الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حِفش) بمُهمَلةٍ مكسورةٍ وفاءٍ ساكنةٍ وشينٍ مُعجَمة، أي: بيتٌ صغيرٌ، وإنْ كان يُطلق -كما قال الجَوْهَري- على وِعَاء المَغازِل.
(فتحدث) أَصلُه تتَحَدَّثُ، فحُذفت إحدى التَّاءَين تَخفيفًا، قيل: هو تاء المُضارَعة؛ لأَنَّ حَذْف الثَّانية يُخِلُّ بالمَعنى، ومذهب سِيْبَوَيْهِ الثَّانية؛ لأَنَّ الثِّقَل نشأَ منها، ولا يَختَلُّ بها المعنى.
(تعاجيب) لا واحِدَ له من لَفظه، ومعناه عُجاب.
قلتُ: لا يَمتنع أنَّ واحدَه تَعجيب؛ لأنَّه يُقال: تَعجبُ به، أي: تَرى العجَب منه.
(إلا قلت هذا)؛ أي: البيتَ، وهو من الطَّويل.
قال (ط): فيه مَبيتُ مَن لا مَسكَنَ له في المَسجِد، وفي نحو الخَيْمة، ولو كان السَّاكن امرأةً، والخُروجُ من بلدة جرَتْ فيها فتنةٌ تَشاؤُمًا بها، ورُبَّما كان خُروجه سببًا لخيرٍ أرادهُ الله له في غيرها.
* * *
58 - بابُ نَوْمِ الرِّجَالِ في الْمَسْجِدِ
وَقَالَ أبُو قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَكَانُوا في الصُّفَّةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ.
(باب نَوم الرَّجل في المَسجد)
(وقال أبو قلابة): وصلَه بهذا اللَّفظ في (باب المُحاربين).
(وقال عبد الرَّحمن) وصلَه في (باب السَّمَر مع الضَّيْف).
(أصحاب الصفة) سيأتي قَريبًا عن أبي هريرة: أنَّهم كانُوا سَبعين، وسرَدَهم أبو عبد الرَّحمن السُّلَمي الصُّوفي الحافظ، وأبو نُعَيْم في "الحلية"، والحاكم في "الإكليل".
والصُّفَّة: موضعٌ مُظَلَّلٌ من المَسجِد سَقائِفُ في أُخرَياته يَأوي إليه المَساكين، وقيل: سُمُّوا أصحاب الصُّفَّة؛ لأنَّهم كانوا يصفُّون على باب المَسجِد؛ لأنَّهم غُرَباء لا مَأْوى لهم.
(الفقراء) نصبٌ خبرُ (كان)، أو رفعٌ على أنَّه اسمها، و (أصحاب) خبَرٌ مُقدَّمٌ؛ لأنَّهما معرفتان، نَعَمْ، في بعضها:(فُقَراء)، بالتَّنكير، فتعيَّن أنَّه الخبَر.
* * *
440 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ناَفِعٌ، قَالَ: أَخْبَرَني عَبْدُ اللهِ: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهْوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ في مَسْجدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(أعزب)؛ أي: لا زَوْجَ له، كذا لأكثرهم، [و] لأبي زَيْد: عَزِب بلا ألِف بكسر الزَّاي، وهي اللُّغة الفَصيحة.
(لا أهل له) هذا وإِنْ فُهِم من أَعْزَب، لكنَّه ذُكر تأكيدًا، أو المُراد بالأهل ما هو أَعَمُّ من الزَّوجة والقَريب.
(في المَسجِد) متعلِّقٌ بـ (ينام)، ففيه جواز ذلك لغَير العَزب، ومُستمرًّا؛ لأنَّ (كان) تُشعر بالتَّكرار.
* * *
441 -
حَدَّثَنَا قتيْبةُ بنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجدْ عَلِيًّا في الْبَيْتِ فَقَالَ:"أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ " قَالَت: كَانَ بَيْني وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإنْسَانٍ:"انْظُرْ أَينَ هُوَ؟ ". فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! هُوَ في الْمَسجدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ مُضْطَجعٌ، قَدْ سَقَطَ رِداؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، وَأَصَابَهُ تُرابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ:"قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ".
الحديث الأَوَّل:
(ابن عمك) لم يَقُل زَوجُك، أو عليٌّ؛ كأنَّه يُشير بأنَّه جرى بينهما شيءٌ، فأراد استعطافَها عليه بذِكْر القَرابة، ولهذا لم يقل: ابن عَمِّ أبيك.
(لم يقل) بكسر القاف، من القَيلُولَة.
(لإنسان) هو سَهْلٌ راوي الحديث.
(أبا تراب)؛ أي: يا أَبا، فحُذف منه حرف النِّداء.
وفي الحديث: نَوم غير العَزب في المَسجِد، ودُخول الوالد بيتَ ابنته بغير إِذْن زَوْجها، وذِكْرُ الشَّخص بما بينهما من النَّسَب، والكُنية بما يُلابَسُ من الأحوال، وكان أحبَّ الكُنى إلى عليٍّ.
قال (ط): ونوم غير الفُقراء في المَسجِد، وغير ذلك من الانتفاع من أكلٍ، وشُربٍ، وممازحةُ الغَضْبان بغير كُنيته حيث لم يَغضَب منه وَيأْنس به، والتَّكنية بغير الولَد، ومُداراةُ الصِّهْر، وتَسليةُ أَمره في عتابه، وأنَّ المَلابس يحاول بها سَتْرُ العَورة.
* * *
442 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِداءٌ، إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوا في أَعْنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ، كَرَاهِيةَ أَنْ تُرَى عَوْرتهُ.
الحديث الثَّاني:
(ابن فُضيل) بضَمِّ الفاء، هو محمَّد أبو عبد الرَّحمن.
و (أبو حازم) اثنان، سلَمة بن دِيْنَار هذا، وسلمان مَولى عَزَّة، يرويان عن الصَّحابة، والمميِّز بينهما: إن كان عن أبي هريرة فهو سلمان الأَشجَعي، أو عن سَهْل فهو سلَمة بن دِيْنَار، والأَوَّل يَروي عنه