الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
كِتاب مواقيتِ الصَّلاة
1 - بابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَفَضْلِهَا
وَقَوْلهِ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} ، وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ.
(كتاب مَواقِيْت الصَّلاة)
(موقوتًا موقتًا وقته)؛ أي: بالتَّشديد، أي: حدَّده بأوقاتٍ، فهو تفسيرٌ للثُّلاثيِّ بالرُّباعي كما نقله (ش)، عن السَّفَاقُسِي من قوله: رويناه بالتَّشديد، وهو في اللُّغة بالتَّخفيف بدليل: مَوقوتًا، ولم يقل: مُوَقَّتًا؛ [و] فيه نظَرٌ؛ لأَنَّ التَّشديد لا يُنافي اللُّغة، ولهذا فسَّر به البُخاريُّ الآيةَ.
* * *
521 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأخْبَرَهُ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَهْوَ بِالْعِرَاقِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟!
أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم نزلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:"بِهَذَا أُمِرْتُ"؟
فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ: اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ، أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقْتَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ.
(العراق)؛ أي: عِراق العرَب من عَبَّادان للمَوصل طُولًا، ومن القادسيَّة لحُلْوان عَرْضًا.
(أبو مسعود) عُقْبة بن عمْرو.
(الصَّلاة) هي العَصْر كما سيَأتي في (باب بَدْء الخَلْق).
(ما هذا)؛ أي: التَّأخير.
(أليس) كذا الرِّواية، والأَفصح: أَلسْتَ، ورواه البُخاريُّ في غزوة بدر:(لقَدْ عَلِمْتَ).
(ثم صلى فصلى) عطَفَ في صلاة جبريل بـ (ثُمَّ)؛ لأنَّها مُتراخيةٌ عمَّا قبلَها، وفي النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالفاء؛ لأنَّها مُتعقِّبةٌ لصلاة جبريل.
واعلم أنَّ هذا السِّيَاق يقتضي عدَمَ اتصال الإسناد؛ لأَنَّ أبا مَسعود لم يقُلْ شاهدتُ، ولا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال ذلك.
قال (ن): في (صَلَّى فَصَلَّى): إنَّ معناه: كلَّما فَعَل جُزءًا فعلَه
النبيُّ صلى الله عليه وسلم، حتَّى تكاملت صلاتُه.
قال (ش): كذا ثبَتَ من خارجٍ أنَّه صلَّى معَه، وجِبْريل هو الإِمام إن، ويحتمل أن صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعدَ فَراغ جِبْريل.
(بهذا)؛ أي: بأَداء الصَّلاة في هذه الأَوقات.
(أُمرت) رُوي بضَمِّ التَّاء، أي: أن أُصلِّيَ بك، وبفتحها، أي: شُرِع لك.
(اعلم) بلفظ الأَمر، تَنبيهٌ من عُمر على إِنكاره إيَّاه.
(أَوَإنَّ) بفتح الواو للعطف، والهمزةُ للاستفهام، وإنَّ بالكسر الأَجْود، وتُفتح على تقدير: أَوَعَلِمتَ، أو حديث:(إِنَّ جِبْريلَ نزَلَ) قد بيَّن ذلك في رواية أبي داود، وابن حِبَّان.
(بشير) بفتح المُوحَّدة وكسر المُعجَمَة: وُلِدَ في حياة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
* * *
522 -
قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثتنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ في حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ.
(قال عروة) إمَّا مَقول ابن شِهَاب، أو تعليقٌ من البُخاري.
(تظهر)؛ أي: تَعْلُو مِن قاعة الدَّار إلى سَقْف الجِدار، وقيل: أرادتْ تَعلُو على البُيوت، فكُنِّي بالشَّمس عن الفَيء؛ لأنَّه عنها يكُون، ومن الظُّهور بمعنى العُلُوِّ قوله تعالى:{وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف:33].
قال (ط): إِنكار عُروة على عُمر تأخيرَ الصَّلاة عن الوقْت الأَفضل لا التَّأخير حتَّى خرَج الوقت؛ لأنَّ ذلك مُمتنِعٌ، ولفظة:(يَوْمًا)، يدلُّ على أنَّه كان نادرًا مِن فِعْلِه، وهذه الصَّلاة كانت العصر، يدلُّ عليه: (ولَقَدْ حدَّثتْني عائِشَةُ
…
) إلى آخِرهِ.
وفيه المُبادرة بالصَّلاة أولَ الوقْت، ودُخول العُلماء على الأمراء، وإنكارُهم عليهم ما يُخالف السُّنَّة، ومُراجَعة العالِم لطلَب البَيان، والرُّجوعُ عند التَّنازع إلى السُّنَّة، وأنَّ الحُجَّة في الحديث المُسنَد دون المَقطوع؛ فإنَّه لمَّا أسندَه إلى بشير قَنِعَ به.
قال: وهذا الحديث يُعارِض ما رَوَتْ من إمامة جِبْريل له في يَومَين كلَّ صلاةٍ في وقتين؛ لأنَّ من المُحال أن يحتجَّ عليه بذلك مع أنَّ جبريل صلَّى تلك الصَّلاةَ آخرَ وقتها مرَّةً ثانيةً، وإلا لقال له عُمر لا معنى لإنكارك عليَّ، فدلَّ أَنَّ صلاةَ جِبْريل كانتْ في يومٍ واحدٍ في وقتٍ واحدٍ، فلا يُقال صلَّى جِبْريل آخرَ الوقْت إلا بسنَدٍ صحيحٍ، وأما حديث: أنَّه صلى الله عليه وسلم قال للذي سألَه عن الصُّبح: (مَا بَيْنَ هذَينِ وَقْتٌ)، فذاك على طريق التَّعليم له أنَّ الصَّلاة تَجوزُ آخرَ الوقْت لمَنْ نسِيَ، أو كان له عُذرٌ، ولو كان جبريل صلَّى في الوقتَين وأعلَمَه أنَّهما في الفَضْل سواءٌ لَمَا التزَم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المُداومةَ على أَوَّل الوقْت، فدلَّ مدوامتُه على أوَّل الوقت أنَّه الوقتُ الذي أقامَه جِبْريلُ له.
قال (ن): أما تأخير المُغيرة، وعمر بن عبد العزيز، فلأنَّهما رأَيَا ما قالَه الجمهور من جواز التَّاخير ما لم يَخرج الوقت، أو لم يبلغهما