الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن ـ صلاة الجنازة، وأحكام الجنائز والشهداء والقبور
وفيه أربعةمطالب، علماً بأن المراد بالجنازة ـ بفتح الجيم أو كسرها ـ الميت في النعش:
المطلب الأول ـ ما يطلب من المسلم قبل الموت، وما يستحب حالة الاحتضار وبعد الموت من التجهيز.
المطلب الثاني ـ حقوق الميت (الغسل، والتكفين، والصلاة عليه، وحمل الجنازة والدفن).
المطلب الثالث ـ التعزية والبكاء على الميت.
المطلب الرابع ـ الشهادة في سبيل الله.
وفي كل مطلب فروع كثيرة، أبحث كل مطلب منها على حدة.
المطلب الأول ـ مايطلب من المسلم قبل الموت، وما يستحب حالة الاحتضار وبعد الموت من التجهيز:
الاستعداد للموت:
الموت جسر بين حياتين: حياة الدنيا الفانية، وحياة الآخرة الخالدة، والدنيا مزرعة للآخرة، فمن عمل صالحاً في دنياه، نجا من سوء الحساب والعذاب في الآخرة، وكان من الخالدين في جنان الله، ومن عمل سوءاً كان من المعذبين في نار جهنم إلا أن يعفو الله عنه.
والموت انتقال من عالم لآخر، وليس فناء، وإنما هو مفارقة الروح للبدن، والروح عند جمهور المتكلمين: جسم لطيف مشتبك بالبدن اشتباك الماء بالعود الأخضر، وهو باق لايفنى عند أهل السنة. وقوله تعالى:{الله يتوفى الأنفس حين موتها} [الزمر:39/ 42] تقديره عند موت أجسادها.
والمستحب لكل إنسان ذكر الموت والاستعداد له (1)، لقوله صلى الله عليه وسلم:«أكثروا من ذكر هاذم اللذات» (2) يعني الموت، والهاذم: القاطع. زاد البيهقي والنسائي: «فإنه ما ذكر في كثير إلا قلله، ولا قليل إلا كثره» أي كثير من الدنيا، وقليل من العمل. ولحديث ابن مسعود:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: استحيوا من الله حق الحياء، قالوا: نستحيي يانبي الله، والحمد لله، قال: ليس كذلك، ولكن من استحيا من الله حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، ومن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء» (3).
والاستعداد للموت: بالخروج من المظالم، والتوبة من المعاصي، والإقبال على الطاعات، لقوله تعالى:{فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً، ولايشرك بعبادة ربه أحداً} [الكهف:18/ 110] ولما روى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر جماعة يحفرون قبراً، فبكى حتى بلَّ الثرى بدموعه، وقال:«إخواني لمثل هذا فأعدوا» (4) أي تأهبوا واتخذوا له عُدة، وهي ما يعد للحوادث.
(1) المهذب:126/ 1، مغني المحتاج:329/ 1، كشاف القناع:87/ 2، المغني:448/ 2.
(2)
رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر بلفظ «أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت» ورواه الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، ورواه آخرون عن أنس، وهو صحيح.
(3)
رواه الترمذي بإسناد حسن.
(4)
رواه ابن ماجه بإسناد حسن.