الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُصَلِّي فِي ثَوبٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ.
(مُطَرِّف) بضَمِّ الميم وكَسْر الرَّاء المشدَّدة، هو ابن عبد الله.
(المَوَالِي) في بعضها بحذف الياء، ووجْهُ مُطابقَة الحديث التَّرجَمة إنْ لم يَجعلْهُ بَقيَّة الحديث الأَوَّل: أَنَّ الغَالبَ في كَون الثَّوب الواحد يَستُر العَورة أَنْ يُعقَد على القَفَا.
قال (ط): عَقْدُه على القَفا في الصَّلاة حيثُ لا سَراويلَ؛ لأَنَّ عاقِدَه إذا ركَع لم تَبدُ عَورتُه.
وفي الحديث: الأَخْذُ بالأَيسَر مع قُدرة الأكَثَر تَوسعةً على العامَّة ليُقتَدى به، وأَنَّ للعالم أن يَصِفَ بالحُمْق مَنْ يُنكِرُ على مَن جَهِل، ولهذا في رواية:(أَنْ يَراني الجُهَّالُ مثلُكم)، فالحُمْق كناية عن الجَهل.
* * *
4 - بابُ الصلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ملتحفًا بِهِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثهِ: الْمُلْتَحِفُ الْمُتَوَشِّحُ، وَهْوَ الْمُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَهْوَ الاِشْتِمَالُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ هَانِئ: الْتَحَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِثَوْبٍ، وَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ.
(باب الصَّلاة في الثوب (1) الواحد مُلتَحِفًا) الالتِحاف: التَّغَطِّي.
(في حَديثه)، أي: الذي رَواهُ في (باب السِّيَر).
(المُلتَحِفُ: المُتَوَشِّحُ)؛ أي: مِنْ وَشَّحتُه تَوشِيْحًا فتَوَشَّحَ، أي: أَلبَستُه فلَبِسَ.
قال (ط): هو نَوعٌ من الاشتِمال.
قال ابن السكِّيت: هو أَنْ يَأخُذَ طَرَف الثَّوب الذي أَلقاهُ على مَنكبه الأَيمن من تحت يده اليُسْرى، ويأخذَ طرَفه الذي أَلقاهُ على الأَيسر من تحت يده اليُمنى، ثم يعقدَ طرفَهما على صَدره.
(طَرَفَيهِ) الضَّمير للثَّوب.
(عاتِقَيهِ) الضَّمير للمُلتَحِف.
(قالتْ أُمُّ هانِئٍ)، أي: فاخِتَة بنت أَبي طَالب، وقد وصَلَ ذلك ابنُ أبي شَيبة في "مصنفه"، وهو في "مسلم" بدُون ذِكْر:(على عَاتِقِه)، وكذا هو مُتفَقٌ عليه من غير ذِكْر:(خَالَفَ بَينَ طَرَفَيْهِ على عاتِقَيهِ).
* * *
354 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ.
(1)"الثوب" ليس في الأصل.
355 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيىَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَام قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: أنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَدْ ألقَى طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ.
356 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو أسُامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ أبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْه.
الحديث الأَوَّل، والثَّاني، والثَّالث:
(في بَيْت) ظَرْفٌ لـ (يُصَلِّي)، أو للاشتِمال، أو لهما.
وقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى في ثَوْبٍ فليُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ" معناه ما سبق، واشتِمالُ الصَّمَّاء المَنهيُّ عنه بخلاف ذلك.
* * *
357 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنسٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ: أنَّهُ سَمعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْح، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنتهُ تَسْتُرُهُ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"مَنْ هَذِهِ؟ "، فَقُلْتُ: أَناَ أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ:"مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ"، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ
غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ ركَعَاتٍ، مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِل رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ فُلَانَ بْنَ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَجَرْناَ مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ"، قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَاكَ ضُحى.
الرابع:
(مَرْحَبًا)؛ أي: لَقِيْتَ رُحْبًا وسَعَةً.
(يَا أُمَّ هَانِئٍ) بالنِّداء، وربَّما حُذفتْ همزة (أُم) تَخفيفًا، ورُوي:(بأم هانئ) بباءِ الجَرِّ.
قال (ع): والرِّوايتَانِ مَعروفتَان صَحيحتَان، والباء أكثر.
(ثَمَانَ) بفتح النُّون، في بعضها:(ثَمانِيَ)، بالياء المَفتوحة بعد النُّون المَكسورة، وأصلُه منسوب إلى الثُّمُن؛ لأنه الجُزْء الذي صَيَّرَ السَّبعةَ ثَمانية، ثم فَتحوا أوَّله لأنَّهم يُغيِّرون في النَّسَبِ، وحذَفوا منه إحدى يَاءَي النَّسَب، وعَوَّضوا منه الأَلف، كما فعَلوا في النَّسَب إلى اليَّمَن، فتثبت تارةً عند الإِضافة كما تَثبُت ياءُ القاضي، تَقول: ثَماني نِسْوة، وتَسقط مع التَّنوين رفعًا وجرًّا، وتَثبُت نصبًا؛ لأنَّه ليس بجمع.
(زَعَمَ)؛ أي: ادَعَى، أو قال.
(ابنُ أَبِيْ)؛ تعني: عليًّا رضي الله عنه، وفي بعضها:(ابنُ أُمّي)؛ لأنَّها شَقيقتُه، أُمهما فاطمة بنت أَسَد بن هاشم.
قال (ش): هو الأَشهر، ورواية:(أبي) للحَموِي.
(قاتِل) اسمُ فاعل قَتَلَ.
(أَجَرْتُهُ) بلا مَدٍّ، والتَّاء بالضَّمِّ للمُتَكلّم، أي: أَمَّنته، وأَجَرْتُ له بالدُّخول في دار الإسلام، وكأنَّه من الجَوْر، والهمزة فيه للسَّلْب والإِزالة، أو من الجِوَار بمعنى المُجاوَرة.
(فُلانُ) بالرَّفْع خبر مبتدأ مَحذوفٍ، أو بالنَّصْب بَدَلًا من (رَجُل)، أو من الضَّمير المَنصوب.
(هُبَيْرة) بضَمِّ الهاء وفتح المُوحَّدة، ابن عمرو المَخْزُومي (1)، ولَدتْ منه قبلَ إِسلامها أَولادًا، منهم هانئ الذي كُنِّيَتْ به، وابنُه المَذكور هنا يحتمل أنَّه من أم هانئ أو من غيرها، ونسَيَ الرَّاوي اسمه، فذكَره بلفظ: فُلان.
قال الزُّبَيْر بن بَكَّار: فُلانُ بن هُبَيْرة: هو الحارث بن هِشَام، وقال ابن الجَوْزِي: إنْ كان المُراد بفُلان ابنَها فهو جَعْدَة، نعم، قد استَنكَره ابنُ عبد البَرِّ، وقال: يَبعُد أَنَّ عليًّا يَرُوم قَتْل ابن أُخته، وهي مُسلمة، أَسلمت في الفتح وهو صغيرٌ، ورُجِّح أنَّه من غيرها، فيكون رَبِيْبَها.
(قَدْ أَجَرْناَ)؛ أي: آمَنَّا؛ لأَنَّ تأمينَكِ صحيح، فلا يَصِحُّ لعلي قَتْلُه، ففيه أنَّ لكلٍّ من المسلمين ولو امرأةً أن يُؤَمِّن كافرًا لكن بشروطٍ في الفقه.
(1) جاء على هامش الأصل: "وهو ابن زوجها".
وفيه سَتْرُ الرِّجال بالنِّساء، وجوازُ السَّلام من وَراء حِجَاب، وعدمُ الاكتِفاء بـ (أَنا) في الجَواب، والتَّرحيبُ بالزائر وذِكْره بالكُنية، وصلاةُ الضّحى.
* * *
358 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِك، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ سَائِلًا سَاَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَولكُلِّكُمْ. ثَوْبَانِ؟! ".
(أَوَلكُلِّكُمْ) بهمزة الاستِفهام، والمعطوف عليه محذوف على طريقةٍ سبقت مرَّاتٍ، فالتَّقدير: أَأَنتَ سائل عن مِثْل هذا الظَّاهر، أو لِكُلِّكُم، وكذا التَّقدير على سبيل التَّمثيل.
وقال (خ): لفظُه استِخبارٌ، ومعناه إخبارٌ عن الحال التي كانوا عليها، وفي ضِمْنه الإفتاء بكِفَاية ساتر العَورة؛ لأنَّه إذا لم يكُن لكل ثَوبان، والصَّلاةُ لازمة، فكيف لم يعلَموا أَنَّ الصَّلاة في الثَّوب الواحِد جائزةٌ.
قال الطَّحَاوي: لو كُرِهت الصَّلاةُ في ثَوبٍ واحدٍ لمَنْ يجد ثَوبين لكُرهتْ لمن ليس له إلا ثَوب واحد؛ لأَنَّ حكم الصَّلاة في حقِّهما واحد.
* * *