الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتبطل الصلاة بالنفخ إن بان منه حرفان، لقول ابن عباس السابق:«من نفخ في صلاته فقد تكلم» وبالنحيب (هو رفع الصوت بالبكاء) إذا بان منه حرفان، لا من خشية الله، وبالتنحنح من غير حاجة، فبان منه حرفان، فإن تنحنح لحاجة لم تبطل.
وأجاز الحنابلة القراءة في أثناء الصلاة في المصحف، ويكره ذلك لمن يحفظ؛ لأنه يشغل عن الخشوع والنظر إلى موضع السجود لغير حاجة، كما يكره في الفرض على الإطلاق؛ لأن العادة أنه لا يحتاج إلى ذلك فيها، وتباح في غير هذين الموضعين للحاجة إلى سماع القرآن والقيام به. والدليل على الجواز أن «عائشة كان يؤمها عبد لها في المصحف» (1)، وسئل الزهري عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف؟ فقال: كان خيارنا يقرؤون في المصاحف.
الفتح على غير الإمام وعلى الإمام:
أي إرشاده إلى الصواب في القراءة. تبطل الصلاة بإرشاد المأموم غير إمامه إلى صواب القراءة لأنه تعليم وتعلم، فكان من جنس كلام الناس، أما إرشاد المأموم إمامه ففيه تفصيل بين الفقهاء:
قال الحنفية (2): إذا توقف الإمام في القراءة أو تردد فيها، قبل أن ينتقل إلى آية أخرى، جاز للمأموم أن يفتح عليه أي يرده إلى الصواب، وينوي الفتح على إمامه دون القراءة على الصحيح؛ لأنه مرخص فيه، أما القراءة خلف الإمام فهي ممنوعة مكروهة تحريماً. فلو كان الإمام انتقل إلى آية أخرى، تفسد صلاة الفاتح، وتفسد صلاة الإمام لو أخذ بقوله، لوجود التلقين والتلقن من غير ضرورة.
وينبغي للمقتدي ألا يعجل الإمام بالفتح، ويكره
(1) رواه أبو بكر الأثرم وابن أبي داود عن عائشة.
(2)
فتح القدير: 283/ 1 وما بعدها، الدر المختار: 581/ 1 وما بعدها.
له المبادرة بالفتح، كما يكره للإمام أن يلجئ المأموم إليه، بل يركع حين الحرج إذا جاء أوان التردد في القراءة، أو ينتقل إلى آية أخرى.
وتبطل الصلاة إن فتح المأموم على غير إمامه إلا إذا قصد التلاوة لا الإرشاد، ويكون ذلك مكروهاً تحريماً.
كما تبطل الصلاة بإرشاد غير المصلي له، أو بامتثال أمر الغير، كأن يطلب منه غيره سد فرجة، فامتثل وسدها، وإنما ينبغي أن يصبر زمناً ثم يفعل من تلقاء نفسه.
ودليل جواز الفتح على الإمام: حديث المُسَوَّر بن يزيد المكي قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فترك آية، فقال له رجل: يا رسول الله، آية كذا وكذا، قال: فهلاّ ذكّرْتنيها؟» (1) وحديث ابن عمر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة، فقرأ فيها، فَلَبَس عليه، فلماانصرف، قال لأبي: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك؟» (2).
وقال المالكية (3): تبطل الصلاة بالفتح على غير الإمام سواء من المصلي أو من غيره، بأن سمعه يقرأ، فتوقف في القراءة، فأرشده للصواب؛ لأنه من باب المكالمة، أما الفتح على الإمام إذا وقف وتردد في القراءة، ولو في غير الفاتحة فجائز لا يبطل الصلاة، بل هو واجب، فإن وقف ولم يتردد كره الفتح عليه.
وقال الشافعية (4): الفتح على الإمام: هو تلقين الآية عند التوقف فيها. ويفتح عليه إذا سكت، ولا يفتح عليه ما دام يردد التلاوة وسؤال الرحمة
(1) ر واه أبو داود وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه (نيل الأوطار: 322/ 2).
(2)
رواه أبو داود (المصدر السابق).
(3)
الشرح الصغير:347/ 1، القوانين الفقهية: ص 74.
(4)
مغني المحتاج:158/ 1 0
والاستعاذة من عذاب، لقراءة آيتهما. والفتح في حالة السكوت لا يقطع في الأصح موالاة قراءة المأموم، أما في حالة التردد فيقطع موالاة قراءته، ويلزمه استئناف القراءة.
ولا بد لمن يفتح على إمامه أن يقصد القراءة وحدها أو يقصدها مع الفتح، فإن قصد الفتح وحده، أو لم يقصد شيئاً أصلاً، بطلت صلاته على المعتمد. أما الفتح على غير إمامه فيقطع موالاة القراءة.
وقال الحنابلة (1): للمصلي أن يفتح على إمامه إذا أُرْتِج عليه (منع من القراءة) أو غلط في قراءته، فرضاً كانت الصلاة أو نفلاً. ويجب الفتح على إمامه إذا أرتج عليه أو غلط في الفاتحة، لتوقف صحة صلاته على ذلك، كما يجب تنبيهه عند نسيان سجدة ونحوها من الأركان.
وإن عجز المصلي عن إتمام الفاتحة بالإرتاج عليه، فكالعاجز عن القيام في أثناء الصلاة، يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما عجز عنه، ولا يعيدها.
وقال ابن قدامة في المغني: والصحيح أنه إذا لم يقدر على قراءة الفاتحة فإن صلاته تفسد؛ لأنه قادر على الصلاة بقراءتها، فلم تصح صلاته بدون ذلك، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» .
ويكره للمصلي الفتح على من هو في صلاة أخرى، أو على من ليس في صلاة؛ لأن ذلك يشغله عن صلاته، ولا تبطل صلاته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن في الصلاة لشغلاً» (2).
(1) كشاف القناع: 442/ 1، المغني: 56/ 2 - 60.
(2)
رواه البخاري ومسلم أبو داود وأحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه عن ابن مسعود، وهو صحيح.