الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (ك): الجمْع بالمطَر لا يكون إلا بالتَّقديم، فكيف يُوافق التَّرجَمة بالتَّأخير؟، وقال التُّوْرِبِشْتي: قال التِّرْمِذي آخر كتابه: ليس في كتابي حديثٌ أَجمعَتِ الأُمَّةُ على تَرْك العمل به إلا حديث ابن عبَّاس في الجمع بالمَدينة من غير خَوفٍ ولا سفَرٍ، وحديثَ قَتْل شارب الخمْر في المرَّة الرَّابعة، لكنْ حديث ابن عبَّاس لم يُجمعوا على تَركه، بل أُوِّلَ إما بأنَّه في غَيمٍ، فصلَّى الظُّهر، فلمَّا انكشَفت بانَ أَنَّ وقْت العصر دخلَ فصلَّاها، ورُدَّ ببُطلان ذلك في المَغربَين، وإما لأنَّه فرَغَ من الأُولى فدخَل وقْتُ الثَّانية فصلَّاها عَقِبَها، وَضُعِّفَ بمخالفته الظَّاهر، وإمَّا أنَّ الجمْعَ بعُذْر المَطَر، وَرُدَّ بالرِّواية الأُخرى:(مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ ولا مَطَرٍ)، وإما بعُذْر المرَض، وهو المُختار؛ لأنَّ المَشَقَّة فيه أَشدُّ من المطَر على أنَّ بعضهم اختارَ الجمْع في الحضَر للحاجة لمَن لا يتخذُه عادةً، وبه قال أَشهَب، والقَفَّال الشَّاشي.
* * *
13 - بابُ وَقْتِ الْعَصْرِ
وَقَالَ أَبو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ: مِنْ قَعْرِ حُجْرتِهَا.
(باب وقْت العَصْر)
(من قعر حجرتها) دليلٌ أَنَّ أوَّل وقْت العصر مصيرُ ظِلِّ الشَّيء مثلَه، لأَنَّ الشَّمس لا تكون في قَعْر حُجرتها إلا ذلك الوقْت، لا سِيَّما
في الحُجْرة الصَّغيرة.
* * *
544 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ حُجْرَتِهَا.
545 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا، لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ مِنْ حُجْرَتِهَا.
546 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاةَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ في حُجْرَتِي لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ بَعْدُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَشُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ: وَالشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ.
الحديث الأَوَّل، والثَّاني:
(بعد) مبنيٌّ على الضَّمِّ لتضمُّنه معنى الإضافة.
(وقال مالك) إلى آخره، روايةُ الأربعة عن الزُّهري، فرواية مالكٍ وصلَها البُخاريُّ، عن القَعْنَبِي، عنه.
(ويحيى)؛ أي: ابن سَعيد الأنصاري، وصلَها الذُّهْلِي في "الزُّهريات".
(وشعيب) بن أبي حَمزة بالمُهمَلة، وصلَها الطَّبَراني في "مُسند الشَّاميِّين".
(وابن أبي حفصة)؛ أي: محمد بن مَيْسرة، وصلَها الذُّهْلِي.
* * *
547 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَوْفٌ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَناَ وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: كيفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؟ فَقَالَ: كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ الَّتِي تَدْعُونها الأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُناَ إِلَى رَحْلِهِ في أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ في الْمَغْرِبِ، وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ.
الحديث الثَّالث:
(عبد الله)؛ أي: ابن المُبارَك.
(سيار)؛ أي: أبو المِنْهَال.
(الأسلمي) بفتح الهمْزة.
(المكتوبة)؛ أي: المَفروضة التي كتَبَها الله على عباده.
(الهجير)؛ أي: الهاجِرَة، وفي بعضها:(الهَجِيْرة).
(تدعونها) أَنَّثَ باعتبار الصَّلاة، أو الهاجِرة، أو الهَجِيْرة.
(الأُولى) لأنَّها أوَّل صلاةٍ في إمامة جِبْريل، وقال البَيْضاويُّ: أوَّل صلاة النَّهار.
قلتُ: لكنَّ الصَّحيح أنَّ الصُّبح نهَاريَّةٌ، فهي أُولى.
(تدحض)؛ أي: تَزُول عن وَسَط السَّماء إلى جِهَة المَغرب.
(رحله)؛ أي: مَسكنِه ومَوضعِ أثَاثه.
(في أقصى) صفةٌ لـ (رَحْلٍ)، لا ظَرْفٌ للفعل.
(وكان)؛ أي: النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
(العَتَمَة) بفتح الفَوقانيَّة من عَتَم، أي: أَظلَم، وهي من اللَّيل بعدَ غَيبة الشَّفَق.
قال الطِّيْبيُّ: لعل تقييد الظُّهر بالأُولى، والعِشاء بالعَتَمَة للإشعار بعلَّة تقديم الظُّهر، وتأخير العِشاء، ولم يُقيِّد غيرَهما اهتمامًا بالأَولويَّة فيهما.
(والحديث)؛ أي: التَّحديث في الأُمور الدُّنيويَّة، فهو المَكروه لا ما يتعلَّق بالدِّين، فقد سبَق في (باب السَّمَر في العِلْم) حديثُه صلى الله عليه وسلم.
(ينفتل)؛ أي: يَنصَرِف، يُقال: فتَلَه فانفَتَلَ كصَرَفَه فانصَرَف، وهو مَقلوبُ لَفَت.
* * *
548 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنس بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ.
الحديث الرابع:
(إلى بني عمرو)؛ أي: مَنازلِهم على مِيْلَين من المَدينة.
قال (ن): كان صلى الله عليه وسلم يُعجِّل أوَّلَ الوقْت، وتأخير أهل بني عَمرو لكونِهم أهلَ أعمالٍ في زُروعهم وحَوائطهم، فإذا فَرَغوا تأَهَّبوا للصَّلاة بالطَّهارة وغيرِها، ثم اجتمعوا فتَتأخَّر صلاتُهم إلى وسَط الوَقْت.
قال: والحديثُ حُجَّةٌ عل الحنفيَّة في قولهم: لا يَدخُل العَصْر إلا بمصير ظِلِّ الشَّيء مثلَيه.
* * *
549 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَجَدْناَهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَقُلْتُ يَا عَمِّ! مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّيْتَ؟ قَالَ: الْعَصْرُ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كنَّا نُصَلِّي مَعَهُ.
550 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعَصْرَ
وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، وَبَعْضُ الْعَوَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ.
551 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ مِنَّا إِلَى قُبَاءٍ، فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.
الخامس:
(حُنيف) بضَمِّ المُهمَلة.
(أبا أُمامة) هو أَسعَد بن سَهْل، وهو صحابيٌّ على الأصحِّ.
(دخلنا على أنس)؛ أي: في داره بجنب المَسجِد.
(يا عم)؛ أي: يا عَمِّي، فحذف الياء.
(الصَّلاة)؛ أي: نوعُ الصَّلاة لا أن السُّؤال عن شَخْصها.
قلتُ: فيه نظَرٌ.
قال (ن): الحديث صريحٌ في التَّبكير بالعَصْر أوَّلَ وقْتها، وإنَّما أخَّر عمر الظُّهرَ إلى آخر وقتها حتَّى كانت صلاةُ أنَس العَصْر تعقبُها إما على عادةِ الأُمَراء قبلَه قبل أَنْ تَبلغَه السُّنَّةُ في التَّعجيل، أو أَخَّر لعُذْرٍ، وكان قد وَلِي نيابةَ المدينة قبْل خلافته، فإن خلافتَه إنَّما كانتْ بعد وفاة أنَس بنحو تسع سنين.
(العوالي) الذين حولَ المدينة، جمع عاليَة.
(فيأتيهم)؛ أي: يَأتي أهلهم.