الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (ط): فيه دليلٌ على منع الصَّلاة في القُبور، ويحتمل: لا تَجعلوا بُيوتَكم أَوطَانًا للنَّوم لا تُصلُّون فيها، فإنَّ النَّومَ أَخو المَوت، وأما مَنْ أوَّله على النَّهي عن دَفْن المَوتَى في البُيوت فليس بشيءٍ، فقد دُفِنَ صلى الله عليه وسلم في بيته الذي يسكُن في حياته.
قال (ك): هو نبيٌّ، ولعلَّ ذلك من خصائصه، فقد رُوي:"الأَنبياءُ يُدفَنُونَ حيثُ يَمُوتُونَ"، ونازَعَ بعضُهم البُخاريَّ في فَهْمه أَنَّ المَقابر لا يُصلَّى فيها لتشبيه البُيوت التي لا يُصلِّي فيها بها، فاقتضَى أَنَّ المَقابر ليست مَحلًّا للصَّلاة، وقال: فيه نظَر؛ لأَنَّ الظَّاهر منه أن لا يجعل بيتَه كالقبر في عدَم صلاته فيه بدليل (قُبورًا)، ولو أُريد ما فهم البُخاري لقال: مَقابِر.
* * *
53 - بابُ الصَّلَاةِ في مَوَاضعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ
ويُذْكَرُ: أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَرِهَ الصَّلَاةَ بِخَسْفِ بَابِلَ.
(باب الصَّلاة في مَواضع الخَسْف)
(بخسف) هو المكان الذَّاهب في الأرض، (بابل) مَوضِعٌ بالعِراق قريبٌ من الكُوفة، لا يَنصرف، كما قال تعالى:{عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ} [البقرة: 102]، ويُنسَب إليه السِّحْر.
* * *
433 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيهِم، لَا يُصِيبُكُم مَا أَصَابَهُم".
(المعذبين) بفتح الذَّال، أي: ثَمود، وأصحاب الحِجْر، ونَحوُهم.
(يصيبكم) بالرَّفْع استئنافٌ.
قال (ش): كان الوجه الجزم، فجاء الرَّفع على لغةٍ، مرادُه: لا تَدْنُ مِنَ الأَسَدِ تَسْلَمُ، وهي مشهورةٌ في العَربية، واعلم أن خوفَ إصابةِ العذاب لا يُنافي قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]؛ لأَنَّ ذلك يوم القيامة، وقد قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] ، على أَنَّ مَن دخَل موضعَهم ولم يتضرَّع حيثُ يجب تضرُّعه ظالمٌ.
ووجه مطابقته للتَّرجمة: أنَّه إذا أُمِر بالبُكاء دوامًا، فإنْ يكن في الصَّلاة كُرِهَ له ذلك بل تبطُل إن ظَهَر حَرفانِ أو حَرفٌ مفهِمٌ أو مَمدودٌ.
قال (خ): معناه أنَّ الدَّاخل في مَواضع الخَسْف بالظَّالمين وهلاكِهم إذا لم يُر عليه من رُؤية آثارِ مَن نَزل بهم حُزْنٌ وبكاءٌ شفقةً أو خَوفًا من حُلول مثله، فهو قاسي القَلْب قليلُ الخُشوع، فلا يَأْمنُ أَن يُصيبه ما أصابَهم، وفيه دلالةٌ على أنَّ دِيارَهم لا تُسكَن؛ لأنَّه لا يُمكن أن يكون باكيًا دهرَه.