الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أسنحه) بهمزة مفتوحةٍ، وبمُهمَلةٍ ساكنةٍ، ونونٍ قبل الحاء المُهمَلة: رُوي فيها الكسر والفتح، وهو المَعروف لغةً كذَبَح يَذْبَح، أي: اعترضَه، مِنْ سنَح الشَّيءُ عرَضَ، ومنه سَوانِح الظِّباء، أي: تَعتَرِض للمُسافرين تَجيءُ عن ميَاسِرهم إلى مَيامنهم، وأصلُه السَّانِح من الطَّير في الغابة، وضِدُّه النَّازِح، أي: الذَّاهِب، أي: أَكرَهُ أن أستقبلَه ببَدَني في صلاته.
قال (ط): معنى أسنَحُه: أَظهَرُ له، وهذا قول مَن قال: إِنَّ المَرأة لا تَقطع الصَّلاة؛ لأن انسِلالَها من لِحَافها كالمُرور بين يديه.
(فأنسل) عطفٌ على (أَكرَه)، أي: أَخْرجُ بخُفْيةٍ.
(رجلي) مُثَنًّى، أُضيف للسَّرير، لكن الصَّلاة على السَّرير ليست إلى السَّرير، فوجْه دلالته على التَّرجَمة بذلك أنَّ (إلى) فيها بمعنى (على).
* * *
100 - بابٌ يَرُدُّ الْمُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ
وَرَدَّ ابْنُ عُمَرَ في التَّشَهُّدِ وَفِي الْكَعْبَةِ وَقَالَ: إِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَهُ فَقَاتِلْهُ.
(باب: يَرُدُّ المُصلِّي مَنْ مَرَّ بين يدَيهِ)
(وفي الكعبة) إما عطفٌ على مِقدار، أي: في غير الكَعْبة، وفي
الكَعْبة، وإما على:(في التَّشَهُّدِ)؛ أي: يجمع بين الأَمرَين، فلا حاجةَ لمُقدَّرٍ، وفي بعضها:(الرَّكْعة) بدل (الكعبة).
(أن)؛ أي: المَارُّ.
(يقاتله)؛ أي: المُصلِّي.
(قاتَله)؛ أي: بفتح التَّاء، جواب الشَّرْط بفعلٍ ماضٍ، وفي بعضها بصيغة الأَمْر، لكنْ كونه بلا فاءٍ في جواب الشَّرط يُقدَّر له مبتدأٌ حتَّى تصير جُملةً اسميَّةً، فحذف الفاء فيها قليل، فتصير: أنت قاتَلتَه، كما في:
من يَفعَلِ الحسَناتِ اللهُ يَشكُرُها
وفي بعضها: بالفاء فيَزول الإِشكال، وفي بعضها:(أنْ تُقاتِلَه، فقَاتِلْه) بتاء الخطاب فيهما.
* * *
509 -
حَدَّثَنَا أبو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي صَالحٍ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَحَدَّثَنَا آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَدَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو صَالح السَّمَّانُ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ في يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَفَعَ أبو سعيد في صَدْرِه، فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ، فَدَفَعَهُ أبو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنَ
الأُولَى، فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلاِبْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإنْ أبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ".
(يونس)؛ أي: ابن عُبَيد.
(وحدثنا آدم) يُكتَب قبلَه حاءُ التَّحويل، فإنَّه إسنادٌ آخَر للحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنْ كان في الثَّاني زيادةُ حكايةٍ، والتَّفاوت بين الإسنادين أنَّ الأَوَّل فيه: عَنْ وأَنَّ، والثَّاني فيه: قالَ، ورأَيتُ.
(مُعَيْط) بضَمِّ الميم، وفتح المُهمَلة، وسكون المُثنَّاة تحتُ، وطاءٍ مُهمَلةٍ.
(مساغًا) بفتح الميم، وبالغين المُعجَمَة: مَفعَلٌ من السَّوْغ، أي: السُّهولة، من سَاغَ الطَّعام سَهُلَ تناولُه، أي: لم يَجد ما يُسهِّلُ له طَريقَه.
(ونال منه)؛ أي: ذَمَّهُ، وقال (ك): أَصابَه فتأَلَّم من أبي سعيد.
(مروان)؛ أي: ابن الحكَم.
(ما لك؟) مبتدأٌ، أو خبرٌ.
(ولابن) عطفٌ بإعادة الخافِض.
(أخيك)؛ أي: أُخُوَّة الإيمان، وإنَّما لم يقل: أَخيْك، بل قال: ابن؛ لأنَّه شابٌّ.
(فليقاتله) بكسر لام الأمر، أو سُكونها، وهو للنَّدْب صرَفه القَرائنُ عن الوجوب، ومعنى المُقاتَلة هنا: الدَّفْع الشَّديد المُشبِه لدَفْع المُقاتل، فهو مبالغةٌ في كُرْهِ المُرور.
قال (ط): أجمعوا على أنَّه لا يُقاتلُه بالسَّيف، ولا بما يُفسد صلاتَه؛ لأَنَّ ذلك أضرُّ من المُرور.
قال (ع): فإنْ دفَعَه بما يَجوزُ فهلَك به فلا قَوَدَ باتفاقٍ، وفي الدِّية خِلافٌ، وعلَّة قول الهَدَر أنَّه تولَّدَ من مُباحٍ، وعلى وُجوبها قال (ط): قيل: علَيهِ، وقيل: على عاقِلَته.
قال: واتفقوا على دَفْع المارِّ إذا صلَّى إلى سُترةٍ، فإنْ صلَّى لغير سُتْرةٍ فلا؛ لأنَّ المُرور مُباحٌ، فلا يُمنعَ إلا بما قام عليه الدَّليل.
(فإنَّما هو شيطان)؛ أي: فعلُه فِعْلُ شيطانٍ، أو أنَّه شيطانٌ مُتمرِّدٌ ولو كان من الإِنْس، أو أنَّ معه شيطانًا هو الحاملُ له على فعله، والحَصْر مبالغةٌ في ذلك، ففيه أَنْ يُقال لمَن فَتَن شخصًا في دينه: شيطان، وأَنَّ الحُكم للمعاني لا للأسماء؛ لأنَّه يستحيل أَنْ يصيرَ المَارُّ شيطانًا لمُروره بين يدَيه.
قال (ك): وفيه أَنَّ الدَّفْع إنَّما هو بالأَسهَل فالأَسهَل، وأَنَّ المُنازَعات لا بُدَّ فيها من الرَّفْع للحاكم، ولا يَنتقم الخصْمُ لنفسه، وأنَّ رواية العَدْل مقبولةٌ ولو أَنَّ الرَّاوي يَنتفِع بها.
* * *