الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَوقاتَ المَكروهة ما يتعلَّق بـ (بَعْدَ)، وهو اثنان الصُّبح والعَصْر، وما يتعلَّق بنفْس الوَقْت، وهو الطُّلوع والغُروب، وجوَّزَ داود الصَّلاةَ في الأربعة كأنَّه حمل النَّهي على التَّنْزيه، وقال الشَّافعيُّ: لا تجوز الصَّلاة فيها إلا ما لَهُ سبَب، ومنعَ أبو حنيفة مُطلقًا إلا عَصْرَ يومه عند الاصفِرار، فتَحرُم عنده المَنذورة والنَّوافل مطلقًا، وقال مالك: تحرم فيها النَّوافل دون الفرائض، ووافقَه أحمد إلا أنَّه جوَّز ركعتَي الطَّواف، كذا قال البَيْضاوي.
وقال (ن): أجمعوا على كراهةِ صلاةٍ لا سبَبَ لها، وعلي جواز الفَرائض المُؤدَّاة فيها، وقال الشَّافعي: لا يُكره نَوافلُ لها سبب محتجًّا بصلاتهِ صلى الله عليه وسلم بعد العَصْر سُنَّةَ الظُّهر التي فاتَتْه في قصَّة ناسٍ من عبد القَيْس أتَوه بالإسلام، فالسُّنَّة المحاضرة أَولى، والفَريضة المَقضيَّة أَولى.
* * *
31 - باب لَا يتحرى الصلَاةَ قَبْلَ غرُوبِ الشَّمْسِ
(باب: لا تُتَحَرَّى) بمُثنَّاةٍ فوقُ مضمومةٍ، (الصَّلاة) هو نائب فاعلٍ، في بعضها:(لا تتَحرَّوا).
585 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِك، عَنْ ناَفع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يتحَرَّى أَحَدكمْ فَيُصَلِّي عِنْدَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا".
الحديث الأَوَّل:
(لا يتحرى) خبَرٌ عن الشَّرع كما قاله السُّهَيْلي.
(فيُصلِّي) بالنَّصْب جوابًا للنَّهي المتضمِّن لـ: (لا يَتحَرَّى)، نحو:(ما تأتِيْنَا فتُحدِّثُنا) في أنَّ النَّهي عن التَّحرِّي والصَّلاة كليهما، أي: لا يتحرَّى مصليًا، أو عن الصَّلاة فقط كما أنَّه واقع على التَّحديث فقط، أو بالرَّفْع على نفَيهما جميعًا كقوله تعالى:{لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ} [طه: 61] قال ابن خَرُوف: على القَطْع، قال: ويجوزُ وجهٌ ثالثٌ: وهو الجزْم، أي: لا تتَحرَّ ولا تُصَلِّ.
قال الطِّيْبي: (لا يتحرَّى) نفيٌ بمعنى النَّهي، و (يصلِّي) نُصِبَ لأنَّه جوابٌ، ويجوز أن يتعلَّق بالفعل المنهيِّ أيضًا، فالفعل المنهيُّ معلَّلٌ في الأَوَّل، والفعل المعلّل منهي في الثَّاني، والمعنى على الثَّاني: لا يتحرى أحدكم فعلًا يكون سببًا لوقوع الصَّلاة في زمان الكراهة، وعلي الأَوَّل كأنَّه قيل: لا يتحرى، وكأنَّه قيل: لِمَ ينهانا؟ فأُجيب: خيفة أن تصلوا أو أن الكراهة.
(لا عند غروبها) هذا معنى ما في التَّرجَمة قبل الغروب.
* * *
586 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالح، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَني عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ
الْجُنْدَعِيُّ: أَنَّهُ سَمعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْح حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ".
الحديث الثَّاني:
(الجُنْدَعي) بضَمِّ الجيم، وإسكان النُّون، وفتح المُهمَلة، وإهمال العَين، قال الغَسَّاني: ويُقال بضَمِّ الدَّال أيضًا.
ووجه مطابقته للتَّرجمة: أنَّ معنى (لا صلاةَ): لا صِحَّةَ للصَّلاة، فيلزمُ منه أن لا يَتحرَّاه المُكلَّف.
* * *
587 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَر، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إِنَّكمْ لتُصَلُّونَ صَلَاةً، لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نهَى عَنْهُمَا؛ يَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ.
الثَّالث:
(محمَّد بن أبان) بفتح الهمزة، وخِفَّة الباء المُوحَّدة: هو أَبو بَكْر حَمْدَويهِ، وقيل: هو الواسِطيُّ.
(يُصلِّيهما)؛ أي: الرَّكعتَين، و (يُصلِّيها)؛ أي: تلك الصَّلاة.
* * *