الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (ط): هذا إنَّما من جهة التَّشاؤُم لقوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [إبراهيم: 45] ، فوبَّخهم على السُّكون فيها، وقد تَشاءَم صلى الله عليه وسلم بالبُقعة التي نَام فيها عن الصَّلاة، فرحَلَ عنها وصلَّى، فصلاتُه في موضع الخَسْف أَولى؛ لأَنَّ إباحة الدُّخول فيها إنَّما هو على وجه الاعتِبار والبكاء، فمَنْ صلَّى هناك لا تَفسدُ صلاتُه؛ لأنَّ الصَّلاة موضعُ البُكاء والاعتبار، وزعمت الظَّاهريَّة أنَّ الصَّلاة هناك باطلة إن تعمَّد، فإن سها سجَد للسَّهو، وهذا خُلْفٌ من القَول.
* * *
54 - بابُ الصَّلَاةِ في الْبِيعَةِ
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنَّا لا نَدْخُلُ كَنَائِسَكُم مِنْ أجلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرِ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي في الْبِيعَةِ إِلَّا بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ.
(باب الصَّلاة في البِيْعة) بكسر الباء المُوحَّدة، أي: مَعبَد النَّصارى.
(التي فيها الصور) وفي نسخة: (الصُّورة) بالهاء، وعلى كلِّ حالٍ فهو صفةٌ لكنائسهم لا للتَّماثيل؛ لأَنَّ التِّمثال هو الصُّورة، أو هو منصوبٌ على الاختصاص.
قال ابن مالك: يجوز في (الصُّوَر) الجرُّ على البدَل من التَّماثيل،
أو بيان، والنَّصْبُ بـ (أعني)، والرَّفْعُ بإضمار مبتدأ.
قال: ويجوز جعل المجرور معطوفًا بواو محذوفةٍ.
* * *
434 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَنِيسَة رَأتهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الْعَبْدُ الصَّالح -أَوِ الرَّجُلُ الصَّالح- بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجدًا، وَصوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ".
(كنيسة) هي مَعبَد اليهود، وعلى هذا فلا تُطابِق التَّرجَمة بالبِيْعة، لكن في اللُّغة أن الكَنيسة أيضًا للنَّصارى كالبِيْعة، كما قاله الجَوْهَري.
(مارية) بتخفيف الياء.
(أولئك) بكسر الكاف، وكذلك (تلكِ) وقيل: يجوز الفتح في الكُلِّ.
(أو) الشَّكُّ من الرَّاوي.
(الصالح) يعم النبيَّ وغيرَه، وسبق مباحثُ الحديث في (باب هل تُنبش قُبور مُشركي الجاهليَّة)، وإنَّما كُرهت الصَّلاة هنا تحريمًا أو تنزيهًا، وجُوِّزت كما سبَق إلى ما قد يُعبد من النَّار؛ لأنَّ نفْس التَّصوير