الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باقية خُصَّ بِها لبقاءِ دعوتِه، ووجوبُ قَبولها على من بَلَغته إلى آخرِ الزَّمان، وأنه لا يشفعُ في أحَدٍ إلا شُفِّعَ فيه كمَا وَرَد:"قُل يُسمَعْ، واشفَعْ تُشَفَّعْ".
ومعنَى جَعْلِ الأرضِ له مَسجدًا وطَهورًا: أي: حَصَل له الجَمعُ بينهما، وإلا فالأرضُ كانت مَسجِدًا لغيره، فكانَ المسيحُ يَسيحُ في الأرضِ ويُصلِّي حيثُ أدركَته الصَّلاة.
قال (ن): مَن قبلَنا إنَّما كان يُباح لهم الصَّلاة في بِيَعِهِم وكَنائِسِهم فقط، وهو عُمِّمَتْ له الأرضُ، أو مَن قبلَنا لا يصلُّون إلا فيما تُيقّنَ طهارتُه من الأرض، وخُصّصْنا بأن نُصلِّيَ فيها إلا فيما تيقَّنا نَجاستَه.
قال (ط): وفيه تيمُّمُ الحَضَرِيِّ إذا عَدِمَ الماءَ وخافَ فَوتَ الصَّلاة، وأنه لا يُشترَطُ التُّرابُ في التيمُّم.
قال (ن): احتجَّ به مالك، وأبو حنيفةَ على جوازه بجميعِ أجزاءِ الأَرض، واحتجَّ الشَّافعيُّ بقَوله في الرِّواية الأُخرى:(وجُعِلَت تُربتُها طَهورًا)، فلا يجوزُ إلا بالتُّراب خاصَّةً.
* * *
2 - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا
(باب إذا لم يجد ماءً ولا ترابًا)
336 -
حَدَّثَنَا زكرياء بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا: اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا، فَوَجَدَهَا، فَأدْركتْهُمُ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأنْزَلَ الله آيَةَ التَّيَمُّم، فَقَالَ أسُيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ: جَزَاكِ الله خَيْرًا، فَوَاللهِ مَا نزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ الله ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا.
(زكريا بن يحيى) يحتمِلُ اللُّؤْلُؤِيَّ البَلْخِيَّ، والطَّائيَّ الكُوفيَّ؛ فإنَّ البخاريَّ يروي عنهما، وهُما يرويان عن ابنِ نُمَيرٍ، ولا يَقدَحُ ذلك في صِحَّة الحديث؛ لأنَّ كليهما على شَرطِه، على أنَّ قولَ الغَسَّانِيِّ في الأوَّل: أنَّ البخاريَّ رَوى عنه في (التَّيمم) وغيرِه، وعن الثَّاني: أنه رَوَى عنه في (العيدَين) ترجيحٌ؛ لأنَّه البلخِيُّ، وكذا قوُل الكَلَابَاذِيِّ: البَلخِيُّ يروي عن ابنِ نُمَيرٍ في (التيمم).
(نمير) بضمِّ النون وفتحِ الميم.
(استعارت من أسماء)؛ أي: أختِها بنتِ أبي بكر الصِّديق رضي الله عنهم عُلِمَ من هنا أنَّ قولَها في الرِّواية السَّابقة: (انقطَعَ عِقدي) إضافتُه باعتبارِ كَونه في يَدِها، لا أنَّه مِلكٌ لها.
(فهلكت)؛ أي: ضاعَتْ.
(رجلًا) هو أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ، بالتَّصغيرِ فيهما، وكذا في روايةٍ أُخرى:(بَعثَ أُسَيدَ بنَ حُضَيرٍ وناسًا معه).
(فوجدها) لا يُنافِي ما في الرِّواية الأخرى: (فأصَبنا العِقْدَ تحت البعير)؛ لأنَّ قولَها (أصَبنا) باعتبارِها ومَن معهم.
قال (ط): وأنَّ المَبعوثَ إنَّما وَجَدَ بعدَ رُجوعِه، أو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو الذي وَجَدَ بعدَما بَعَثَ.
(فصلوا)؛ أي: بغَير وُضوءٍ، كما صُرِّحَ به في رواية "مسلم"، وهذا وجهُ الدلالة على التَّرجمة؛ لأنَّ التُّرابَ حينئذٍ لم يكن شُرِعَ، والصَّلاةُ بغَير وُضوءٍ بلا ماءٍ ولا ترابٍ.
قال (ن): في فاقدِ الطَّهورَين أربعةُ أقوال:
أصحها: يجبُ أن يُصلِّيَ ويُعيدَ.
وثانيها: يستحبُّ أن يُصلِّيَ، ويجبُ القضاءُ صلَّى أو لَم يُصَلِّ.
وثالثها: تحرمُ الصَّلاة وتجبُ الإعادةُ، وهو قَولُ أبي حنيفة.
ورابعها: قولُ المُزنيِّ: تجبُ الصَّلاةُ، ولا تجبُ الإعادةُ، وهو أقوى دليلًا، ويعضُدُه هذا الحديث؛ إذ لم يُنقَل أمرُهم بالإعادة والقضاء، إنَّما يجبُ بأمرٍ جديد؛ نعم، قد يجيبون بأنَّ الإعادةَ ليست على الفَور، ويجوزُ تأخيرُ البيانِ إلى وَقت الحاجة.
وقال (ط): الصَّحيحُ من مذهب مالكٍ: أنَّه لا يُصلِّي ولا إعادةَ عليه، فهو قولٌ خامسٌ.
وفيه جوازُ الاستعارةِ، وإعارَةِ الحُلِيِّ، والسَّفَرِ بالعارية بإذنِ المُعيرِ.
* * *