الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدر ذلك فأَسلَموا، وأنَّ العَطشانَ يُقدَّمُ على الجُنُب، وجوازُ تأخيرِ الصَّلاة الفائِتَةِ بالنَّومِ، وجوازُ الحَلِف بدونِ الاستِحلاف.
* * *
7 - بابٌ إِذَا خَاف الجُنُبُ عَلَى نَفْسِهِ المَرَضَ أَوِ المَوْتَ أَوْ خَاف العَطَشَ تَيَمَّمَ
ويُذْكَرُ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدهٌ فتيمَّمَ وَتَلَا: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُعَنِّفْ.
(باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت): المرضُ يشملُ ما كان فيه تلَفٌ وغيرُه، كزيادة في المرضِ أو نحوِه على ما فُصِّل في الفِقه؛ لعمومِ قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43]، وقال مالكٌ: لا يتيمَّمُ لِمَرضٍ إلا إن خافَ التَّلفَ، وقال الحسَنُ: لا يُستباحُ تيمُّم بمرضٍ أصلًا.
(ويذكر) تعليقٌ بصيغةِ تَمريضٍ، وقد وصَلَه الدَّارَقطنِيُّ، وكذا رواه أبو داودَ، وابنُ حبَّان، والحاكمُ، لكنْ من غيرِ ذِكرِ التيمُّمِ، وهذه القِصَّة كانت في غزوةِ ذاتِ السَّلاسلِ.
(أجنب) بفتح الهمزة.
(ولم يعنفه)؛ أي: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَمْرًا.
ووجهُ الدَّليل: أنَّه قد يؤدي للهلاكِ، وقد نهَى الله عمَّا يوجِبُ الهلاكَ، وعدمُ التَّعنيفِ تقريرٌ، فيكونُ حُجَّةً على تيمُّمِ الجُنُب.
* * *
345 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -هُوَ غُنْدَر-، عَنْ شُعْبةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ أبو مُوسَى لِعَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا لَمْ يَجدِ المَاءَ لَا يُصَلِّي، قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ رَخَّصْتُ لَهُمْ فِي هَذَا، كَانَ إِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمُ البَرْدَ قَالَ: هَكَذَا -يَعْنِي تَيَمَّمَ وَصَلَّى- قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ قَوْلُ عَمَّارٍ لِعُمَرَ؟ قَالَ: إِنِّي لَمْ أَرَ عُمَرَ قَنِعَ بِقَوْلِ عَمَّارٍ.
الحديث الأول:
(سليمان)؛ أي: الأَعمَش.
(أبو وائل) شقيقُ بنُ سَلَمَة.
(إذا لم يجد)؛ أي: الجُنُب، وهو استفهامٌ من عبد الله لأبي موسى وسؤال.
(وفي هذا)؛ أي: في جَوازِ التيمُّمِ للجُنُب.
(معنى تيمم وصلي) تفسير لقوله: (قال هكذا).
قلتُ: هو من مَقولِ أبي موسى.
(أين قول عمار)؛ أي: قولُه: (كنا في سَفرة فأجنَبتُ فتَمَعَّكتُ)،
وقد سَبق حديثُه بطوله، وإنَّما لم يقنَع عمَرُ بقَولِ عمَّارٍ؛ لأنَّه كان حاضِرًا معه في تلك السَّفرة، ولم يذكُر القِصَّة، فارتابَ في ذلك.
* * *
346 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يجِدْ مَاءً كيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجدَ المَاءَ، فَقَالَ أبو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بقَوْلِ عَمَّارٍ حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (كَانَ يَكْفِيكَ)؟ قَالَ: ألمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَو مُوسَى: فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الآيَةِ؟ فَمَا دَرَى عَبْدُ اللهِ مَا يَقُولُ، فَقَالَ: إِنَّا لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَى أَحَدِهِمُ المَاءُ أَنْ يَدَعَهُ وَتتَيَمَّمَ، فَقُلْتُ لِشَقِيقٍ: فَإِنَّمَا كَرِهَ عَبْدُ اللهِ لِهَذَا، قَالَ: نعمْ.
الحديث الثاني:
(عن أبيه)؛ أي: حفصِ بنِ غياثٍ.
(أرأيت)؛ أي: أخبِرْني.
(يا أبا) قد تُحذَفُ هَمزتُه تَخفيفًا، وهو كُنيةُ عبدِ الله.
(يكفيك)؛ أي: مسحُ الوَجهِ واليَدَين.
(فدعنا)؛ أي: اُترُكنا، أي: اِقطع النَّظَر عن قَول عمَّارٍ، فما تقولُ
فيما وَرَد في القرآن: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].
(فما أدري)؛ أي: فلم يَعرفْ عبدُ الله ما يقولُ في تَوجيهِ الآية على وِفقِ فَتواه، فـ (ما) استِفهاميَّة، ولعلَّ المَجلِسَ ما كان يقتَضِي تطويلَ المُناظَرة، وإلا فله أن يقولَ: المُرادُ بالمُلامَسةِ في الآية تلاقي البَشَرتَين بلا جِماعٍ، وجُعِلَ التيمُّمُ بدَلًا من الوضوءِ، فلا يدلُّ على جوازِه للجُنُب.
(لأوشك)؛ أي: قَرُبَ وأسرع، ففيه ردٌّ على من زَعَم أنَّه لا يقالُ إلا: يُوشِكُ -مُضارِعًا-.
(بَرد) بفتح الباء والراء، وحَكَى الجَوهَرِيُّ ضَمَّها، ووجهُ المُلازَمَة في تيمُّم الجُنُب، والتيمُّمِ للبَردِ؛ اشتراكُهُما في عَدمِ القُدرة على استِعمال الماء؛ لأنَّه إمَّا بفَقدِه، وإما بتعذُّرِ استِعماله.
(فقلت)؛ أي: قالَ الأعمشُ: فقلت لشَقيقٍ.
(ولهذا) هو عَطْفٌ على مقولاتِه المُقدَّرة، أي: كذا وكذا أيضًا، ففيهِ جوازُ المناظَرةِ والانتقالِ فيها من حُجَّةٍ إلى حُجَّةٍ، وجوازُ الاجتهاد.
قال (خ): ظاهرُ هذه المُناظرةِ يأتي على إهمالِ حُكمِ الآية، وأيّ عذر من أنَّ بعضَ النَّاس قد يَستعمِلُها على وجهها، وفي غيرِ حينها؟ ووجهُ ما قال عبدُ الله بِما ظاهرُه إبطالُ الرُّخصة مع ما به من إسقاطِ الصَّلاة عمَّن خُوطِبَ بِها؛ أنَّه إنَّما تأولَ المُلامسةَ على غيرِ الجِماع، إذ لو أرادَ الجِماعَ لكان فيه مخالفةُ الآية صريحًا، وذلك مما لا يجوزُ من