الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال النَّخَعِي: إنْ عَرَف الخطأَ قَبْل الفَراغ لا يُعيد ذلك البَعضَ بل يَبني عليه كأهل قُبَاء، وقال مالكٌ: يُعيد استِحسانًا، وقال الشَّافعي: يُعيد إنْ تيقَّن الخطأ، لا إنْ بانَ باجتهادٍ، وقال ابن القَصَّار: إنَّما أمر اللهُ بإصابة العَين من نظَر إليها، وأما مَن غَاب فإنَّما يستدلُّ بمَهَبِّ الرِّياح، ومَسير النُّجوم، فلم يرجع من اجتهاد إلى اجتهاد كالحاكم يحكم ثم يتبين له اجتهاد آخر فلا ينسخ الأَوَّل.
قال: وليس للشَّافعي أنْ يقول: رجَع إلى يقينٍ؛ لأنَّه لا يتيقَّن أصلًا.
قال (ك): قد يرجع إلى يقينٍ في بعضٍ، وقياسه على الحاكم لا يصحُّ؛ لأَنَّ مَحلَّ الاجتهاد في الحكم واحدٌ، وفي الصَّلاة مُتغاير؛ لأَنَّ ما صُلِّيَ بالاجتهاد الأَوَّل غيرُ ما صُلِّي بالاجتهاد الثَّاني.
* * *
33 - بابُ حَكِّ الْبُزَاقِ بِالْيَدِ مِنَ الْمَسْجِدِ
(باب حَكِّ البُزاق باليَد) في البُزاق لغةٌ بالصَّاد، ولغةٌ بالسِّين.
405 -
حَدَّثَنا قتيبةُ قَالَ: حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ، عَن حُمَيدٍ، عَن أَنسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى نُخَامَةً في القبلةِ فَشقَّ ذلكَ عليهِ حتَّى رُوِيَ في وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ: "إِنَّ أَحَدكُمْ إِذَا قَامَ في
صَلَاتِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ -أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ- فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدكمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِه، أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ"، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: "أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا".
الحديث الأَوَّل:
(في القِبْلَة)؛ أي: في حائط جهتها، ورُوي: أنَّه شُوهِد أثَرُ المَشَقَّة في وجهه من ذلك.
(فإِنَّه) هو جوابُ (إذا).
(قَامَ في صَلاتهِ)؛ أي: شَرَع فيها، بخلاف: قامَ إلى الصَّلاة، فإنَّه قَبلَ الشُّروع، والجُملة الشَّرطيَّة خبرُ (إن).
(يُنَاجِيْ رَبَّهُ) المُناجاة والنَّجوى: السِّرُّ بين اثنين، فهو هنا مجاز، فالعبد من جهة المُسَارَّة بالكلام كأنَّه يُناجيه، والرَّبُّ تعالى من جهةِ لازمِ ذلك، وهو إرادةُ الخَيْر.
وقال (ن): هو إشارةٌ لإخلاص القَلْب وحضوره وتَفريغه لذكر الله تعالى.
(وإنَّ رَبَّه)، في بعضها:(أو إنَّ رَبَّه).
(بَيْنَه) ظاهره مُحالٌ؛ لتنَزُّه الرَّبِّ تعالى عن المَكان، فمعناه اطِّلاع الرَّبِّ على ما بينه وبين القِبْلة.
وقال (خ): معناه أنَّ توجُّهه إلى القِبْلة مُفضٍ بالقَصْد به إلى ربِّه، فكأنَّ مقصوده بينه وبين قِبْلته، فأَمَرَ أن تُصان تلك الجهةُ عن البُزاق.
(قِبَلَ) بكسر القاف وفتح المُوحَّدة، أي: جهةَ، وفيه المجاز السَّابق، وقال (ن): المعنى قِبَل الجهة التي عظَّمَها، أو أنَّ المراد: قِبْلَةُ الله، وقِبْلَةُ ثوابه، ونحو ذلك، فلا مقابل بالبُزاق الذي يقتضي الاستِخفاف والاحتِقار.
ووجه كونه باليد ليُطابق التَّرجَمة؛ إذ المُتبادر إلى الفهم من الحَكِّ، والمعهود من جِدار القِبْلة جِدار قِبْلة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(أو يَفْعَل) عطفٌ على المُقدَّر بعد حرف الاستدراك، أي: ولكنْ يبزق عن يساره، أو يفعل هكذا.
* * *
406 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنْ ناَفعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى بُصَاقًا في جِدَارِ الْقِبْلةِ فَحَكَّهُ، ثُمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:"إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلَا يَبْصُقْ قِبَلَ وجْهِهِ، فَإِنَّ الله قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى".
407 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى في جِدَارِ الْقِبْلَةِ مُخَاطًا أَوْ بُصَاقًا أَوْ نُخَامَةً فَحَكَّهُ.
الحديث الثَّاني، والثَّالث مثله لكن في الثَّالث:
(مُخَاطًا) وهو بضَمِّ الميم وبخفَّة المُعجَمَة وإهمال الطَّاء: ما يَسِيْل