الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
88 - بابُ تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ في الْمَسْجِدِ وَغَيْره
(باب تَشبِيْك الأَصابِع في المَسجد)، في بعضها:(وغيرِه).
481 -
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي بُرْدةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبي بُرْدة، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا"، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ.
الحديث الأَوَّل:
(كالبنيان) بضَمِّ المُوحَّدة.
(يشد) في بعضها: (شَدَّ) بلفظ الماضي.
(أصابعه) في الإِصبع عشرُ لُغاتٍ مشهورةٌ، عاشرها أُصبُوع، وأفصحها: كسر الهمزة وفتح الباء.
ووجه مناسبته للتَّرجمة: إنْ كان فيها زيادة: (وغيره) ظاهرةٌ، وعلى إسقاطها يحتمل أنَّ الرَّاوي اختصَر من الحديث التَّقييد بالمَسجِد، واكتفى البُخاريُّ بدلالة الحديث الآتي على ذلك، وقيل: لعلَّ مُراد البُخاري الجوازُ مطلقًا؛ لأنَّه إذا جاز في المَسجِد فغيرُه أَولى، وضُعِّف بأنَّه كان
لحكمةِ تَمثيلِ تَعاضُدِ المُؤمنين وتَناصُرهم، فمَثَّلَ المَعنى بالصُّورة لزيادة التَّبيين، وتَشبيكُه في الحديث الآخَر كان لإراحة الأَصابع كما هو المُعتاد لا على وجه العَبَث، فيُقيَّد أنَّه إذا كان لغرَضٍ صحيحٍ يجوز بخلاف العبَث، وقال (ط): في النَّهي عنه آثارٌ مُرسلةٌ.
قال مالك: لا بأْسَ به في المَسجِد، وإنَّما يُكره في الصَّلاة.
* * *
482 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَناَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ -قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: سَمَّاهَا أبو هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نسَيتُ أَناَ-، قَالَ: فَصَلَّى بِنَا ركْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبةٍ مَعْرُوضَةٍ في الْمَسْجدِ فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا، كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى، وشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ووَضَعَ خَدَّهُ الأَيمَنَ عَلى ظَهْرِ كفِّهِ اليُسْرَى، وخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجدِ فَقَالُوا: قَصُرتِ الصَّلاةِ وفِي القَومِ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ في يَدَيْهِ طُولٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْيَدَيْنِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَنسَيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: "لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تُقْصَرْ"، فَقَالَ:"أكمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ "، فَقَالُوا: نعمْ، فتقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكبَّرَ، ثُمَّ كبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ
سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، فَرُبَّمَا سَألوهُ: ثُمَّ سَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ.
الحديث الثَّاني:
(صلاتي) في بعضها: (صَلاةَ)، بالإِفراد على إرادة الجِنْس.
(العشي) بفتح المُهمَلة وتَشديد الياء، وفي بعضها:(العِشَاء) بالكَسر والمَدِّ.
قال الجَوْهَري: هو مِثْل العَشِيِّ من صلاة المَغرِب إلى العَتَمَة، وقال الأَزْهريُّ: من الزوال للفَجْر، والعِشاءان المَغرب والعِشاء.
قال (ن): صلاة العَشِيِّ الظُّهر أو العصر.
(معروضة)؛ أي: موضوعةٍ بالعَرْض، أو في ناحية المَسجِد.
(وضع خده) يحتمل أنَّه مع التَّشبيك، أو بعدَه.
(السَّرعان)؛ أي: الأَوائل، بفتح الرَّاء والسِّين، وضبطه الأَصِيْلي بضَمِّ السِّين وإسكان الرَّاء، جمع سَرِيْع، وهو المُسرِع للخُروج نحو كَثيب وكُثْبان، أو المُراد العَوامُّ الذين لا يَلْبَثون للذّكْر.
قال أبو الفَرَج: مُثلَّث السِّين، والنُّونُ ساكنةٌ، وقال (ش): والنُّون تُنصب أبدًا، وهو وَهمٌ؛ فإنَّه فاعلُ خرَج.
(قصرت) بفتح أوَّله، على البِناء للفاعل، مِنْ قَصُر يقصُر، بضَمِّ الصَّاد فيهما، وبالضمِّ على البناء للمفعول.
(ذو اليدين) لُقِّب به لأنَّه كان في يدَيه طُولٌ، واسمه: الخِرْباق كما صُرِّح به في رواية "مسلم" وغيرِه، بكسر المُعجَمَة وبراءٍ ومُوحَّدةٍ وقافٍ.
(أكما يقول)؛ أي: الأَمْرُ كما يَقول.
(فربما) أصل (رُبَّ) للتَّقليل، وكَثُر استعماله للتَّكثير، وباتصالِ (ما) دخلَتْ على الجُمل.
(سألوه)؛ أي: ابن سِيْرِين؛ أَسَلَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد السُّجود مرَّةً أُخرى أو اكتفَى بالأَوَّل.
(نبُئت)؛ أي: أُخبرت، وسبق بيان الحديث في (باب التَّوجُّه نحو القِبْلة).
وفيه: أنَّ قول: لم أفعل كذا ناسيًا؛ ليس بكَذِبٍ، أما قوله: لم تُقصَر، فهو خبرٌ عن الذي عصَمَه الله من الغلَطِ فيه، وأنَّه صلى الله عليه وسلم يَعتريه ما يَعتري البشَرَ من الخطَأ والنِّسيان؛ إذْ لا حَرَج فيه.
وفيه أنَّ مَن تكلَّم ناسيًا في صلاته لا تَفسُد؛ أمَّا في النبيِّ صلى الله عليه وسلم فظاهرٌ، وأما في ذي اليدَين وغيرِه فلإِمكان النَّسْخ، فتَجويزُهم ذلك يصيرون كالنَّاسي لظَنِّ أنَّهم خارجَ الصَّلاة، وأيضًا فكان واجبًا عليهم أنْ يُجيبوه إذا دَعاهُم للآية، وقيل: بل ذلك كان قبلَ نسخ الكلام في الصَّلاة، وغُلِّط بأنَّ نَسْخه كان بيسير بعد الهجرة، وإسلامُ أبي هُريرة سنة سَبْعٍ، وفيه التَّلْقيب للتَّعريف لا للتَّهجين، والاجتِزاء بسجدتَين في السَّهو مع تعدُّد المُقتضي.