الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بئسما) نكرةٌ منصوبةٌ مميِّزةٌ لفاعلِ بئْس، والمَخصوصُ بالذَّمِّ محذوفٌ، أي: عدلكم.
(رأيتني) بضَمِّ التَّاء، وسبَق أنَّ مثلَه من أفعال القُلوب يكون مدلولا ضميرِ الفاعل والمفعول واحدًا، لكنْ يُشكل من حيث إنَّه لا يجوز حذْفُ أحدِ مفعولَيه، ولا يجوز أَنَّ (رأَى) هنا بمعنى أبصَر؛ فإنَّه لا يجوز فيها اتحاد الضَّميرين، وجوابه ما قاله الزَّمَخْشَري في:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} الآية [آل عمران: 169]، أنَّ حذْف أحد المَفعولَين حذْفٌ؛ لأنَّه مبتدأٌ في الأصل، لكنَّه مخالفٌ لسائر المواضع في "الكشَّاف"، ولمَا في "المُفصَّل" من المنْع، نَعَم، نُقِل عنه أنَّه إذا كان الفاعل والمَفعولان عبارةً عن شيءٍ واحدٍ يجوز الحَذْف، فيُجمع بين كلامَيه بهذا التَّفصيل، وهو من دَقائق النَّحْو، أو يُجاب بأنَّ الرُّؤية التي بمعنى الإبصار أُعطيتْ حكمَ الرُّؤية التي من أَفعال القُلوب.
* * *
109 - بابٌ الْمَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنِ الْمُصَلِّي شَيْئًا مِنَ الأَذَى
(باب المرأَة تَطرَحُ عن المُصلِّي الأَذَى)
520 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّورَمَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي
عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ، إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَلَا تنظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي؟ أيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلَانٍ، فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلَاهَا فَيَجيءُ بِهِ، ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَهُ بَيْنَ كتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا، فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ عليها السلام وَهْيَ جُوَيْرِيَةٌ، فَأقْبَلَتْ تَسْعَى، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَالَ:"اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ -ثُمَّ سَمَّى- اللهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ".
قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَوَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وَأُتْبعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً".
(بينما) العامل فيها معنى المُفاجَأة التي في (إِذْ)، لا الفعل الذي هو يُصلِّي؛ لأنَّه حالٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم المضاف إليه (بَيْن).
(جزور) يَقعُ من الإبِل على الذَّكَر والأُنثى، ولكنَّ لفظه مؤنَّثٌ، ومعناه المَنحُور.
(فيعمد) بكسر الميم، أي: يَقصد، وهو مرفوعٌ، وفي بعضها بالنَّصْب جوابًا للاستفهام.
(سَلا) بفتح السِّين والقصر: وِعَاءُ الجَنِيْن.
(جويرية)؛ أي: صغيرةُ السِّنِّ.
(عليك بقريش)؛ أي: أَهلِكْهُم، والمُراد كفَّارُهم.
(بعمرو بن هشام) هو أبو جَهْل، فِرْعَونُ زمانِه.
(قليب) هي البِئْر قَبْلَ أَنْ تُطوَى، وهو بالجَرِّ بدَلٌ من القَلِيْب، ويجوز نصبه بتقدير: أعني.
(وأُتبع) بضَمِّ الهمزة إخبارٌ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم بأَنَّ الله أَتبعَهم اللَّعنةَ كما أنَّهم مُقتَّلون في الدُّنْيا مَطرودون عن رحمة الله في الآخرة، وفي بعضها:(وأَتبع) بفتح الهمزة، وفي بعضها بلفظ الأَمْر، فهو عطفٌ على:(عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ)؛ أي: قال: في حياتِهم أهلِكْهم، وفي هَلاكِهم أَتبِعْهم لعنةً، وسبق ما في الحديث من مباحث في (باب إذا أُلقي على ظَهْر المُصلِّي قذَرٌ)، وأنَّ ذكْر عُمارة بن الوَلِيْد وَهْمٌ؛ لأنَّه لم يَحضُر ببدرٍ، بل تُوفِّي بجزيرةٍ في الحبَشة سَحَرَهُ النَّجاشيُّ لتُهمةٍ لحقتْهُ عنده، فهامَ على وجْهه مع الوَحْش، نَعَمْ، ذكَر هنا اسمَ السَّابع الذي قال هناك: إِنَّ الرَّاوي لم يَحفظْه، فإما نَسِيَهُ أوَّلًا فذكَره، أو نسِيَه آخِرًا.
قال (ط): هذه التَّرجَمة قريبةٌ من الأبواب السَّابقة؛ لأَنَّ المرأة إذا تناولتْ طَرْح ما على المُصلِّي من الأَذى لم تقصد أخْذَه مِن وَرائه بل تَتناولُه من أيِّ جهةٍ أمكنَها أَخْذه وطَرْحه، فإِنْ لم يكن أَشدَّ من مُرورها
بين يدَيه فليس دونَه، وقال الكوفيُّون: مَن صلَّى في ثوبٍ نجسٍ وأمكنَه طَرْحُه في الصَّلاة طَرَحه وتَمادَى، ولا يَقطع.
وفيه الدُّعاء على أهل الكُفْر إذا آذَوا المُؤمنين، ولم يُرْجَ إسلامُهم، ونزَل فيهم:{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]، أمَّا من رَجَا إسلامَه، فإنَّما دعا له بالهُدى.