الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى، فإذا فعل العباد ذلك، تفضل عليهم خالقهم وأنعم عليهم بإنزال المطر، كما قص علينا القرآن الكريم من دعاء الأنبياء نوح وموسى وهود عليهم السلام لإغاثة أقوامهم، قال تعالى عن نوح:{فقلت: استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهاراً} [نوح:71/ 10 - 11 - 12] وقال عن موسى: {وإذ استسقى موسى لقومه، فقلنا: اضرب بعصاك الحجر .. } [البقرة:60/ 2] وقال عن موسى: {ويا قوم استغفروا ربكم، ثم توبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويزدكم قوة إلى قوتكم} [هود:52/ 11].
ثانياً ـ مشروعية صلاة الاستسقاء:
قال أبو حنيفة رحمه الله (1): ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإذا صلى الناس فرادى أو وُحداناً، جاز من غير كراهة؛ لأنها نفل مطلق، وإنما الاستسقاء: دعاء واستغفار؛ لأنه السبب لإرسال الأمطار، بلا جماعة مسنونة، وبلا خطبة، وبلا قلب رداء، وبلا حضور ذمي، لقوله تعالى:{فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً} [نوح:71/ 10]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى، ولم يرو عنه الصلاة.
ورد الحافظ الزيلعي فقال (2): أما استسقاؤه عليه السلام، فصحيح ثابت، وأما إنه لم يرو عنه الصلاة، فهذا غير صحيح، بل صح أنه صلى فيه، كما سيأتي، وليس في الحديث أنه استسقى، ولم يصل، بل غاية ما يوجد ذكر الاستسقاء، دون ذكر الصلاة، ولا يلزم من عدم ذكر الشيء عدم وقوعه.
(1) الكتاب مع اللباب:121/ 1 ومابعدها، مراقي الفلاح: ص93، فتح القدير:437/ 1، البدائع:282/ 1، الدر المختار:790/ 1ومابعدها.
(2)
نصب الراية:238/ 2.
وقال جمهور الفقهاء منهم الصاحبان (1): صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة حضراً وسفراً، عند الحاجة، ثابتة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، رضي الله عنهم. وتكرر في أيام ثانياً وثالثاً وأكثر، إن تأخر السقي، حتى يسقيهم الله تعالى، فإن الله يحب الملحين في الدعاء (2).
ودليل سنيتها أحاديث متعددة، منها حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الاستسقاء ركعتين، كصلاة العيد (3).
وحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في الاستسقاء «ثم نزل فصلى ركعتين
…
» (4) وحديث أبي هريرة وعبد الله بن زيد وعباد بن تميم عن عمه (5).
وإن تأهب الناس لصلاة الاستسقاء، فسقوا وأمطروا قبلها، صلوها عند المالكية لطلب سعة، واجتمعوا عند الشافعية (6) للشكر والدعاء، ويصلون صلاة الاستسقاء المعروفة شكراً أيضاً، على الصحيح، كما يجتمعون للدعاء ونحوه، والأصح أنه يخطب بهم الإمام أيضاً، ولو سقوا في أثنائها أتموها، جزماً.
وعند الحنابلة (7): لا يخرج الناس حينئذ للصلاة، وشكروا الله على نعمته،
(1) بداية المجتهد:207/ 1، القوانين الفقهية: ص87، الشرح الصغير:538/ 1، مغني المحتاج:321/ 1، المهذب:123/ 1، المغني:439/ 2 ومابعدها، كشاف القناع:74/ 2.
(2)
رواه ابن عدي والعقيلي عن عائشة، وضعفاه، وفي الصحيحين:«يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» .
(3)
أخرجه أصحاب السنن الأربعة (نصب الراية:239/ 2، نيل الأوطار:6/ 4).
(4)
رواه أبو داود (نيل الأوطار:3/ 4).
(5)
الأول رواه أحمد وابن ماجه، والثاني رواه أحمد، والثالث رواه أبو داود والترمذي والبخاري ومسلم، وهو صحيح (نيل الأوطار: 4/ 4، المجموع:65/ 5).
(6)
مغني المحتاج:321/ 1، الشرح الصغير:540/ 1 ومابعدها.
(7)
المغني:440/ 2.