الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويشترط عند الشافعية والحنابلة ألا يقصد بركوعه غيره، فلو هوى للتلاوة، فجعله ركوعاً، لم يكفه.
الاطمئنان في الركوع:
أقل الاطمئنان في الركوع: هو أن يمكث في هيئة حتى تستقر أعضاؤه راكعاً قدر تسبيحة في الركوع والسجود وفي الرفع منهما. وهو واجب عند الحنفية كما بينا لقوله تعالى: {اركعوا واسجدوا} [الحج:22/ 77] ولم يذكر الطمأنينة، وفرض عند الجمهور كما أشرنا، لحديث المسيء صلاته:«ثم اركع حتى تطمئن راكعاً» وروى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قيل: وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها ولاخشوعها» (1)، وقال أيضاً:«لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه فيها في الركوع والسجود» (2). إلا أن أبا حنيفة ومحمد قالا: هذه الأحاديث أخبار آحاد، فلا يزاد بها فرض على النص القرآني {اركعوا واسجدوا} [الحج:77/ 22] لئلا يلزم منه نسخ المتواتر بالآحاد؛ لأن الزيادة على النص نسخ عندهم. وقال أبو يوسف الاطمئنان فريضة.
الركن الخامس ـ الرفع من الركوع والاعتدال:
قال أبو حنيفة ومحمد (3): القيام من الركوع والاعتدال (الاستواء) والجلوس بين السجدتين واجب لا ركن؛ لأنه من مقتضيات الطمأنينة (تعديل الأركان)، ولقوله تعالى:{اركعوا واسجدوا} [الحج:77/ 22] ويحصل
(1) رواه أحمد والحاكم عن أبي قتادة الطيالسي، ورواه أيضاً أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري (نيل الأوطار:268/ 2).
(2)
رواه البخاري.
(3)
رد المختار:433 - 432/ 1، فتح القدير:1/ 210 ومابعدها.
الركوع بمجرد الانحناء ولم يأمر الله به وإنما أمر بالركوع والسجود والقيام، فلا يفرض غيره، ولمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الاعتدال قائماً، وللأمر به في حديث المسيء صلاته:«ثم ارفع حتى تعتدل قائماً» وهذا يدل على الوجوب لثبوته بخبر آحاد، فلو تركه أو ترك شيئاً منه ساهياً، يلزمه سجود السهو، ولو تركه عمداً كره أشد الكراهة، ويلزمه أن يعيد الصلاة في الوقت، وتكون الإعادة جبراً للأولى؛ لأن الفرض لا يتكرر.
هذا ويلاحظ أن المشهور في مذهب الحنفية هو القول بسنية القيام من الركوع والجلسة بين السجدتين وتعديلهما، وروي وجوبها، وهو الموافق للأدلة. وهو الصواب وقول الكمال بن الهمام ومن بعده من متأخري الحنفية.
وقال أبو يوسف والأئمة الآخرون (1): الرفع من الركوع والاعتدال قائماً مطمئناً ركن أو فرض في الصلاة، وهو أن يعود إلى الهيئة التي كان عليها قبل الركوع، سواء أكان قائماً أم قاعداً، أو يفعل مقدوره إن عجز. ولا يقصد غيره، فلو رفع فَزَعاً (خوفاً) من شيء كحية، لم يكف رفعه لذلك عن رفع الصلاة، كما صرح الشافعية.
وإذا سجد ولم يعتدل، لم تصح وبطلت صلاته، لتركه ركناً من أركان الصلاة. لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته:«ثم ارفع حتى تعتدل قائماً» وداوم النبي على فعله، وقال:«صلوا كما رأيتموني أصلي» ، ونفى النبي صلى الله عليه وسلم كون ما فعل المسيء صلاة، فدل كل ذلك على أن الاعتدال والطمأنينة ركن، ويدخل فيه الرفع من الركوع لاستلزامه له.
(1) رد المختار: المكان السابق، اللباب: 1/ 73، القوانين الفقهية: ص62، الشرح الصغير: 1/ 313، 328، مغني المحتاج: 1/ 165ـ170/ المهذب: 1/ 75، المغني: 1/ 508، 514، 516، كشاف القناع: 1/ 452، بداية المجتهد: 1/ 130.