الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففيه جَوازُ ضَرْب الخِيَام والقِبَاب، والتَّبرُّكُ بآثار الصَّالحين، وطَهارةُ المُستعمَل، ونَصْبُ علامة بين يَدَي المُصلِّي، وخدمةُ السَّادات، وقَصْرُ الصَّلاة في السَّفَر لمَا ثبَتَ أنَّها الظُّهر، والمُرورُ وَراءَ علامة المُصلّي.
قال (ط): وجواز لِبَاس الثِّياب المُلوَّنة، وللسَّيِّد الكَبير والزَّاهد في الدُّنيا، والحُمْرة أَشهر المُلوَّنات، وأَجملُ الزّينة في الدُّنيا.
* * *
18 - بابُ الصَّلَاةِ في السُّطُوحِ وَالْمِنْبَرِ وَالْخَشَبِ
قَالَ أبو عَبْدِ اللهِ: وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسأ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجَمْدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَإِنْ جَرَى تَحْتَهَا بَوْلٌ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ أَمَامَهَا، إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ.
وصَلَّى أبو هُرَيْرَةَ عَلَى سَقْفِ الْمَسْجدِ بِصَلَاةِ الإمَامِ، وَصلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّلْج.
(باب الصَّلاة في المِنْبَر) بكَسْر المِيْم، مِنْ نَبَر، أي: رَفَع.
(والخَشَبِ) بفتح الخاء والشِّين، وبضَمِّهما.
(الجَمْدِ) بفتح الجيم وسُكون الميم، ما جَمَد من المَاء من شدَّة البَرْد، سُمِّيَ بالمَصدر، ورواه الأَصِيْلي وأَبو ذَرٍّ بفَتْح الميم، والصَّواب
الأَوَّل، وفي رواية:(الخندق).
(والقَنَاطِرِ)؛ أي: الجُسُور، وفي بعضها:(القَناطِيْر).
(تَحتَهَا)؛ أي: تَحتَ القَناطِر.
(بَينَهُما)؛ أي: بين المُصلِّي والبَولِ، وهو قيدٌ في (أَمامَها) فقط.
(ظَهْرِ)، في بعضها:(سَقْفِ).
* * *
377 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبَو حَازِمٍ قَالَ: سَألوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ الْمِنْبَرُ؟ فَقَالَ: مَا بَقِيَ بِالنَّاسِ أَعْلَمُ مِنِّي، هُوَ مِنْ أثلِ الغَابِة، عَمِلَهُ فُلانٌ مَولَى فُلانة لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقَامَ عَليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ عُمِلَ، وَوُضِعَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كبَّرَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ وَركعَ وَركعَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى، فَسَجَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ ركعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالأَرْضِ، فَهَذَا شَأنه.
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: سَألَنِي أحمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ، فَلَا بَأسَ أَنْ يَكُونَ الإمَامُ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا كثِيرًا، فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ: لَا.
الحديث الأَوَّل:
(عليُّ)؛ أي: ابن المَدِيْني.
(سُفيان)؛ أي: ابن عُيَيْنة.
(أبو (1) حَازِم) بمُهملة وزاي، أي: سلَمة بن دِيْنَار.
(المِنْبَرِ) اللام فيه للعهد، أي: مِنْبَرِه صلى الله عليه وسلم.
(في النَّاسِ) في بعضها: (بالنَّاس)، فالباء تأتي بمعنى (في).
(أثلِ) بفَتح الهمزة وسُكون المُثلَّثة: نَوع من الطَّرْفَاء.
(الغَابَةِ) بخِفَّة المُوحَّدة وإِعْجام الغَين: مَوضع قُربَ المَدينة من العَوَالي.
(فُلانٌ) مُنصرِفٌ.
قال الصَّاغَاني: هو بَاقُومٌ -بالمُوحَّدة والقَاف- الرُّوميُّ، مَولَى سعيد بن العَاص؛ هذا هو الأَشهر، وقال السَّفَاقُسِي عن مالك: هو غُلامٌ لسَعْد بن عَبَّادة، ويقال: لامرأةٍ من الأَنصار، ويقال: غلام العبَّاس.
قلت: وفيه أقوالٌ أُخرى: بَاقُول باللام؛ رواه عبد الرَّزَّاق، وقَبِيْصَة، ومَيْمُون، وكلاب، وصُباح، وإبراهيم.
(فُلانه) غير مُنصرفٌ؛ لأنَّها كنايةٌ عن علَم أُنثى، فكان كعلَمها، هي أنصاريَّةٌ.
(1) في الأصل و"ف": "ابن"، والمثبت من "ب".
قال (ك): اسمها عائشة، وقيل: مِيْنا، بميم مكسورة والتَّحتانية السَّاكنة والنون، وصَحَّفَها بعضُهم: عُلاثَة، وعدَّها من الصَّحابيَّات في حرف العَين.
قال أبو محمَّد الأَصِيلي: وكان اتخاذُه سنةَ سَبعٍ، ويقال: ثَمانٍ.
قلتُ: وفيه إِشكالٌ من حديث الإِفْكِ يأتي.
(وقَامَ عَلَيهِ)، في بعضها:(رَقَى عليه).
(كَبَّرَ) جوابُ سُؤال، كأنَّه قيل: ما عَمِلَ بعد الاستِقبال؟ قال: كَبَّرَ؛ نعَمْ، في بعضها بواو، وفي بعضها بفاءٍ، وذلك ظاهرٌ.
(القَهْقَرَى) منصوبٌ على أنَّه مفعول مطلقٌ بمعنى الرُّجوع إلى خَلْف، أي رجَعَ الرُّجوع الذي يُعرَف بذلك.
(عَلَى الأَرْضِ) ثم قالَ في الثَّانية: (بالأَرْضِ) لأنه لاحَظَ أَوَّلا الاستِعلاءَ، وثانيا الإِلصاقَ.
(قَالَ)؛ أي: السَّابق، وهو ابن المَدِيْني.
(بهَذَا الحَدِيْثِ)؛ أي: بدَلالة هذا الحديث، وجوَّزَ العُلُوَّ بقَدْر دَرَجات المِنْبَر، وقال بعضُ الشَّافعية: يَصحُّ ائتِمامُ مَن على رأْس مَنارةٍ المَسجد بمَنْ في قَعْر البِئْر.
(يُسْأَلُ) بالبِناء للمَفعول.
(فلَمْ تَسمَعْهُ)؛ أي: أَفلَم، بدليلِ قَوله في الجَواب:(لا).
قال (ح): فيه أنَّ العملَ اليَسير لا يُفسد الصَّلاة، وأَنَّ المِنْبَر وإِنْ كان ثَلاثَ مَراقِيَ، فلعلَّه قامَ على الثَّانية، فليس في نُزوله وكذا صُعوده إِلَّا خُطوتَانِ، وأَنَّ تَرفُّع الإِمام لغرَض التَّعليم لا كَراهةَ فيه، بخلافِ غير ذلك، وإنَّما رجَعَ القَهْقَرى لِئَلَّا يُوَلِّيَ ظَهرَه القِبْلة.
قال (ن): وفيه استِحبابُ اتخاذ المِنْبَر، وارتفاعُ الخطيب عليه أو نحوِه من العالي، وأَنَّ تفرُّق [العمل] الكثير إذا لم يَبلغ كلَّ مرَّة ثلاثًا لا تَبطُل، وأنَّ اقتِران الصَّلاة بإِرادة التَّعليم ليس تَشريكًا في العبادة بل هو كرَفْع صَوته بالتَّكبير ليُسمعَهم.
* * *
378 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيم، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كتِفُهُ، وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ في مَشْرُبَةٍ لَهُ، دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونه، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، وَهُمْ قِيَامٌ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ:"إِنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيؤتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا ركعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِنْ صلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا".
وَنزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا؟! فَقَالَ: "إِنَّ الشَّهْرَ تِسْع وَعِشْرُونَ".
الحديث الثاني:
(فجُحِشَتْ) بضَمِّ الجيم وكسر المُهمَلَة، أي: خُدِشَتْ، والجَحْش: شَقُّ الجِلْد.
(وكَتِفُهُ) فيه تَسكين التَّاء مع فتح الكاف وكَسرها، وفي بعضها:(أو كَتِفُه).
(آلى)؛ أي: حلَفَ، لا الإِيلاء الذي في قوله تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226].
(مِنْ) عُدِّيَ بها وإِنْ كانت تعديتُه بـ (عن)؛ لتضمُّنه معنى التَّعدِّي، ويجوز أنَّها للابتِداء، أو للسَّبب، أي: من أجل نسائه.
(مَشْرُبَةٍ) بفتح الميم وسُكون المُعجَمَة وفتح الرَّاء وضَمِّها: الغُرفة المُعلَّقة.
(وهم قِيَامٌ) جمع قائم، أو مصدرٌ بمعنى اسم الفاعل.
(ليؤتَمَّ)؛ أي: يُقتَدى وتُتَّبع أَفعالُه.
(إنْ صَلَّى قَائِمًا) مفهومه: وإن صلَّى قاعدًا فصلُّوا قُعودا، وهو محمول على أنَّه إذا كانوا عاجزين عن القِيام كالإمام، أو أنَّه نُسِخَ بصلاتهم في آخِر عمُره خلْفَه قِياما وهو قاعدٌ، هذا قول الأكَثر خِلافًا لقول أحمد، فإنَّه قال: يُصلَّى خلْف القاعد قُعودًا؛ لأَنَّ إمامته في آخر عُمره اختُلف فيها، هل كان الإمامُ أبو بكر.
قال (خ): فالنَّسخ أَصحُّ، والأُصول تشهد بأَنَّ كلَّ مَنْ أَطاق عبادةً