الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشافعية: يكبر المسبوق ويقرأ الفاتحة، وإن كان الإمام في تكبيرة أخرى غير الأولى، فإن كبر الإمام تكبيرة أخرى قبل شروع المأموم في الفاتحة بأن كبر عقب تكبيره، كبر معه، وسقطت القراءة، وتابعه في الأصح، كما لو ركع الإمام عقب تكبير المسبوق، فإنه يركع معه، ويتحملها عنه. وإذا سلم الإمام وجب على المسبوق تدارك باقي التكبيرات بأذكارها.
وقال الحنابلة: من فاته شيء من التكبير قضاه متتابعاً، فإن سلم مع الإمام ولم يقض، فلا بأس وصحت صلاته، أي أن المسبوق بتكبير الصلاة في الجنازة يسن له قضاء ما فاته منها على صفته، عملاً بقول ابن عمر: إنه لا يقضي.
ولما روي عن عائشة أنها قالت: «يا رسول الله، إني أصلي على الجنازة، ويخفى علي بعض التكبير؟ قال: ما سمعت فكبري، وما فاتك فلا قضاء عليك» (1).
فإن خشي المسبوق رفع الجنازة، تابع بين التكبير من غير قراءة ولا صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا دعاء للميت، سواء رفعت الجنازة أم لا.
ومتى رفعت الجنازة بعد الصلاة عليها لم توضع لأحد يريد أن يصلي عليها، تحقيقاً للمبادرة إلى مواراة الميت، أي يكره ذلك.
سابعاً ـ شروط الصلاة على الميت:
يشترط في المصلي لصحة صلاة الجنازة شروط الصلاة (2) من إسلام وعقل وتمييز وطهارة وستر عورة (مع أحد العاتقين عند الحنابلة) وطهارة أو اجتناب نجاسة في البدن والثوب والمكان، واستقبال القبلة، والنية، وغيرها من الشروط إلا
(1) ذكر الحديث في المغني وكشاف القناع، المكان السابق.
(2)
رد المحتار:811/ 1، القوانين الفقهية: ص95، مغني المحتاج:344/ 1، كشاف القناع:134/ 2،136، المهذب:132/ 1،135، بداية المجتهد:235/ 1، الشرح الصغير:574/ 1.
الوقت، لأنها صلاة، فهي كغيرها من الصلوات، سوى الوقت، والجماعة فلا يشترطان فيها، أما الوقت فمطلق غير مقيد بزمن معين، وأما الجماعة فلا تشترط فيها كالمكتوبة، بل تسن لخبر مسلم:«ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه» ويسقط فرض الصلاة بواحد؛ لأن الجماعة لا تشترط فيها، ولا يسقط الفرض بالنساء، وهناك رجال، في الأصح عند الشافعية؛ لأن فيه استهانة بالميت.
وإنما صلت الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم فرادى (1) ـ كما رواه البيهقي وغيره ـ لعظم أمره، وتنافسهم في ألا يتولى الإمامة في الصلاة عليه أحد، أو لأنه لم يكن قد تعين إمام يؤم القوم، فلو تقدم واحد في الصلاة، لصار مقدماً في كل شيء وتعين للخلافة.
ويشترط على المذهب عند الشافعية ألا يتقدم المصلي على الجنازة الحاضرة، ولا على القبر إذا صلي عليه، اتباعاً لفعل السلف، ولأن الميت كالإمام.
ويشترط في الميت لفرضية الصلاة عليه ما يأتي (2):
1ً - أن يكون الميت مسلماً: ولو بطريق التبعية لأحد أبويه، أو للدار، فلا يصلى على كافر أصلاً لقوله تعالى:{ولا تصل على أحد منهم مات أبداً} [التوبة:9/ 84]، ويصلى على سائر المسلمين من أهل الكبائر والمرجوم في الزنا وغيرهم.
2َ - أن يكون جسده هو أو أكثره موجوداً، وهذا شرط عند الحنفية والمالكية. فلا يصلى على عضو.
(1) أي جماعات بعد جماعات.
(2)
الدر المختار ورد المحتار:811/ 1 - 813، القوانين الفقهية: ص 93 ومابعدها، مراقي الفلاح: ص98، المهذب:132/ 1، المجموع:165/ 5، كشاف القناع:126/ 2، المغني:558/ 2 وما بعدها.
3ً - أن يكون حاضراً موضوعاً على الأرض أمام المصلي، في اتجاه القبلة: وهذا شرط عند الحنفية، فلا يصلى على غائب، محمول على نحو دابة، وموضوع خلف الإمام، ووافقهم المالكية على اشتراط كون الميت حاضراً.
وأما الصلاة على النجاشي فهي خصوصية له. وأما وضع الميت أمام المصلي فمندوب عند المالكية. وتجوز الصلاة عند الشافعية والمالكية على الميت المحمول على دابة أو أيدي الناس أو أعناقهم.
4ً - أن يكون قبل الصلاة عليه معلوم الحياة: وهذا شرط عند الجمهور خلافاً للحنابلة، فلا يصلى على مولود ولا سِقْط، إلا إن علمت حياته بارتضاع أو حركة، أو يستهل صارخاً، كما سأبين.
5ً - طهارة الميت: فلا تجوز الصلاة عليه قبل الغسل أو التيمم.
6ً - ألا يكون شهيداً: وهو من مات في معترك الجهاد، وهذا شرط عند الجمهور، فلايغسل ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ويدفن بثيابه، وينزع عنه السلاح. وقال الحنفية: يكفن الشهيد ويصلى عليه، ولا يغسل. فإن قتل المسلم في غير الجهاد ظلماً أو أخرج من المعترك حياً، ولم تنفذ مقاتله، ثم مات، غسل، وصلي عليه في المشهور عند المالكية، ولدى بقية الفقهاء.
ومن قتل في المعترك في قتال المسلمين غسل وصلي عليه عند المالكية والشافعية، وقال الحنفية كما أبنت: لا يغسل ولا يصلى عليه. وقال الحنابلة: يغسل الباغي ويكفن ويصلى عليه، وأما أهل العدل فلا يغسلون ولا يكفنون ولا يصلى عليهم؛ لأنهم كالشهداء في معركة المشركين (1).
(1) الكتاب مع اللباب:136/ 1، القوانين الفقهية: ص94، مغني المحتاج:350/ 1، المغني:534/ 2.