الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَوز، والنَّجاة، والبقاء، قالوا: ليس في كلام العرَب كلمةٌ أجمع للخير من لفظة الفلاح، أي: أقبِلُوا على سبَب الفوز في الآخرة، والنَّجاة من النَّار، والبقاء في الجنَّة، والحَوْل: الحرَكة، أي: لا حركةَ إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل: لا حَوْلَ في دفعْ شر، ولا قُوَّةَ في تحصيل خير إلا بالله، وقيل: لا حولَ عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قُوَّةَ على طاعته إلا بمعونته، ويقال في التَّعبير عن ذلك: الحَوْلقة، والحَوْقلة.
قال (ن): يُستحبُّ إجابة المؤذن لكلِّ مَن سمعه، من متطهر، ومحدثٍ، وجنُبٍ، وحائضٍ إلا لمن له مانعٌ ككونه في صلاة، أو خلاءٍ أو جماعٍ، ونحوه، وهل هي في غير أوقات المانع واجبةٌ أو مندوبةٌ؟ فيه خلاف، وكذا يجيب كلَّ مؤذِّنِ، أو أوَّلُهم؟ قالوا: ويُتابعه في الإقامة إلا أنَّه يقول في: (قدْ قامت الصَّلاة): أقامَها الله وأَدامها.
قال التَّيْمي: الحَيْعلة دعاءٌ للصلاة لا معنى لقول السَّامع فيه ذلك؛ لأنَّ دعاء الناس إلى الصَّلاة سرًّا لا فائدةَ له، بل يُقال فيها: الحولقة؛ لأنَّها كنزٌ من كنوز الجنَّة.
* * *
8 - بابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ النِّدَاء
(باب الدُّعاء عند النِّداء)
614 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
(عَيَّاش) بفتح المُهمَلة، وشدة التَّحتانيَّة، وإعجام الشِّين.
(حمزة) بالمُهمَلة، والزَّاي.
(يسمع)؛ أي: يفرغ من السَّماع، وإلا فالقياس أن يقول: سمع بالماضي، أو المراد من النِّداء تمامه؛ إذ المُطلق محمول على الكلِّ، ويَسمعُ حالٌ لا استقبالٌ.
(رب)؛ أي: يستحقُّ أنْ يُوصف بهذه.
(الدعوة)؛ أي: ألفاظ الأذان.
(التامة) لمَا سبَق من جمعها العقائدَ بتمامها، أو لأنَّها المُستحقَّة للوصف بالكمال والتمام، وغيرُها من الدُّنْيا عُرضة النَّقص والفساد، أو لأنَّها محميَّةٌ من التَّغيير والتَّبديل، باقيةٌ إلى يوم النُّشور.
(القائمة)؛ أي: الباقية، لا تُغيَّر ولا تُنسَخ.
(الوسيلة) أصلُها ما يُتوسَّل به ويُتقرَّب، والمراد هنا ما فسَّرها به النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله كما في "مسلم": "فقُولُوا كَما يَقُولُ المُؤذِّن، ثم صَلُّوا عليَّ، فإنَّه مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشْرًا، ثم سَلُوا اللهَ ليَ الوسيلةَ؛ فإنَّها منزلةٌ في الجنَّة لا تَنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله،
وأَرجُو أنْ أكونَ أنا هو".
(والفضيلة)؛ أي: المَرتَبة الزَّائدة على الخَلْق.
(مقامًا) مفعولٌ به على تضمين (بعثَ) معنى (أعطَى)، أو مفعولٌ فيه إن كان مكانًا غيرْ مبهم، لكنَّه نُزِّل منزلة المُبهم، أو هو تشبيه: رميتُ مَرمَى زَيدٍ.
قال الزَّمَخْشَريّ في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، أنَّه نُصبَ على الظَّرف؛ أي: فيُقيمك مقامًا، أو ضمَّن (يبعثك) معنى (يقيمك)، أو حالٌ، أي: يبعثك ذا مقامٍ محمودٍ، وإنَّما نُكِّر للتَّفخيم، أي: وأيُّ مقامٍ.
(محمودًا) يحمده الأَوَّلون والآخِرون، وليس أحدٌ إلا تحت لِوائه، وله الشَّفاعة العُظمى حين يعترف الكلُّ بالعَجْز، ويُقال له: اشْفَعْ تُشفَّعْ، فيَشفَع للجميع في إراحة هَوْل الموقِف، وكشفِ كُرْبَة العَرَصات صلى الله عليه وسلم.
(الذي) صفةٌ لـ (مَقامًا) إنْ قُلنا: صارَ علَمًا له، أو بدل، أو نصبٌ على المَدْح، أو رفعٌ بتقدير هو.
(وعدته)؛ أي: بقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ} الآية [الإسراء: 79].
(حلت)؛ أي: استحقَّتْ؛ لأنَّ الحلال ما كان مُستحَقًّا.
(له)؛ أي: عليه.