الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن علي قال: «الوتر ليس بحتم كهيئة الصلاة المكتوبة، ولكنه سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم» (1).
ولأنه يجوز فعله على الراحلة من غير ضرورة، فأشبه السنن، وروى ابن عمر:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على بعيره» (2).
وهذا الرأي هو الحق؛ لأن أحاديث أبي حنيفة إن صحت فهي محمولة على التأكيد، وقد تكلم المحدثون فيها، فحديث «من لم يوتر فليس منا» فيه ضعيف، وحديث أبي أيوب «الوتر حق» وإن كان رواته ثقاتاً، فمحمول على تأكيد الاستحباب، لقول الإمام أحمد:«من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء، لا ينبغي أن تقبل له شهادة» .
2 - من يجب عليه الوتر عند أبي حنيفة:
الوتر عند أبي حنيفة كالجمعة والعيدين واجب على كل مسلم، ذكر أم أنثى، بعد أن يصبح أهلاً للوجوب، لحديث أبي أيوب السابق:«الوتر حق واجب على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليوتر، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة، فليوتر» (3).
وهو عند الجمهور سنة مؤكدة على كل مسلم.
3 - مقداره وكيفيته:
الوتر عند الحنفية ثلاث ركعات، لا يفصل بينهن بسلام، وسلامه في آخره،
(1) رواه أحمد والترمذي وحسنه.
(2)
متفق عليه.
(3)
أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد وابن حبان والحاكم، وقال: على شرطهما (نصب الراية: 112/ 2).
كصلاة المغرب، حتى لو نسي قعود التشهد الأول، لا يعود إليه، ولو عاد فسدت الصلاة. لحديث عائشة:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث، لا يسلم إلا في آخرهن» (1).
ولا يجوز بدون نية الوتر، فينويه ثلاث ركعات، ويقرأ الفاتحة وسورة في الركعات الثلاث، ويتشهد تشهدين: الأول والأخير، ولا يقرأ دعاء الاستفتاح في بداية الركعة الثالثة، ويكبر ويرفع يديه ثم يقنت بعد القراءة قبل ركوع الثالثة، وبانتهائه يسلم يميناً وشمالاً، ففيه تكبيرة إحرام واحدة وسلام واحد.
وقال المالكية: الوتر ركعة واحدة، يتقدمها شَفْع، (سنة العشاء البعدية). ويفصل بينهما بسلام، يقرأ فيها بعد الفاتحة: الإخلاص والمعوذتين.
وكذلك قال الحنابلة (2): الوتر ركعة، قال أحمد: إنا نذهب في الوتر إلى ركعة، وإن أوتر بثلاث أو أكثر فلا بأس.
وقال الشافعية: أقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة، والأفضل لمن زاد على ركعة الفصل بين الركعات بالسلام، فينوي ركعتين من الوتر ويسلم، ثم ينوي ركعة من الوتر ويسلم، لما روى ابن حبان:«أنه صلى الله عليه وسلم كان يفصل بين الشفع والوتر» .
ودليل المالكية والحنابلة وهو دليل الشافعية على أقل الوتر: خبر مسلم عن ابن عمر وابن عباس: «الوتر ركعة من آخر الليل» وروى أبو داود من حديث أبي أيوب السابق: «من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل» ، وفي صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس:«أنه صلى الله عليه وسلم أوتر بواحدة» .
(1) رواه الحاكم، وقال: إنه على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه، ورواه النسائي بلفظ:«كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسلم في ركعتي الوتر» ، وروي مثله عن ابن مسعود وابن عباس (نصب الراية: 118/ 2 ومابعدها).
(2)
المغني: 150/ 2
وأدنى الكمال ثلاث، وأكمل منه خمس، ثم سبع، ثم تسع، ثم إحدى عشرة فأكثره إحدى عشرة للأخبار الصحيحة، منها خبر عائشة:«ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة» فلا تصح الزيادة عليها كسائر الرواتب. وفي رواية لمسلم عن عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشر ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خِفْت الصبح، فأوتر بواحدة» (1).
والوتر بخمس ثابت في حديث أبي أيوب السابق: «الوتر حق واجب على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليوتر .. » ، وروي عن زيد بن ثابت: أنه كان يوتر بخمس، لا ينصرف إلا في آخرها. وفي حديث عائشة المتفق عليه:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لايجلس في شيء منها إلا في آخرها» وروي مثل ذلك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (2)، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا توتروا بثلاث، أو تروا بخمس أو سبع، ولاتشبَّهوا بصلاة المغرب» (3).
والوتر بسبع أو تسع ثبت في حديث عائشة عند مسلم وأبي داود، وأيدها بذلك ابن عباس.
والوتر بإحدى عشرة ثبت أيضاً في حديث عائشة المتقدم في الصحيحين.
قال أحمد رحمه الله: الأحاديث التي جاءت «أن النبي صلى الله عليه وسلم أو تر بركعة» كان قبلها صلاة متقدمة.
(1) متفق عليه.
(2)
انظر المغني: 159/ 2.
(3)
رواه الدارقطني بإسناده، وقال: كلهم ثقات (نيل الأوطار: 35/ 3).