيد عدا التكبير ما يأتي (2):
1ً - إحياء ليلتي العيد بطاعة الله تعالى أي بالعبادة من ذكر وصلاة وتلاوة
(1) رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما (نيل الأوطار: 312/ 3).
(2)
مراقي الفلاح:89/ 1 ومابعدها، تبيين الحقائق: 224/ 1 ومابعدها، فتح القدير: 423/ 1،429، الفتاوى الهندية: 140/ 1، الدر المختار: 776/ 1 ومابعدها، اللباب: 116/ 1 ومابعدها، الشرح الصغير: 527/ 1 - 531، مغني المحتاج: 312/ 1 ومابعدها، المهذب: 119/ 1، المغني: 369/ 2 - 374، 389،399، كشاف القناع: 56/ 2 - 58.
قرآن، وتكبير وتسبيح واستغفار، ويحصل ذلك بالثلث الأخير من الليل، والأولى إحياء الليل كله، لقوله صلى الله عليه وسلم:
«من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى محتسباً، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» (1).
ويقوم مقام ذلك: صلاة العشاء والصبح في جماعة.
والدعاء في ليلتي العيد مستجاب، فيستحب كما يستحب في ليلة الجمعة وليلتي أول رجب ونصف شعبان.
2ً - الغسل والتطيب والاستياك ولبس الرجال أحسن الثياب، قياساً على الجمعة، وإظهاراً لنعمة الله وشكره. ويدخل وقت الغسل عند الشافعية بنصف الليل، وعند المالكية: بالسدس الأخير من الليل، ويندب كونه بعد صلاة الصبح، وعند الحنفية والحنابلة بعد الصبح قبل الذهاب إلى المصلى، وهو غسل عند الحنفية للصلاة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر (2)، وكان علي وعمر رضي الله عنهما يغتسلان يوم العيد.
وكان عليه السلام يتطيب يوم العيد، ولو من طيب أهله. وكان للنبي صلى الله عليه وسلم بردة حمراء يلبسها يوم العيد (3). وتخرج النساء كما بينا ببذلة بلا طيب خشية الافتتان بها.
ويتنظف ويتزين بإزالة الظفر والريح الكريهة كالجمعة، والإمام بذلك آكد؛ لأنه منظور إليه من بين سائر الناس.
(1) رواه الطبراني في الكبير عن عبادة بن الصامت، ورواه الدارقطني موقوفاً، قال النووي: وأسانيده ضعيفة. وأخرجه ابن ماجه عن أبي أمامة، وهو حديث حسن بلفظ:«من قام ليلتي العيد، محتسباً لله تعالى، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» .
(2)
رواه ابن ماجه عن ابن عباس، وهو ضعيف (نصب الراية: 85/ 1).
(3)
رواه البيهقي عن ابن عباس، ورواه ابن عبد البر وابن خزيمة في صحيحه عن جابر:«كان للنبي حلة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة» .
3ً - تبكير المأموم ماشياً إن لم يكن عذر إلى الصلاة بعد صلاة الصبح ولو قبل الشمس بسكينة ووقار: ليحصل له الدنو من الإمام من غير تخط للرقاب، وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه، لقول علي:«من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً» (1)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ركب في عيد ولا جنازة.
وأما الإمام فيسن له التأخر إلى وقت الصلاة، لحديث أبي سعيد عند مسلم:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به: الصلاة» .
ولا بأس بالركوب في العود، لقول علي:«ثم تركب إذا رجعت» ؛ لأنه غير قاصد إلى قربة. وقال الحنفية: لا بأس بالركوب في الجمعة والعيدين، والمشي أفضل في حق من يقدر عليه.
وعبر الحنفية عن هذا بمندوبين: التبكر: وهو سرعة الانتباه أول الوقت أو قبله لأداء العبادة بنشاط، والابتكار: وهو المسارعة إلى المصلى لينال فضيلته والصف الأول.
ويذهب الإمام وغيره ندباً إلى المصلى كمافي صلاة الجمعة من طريق، ويرجع من أخرى، اتباعاً للسنة، كما روى البخاري (2) لتشهد له الطريقان، أو لزيادة الأجر، ويخص الذهاب بأطولهما تكثيراً للأجر، ويرجع في أقصرهما.
ويندب للإمام الإسراع في الخروج إلى صلاة الأضحى والتأخر قليلاً في الخروج إلى صلاة الفطر، لما ورد مرسلاً من أمره صلى الله عليه وسلم بذلك، وليتسع الوقت للتضحية ولإخراج الفطرة، كما سبق.
(1) رواه الترمذي: وقال: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم.
(2)
رواه البخاري عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق» ورواه مسلم من حديث أبي هريرة.
4ً - أن يأكل في عيد الفطر قبل الصلاة، وأن يكون المأكول تمرات وتراً، ويؤخر الأكل في الأضحى حتى يرجع من الصلاة، والأكل في الفطر آكد من الإمساك في الأضحى، لحديث أنس:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات» (1) وزاد في رواية منقطعة «ويأكلهن وتراً» وحديث بريدة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل، وكان لا يأكل يوم النحر، حتى يصلي» (2) ليأكل من الأضحية إن ضحى، والأولى من كبدها؛ لأنه أسرع هضماً وتناولاً. فإن لم يضح خير عند الحنابلة بين الأكل قبل الصلاة وبعدها.
ويندب تأخير الأكل في الأضحى مطلقاً، ضحى أم لا.
5ً - أن يؤدي صدقة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة، ولا بأس بأدائها قبل العيد بأيام، تمكيناً للفقير من الانتفاع بها في العيد، قال ابن عباس: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرَّفَث، وطعْمه للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» (3).
6ً - التوسعة على الأهل، وكثرة الصدقة النافلة بحسب الطاقة زيادة عن عادته، ليغنيهم عن السؤال.
7ً - إظهار البشاشة والفرح في وجه من يلقاه من المؤمنين، وزيارة الأحياء من الأرحامـ والأصحاب، إظهاراً للفرح والسرور، وتوثيقاً لرابطة الأخوة والمحبة.
8ً - قال الحنفية: يندب صلاة الصبح في مسجد الحي، لقضاء حقه، ثم
(1) رواه البخاري (نصب الراية: 208/ 2).
(2)
رواه الترمذي وابن ماجه (المصدر السابق).
(3)
رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه: (نيل الأوطار: 4/ 184).