الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً ـ ما ينبغي للمصاب والثواب على المصيبة
(1):
ينبغي للمصاب أن يستعين بالله تعالى ويتعزى بعزائه، ويمتثل أمره في الاستعانة بالصبر والصلاة، ويتنجز ما وعد الله به الصابرين حيث يقول سبحانه:{وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات} ـ أي مغفرة ـ {من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة:155/ 2 - 156 - 157].
وعليه يسن للمصاب أن يسترجع، فيقول:{إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة:156](أي نحن عبيده يفعل بنا ما يشاء، ونحن مقرّون بالبعث والجزاء على أعمالنا) و «اللهم أْجُرْني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها» ، ويصلي ركعتين، كما فعل ابن عباس، وقرأ {واستعينوا بالصبر والصلاة} [البقرة:45/ 2]، وقال حذيفة:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حَزَ به أمر صبر» (2) وروى مسلم عن أم سلمة مرفوعاً: «إذا حضرتم المريض أو الميت، فقولوا خيراً، فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون» فلما مات أبو سلمة قال: «قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني عقبة حسنة» (3).
ويسن للمصاب أن يصبر، والصبر: الحبس، قال تعالى:{واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال:46/ 8]، وقال صلى الله عليه وسلم:«والصبر ضياء» (4).
(1) الدر المختار:841/ 1، الشرح الصغير:561/ 1، المجموع:274/ 5، كشاف القناع:187/ 2.
(2)
رواه أحمد وأبو داود. وحز به الأمر: نابه واشتد عليه، أو ضغطه.
(3)
روى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرْني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف له خيراً منها، قالت: فلما مات أبو سلمة: قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخلف لي خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(4)
رواه مسلم من حديث أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه بلفظ: «الطُّهور شطر الإيمان .. » .
وفي الصبر على موت الولد أجر كبير، لأخبار، منها ما في الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لايموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار، إلا تحلَّة القسم» يشير إلى قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} [مريم:71/ 19] والصحيح: أن المراد به المرور على الصراط.
وأخرج البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن من جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه، إلا الجنة» .
وثبت في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال:«أرسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه تدعوه وتخبره أن صبياً لها أو ابناً في الموت، فقال للرسول: ارجع إليها، فأخبرها أن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب» (1).
والثواب على المصيبة: في الصبر عليها، لا على المصيبة نفسها، فالمصائب نفسها لا ثواب فيها، لأنها ليست من كسب العبد وإرادته، وإنما يثاب على كسبه، والصبر من كسبه أو فعله. وهذا قول الحنابلة والعز بن عبد السلام.
والرضا بالقضاء والقدر فوق الصبر، فإنه يوجب رضا الله سبحانه وتعالى.
وصرح الشافعي رحمه الله بأن كلاً من المجنون والمريض المغلوب على عقله مأجور، مثاب، مكفر عنه بالمرض، فحكم بالأجر مع انتفاء العقل المستلزم لانتفاء الصبر،
ويؤيده خبر الصحيحين: «ما يصيب المسلم من نَصَب - تعب - ولا
(1) وروى الترمذي عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ولد العبد، قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده: فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.