الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (ن): هو مستحبٌّ لمصلحة توكيد الأمر، أو زيادة طمأنينةٍ، أو نفي توهُّم نسيانٍ، أو غير ذلك من المَصالح، فحَلِفُه هنا تطييبًا لقلب عمر لمَّا شقَّ عليه تأخيرها.
قال: وظاهر الحديث أنَّه صلاها جماعةً فيدلُّ على أنَّ الثَّانية تُصلَّى جماعةً، وأنَّه ينبغي أن يبدأ بالفائتة ثم المحاضرة، وهو إجماعٌ، لكن عند الشَّافعي استحبابٌ، وأبي حنيفة إيجابٌ حتَّى لو بدأَ بالحاضرة لم تصحَّ.
* * *
37 - بابُ مَنْ نَسِي صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَاَ يُعِيدُ إلا تِلْكَ الصَّلَاةَ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَنْ تَرَكَ صلَاةً وَاحِدَةً عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يُعِدْ إِلَّا تِلْكَ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ.
(باب مَن نَسِيَ صلاةً فليُصلِّ)؛ أي: نسيَها حتَّى خرجت عن وقتها.
(إلا تلك الصَّلاة) تعريضٌ بالرَّدِّ على مَن قال: أنَّه لو لم يُعِد الفائتةَ حتَّى أدَّى خمس صلواتٍ بعدها يجب عليه إعادتُها مع إعادة الخضر بعدَها كما يقولُه الحنفيَّة استِدلالًا بحديث: "لا صَلاةَ لمَنْ عَليهِ فَائِتَةٌ"، لكن حجَّةٌ عليهم فيما لو زادت الفوائتُ على خمسٍ؛ إذ
له الصَّلاةُ وعليه الفائتة.
* * *
597 -
حَدَّثَنَا أبو نعيْمِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّام، عَنْ قتَادَةَ، عَنْ أَنسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ"، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} .
قَالَ مُوسَى: قَالَ هَمَّامٌ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} .
(من نسي
…
) إلى آخره، مفهومه: أنَّ العَمْد لا يُقضَى فيه إذا ذُكِر، لكنْ قضاؤه واجبٌ خلافًا لقول الظَّاهرية تعلُّقًا بأنها أعظم من أن يُخرج من وَبالِ معصيتها بالقَضاء، فإمَّا أنَّه لا يُعمل بالمفهوم لخُروجه مَخرَج الغالب، أو أنَّه وردَ على سببِ سُؤالٍ عن قَضاء النَّائم والنَّاسي، والعِبْرة بعُموم اللَّفظ، وأنَّ غير المَعذور يقضي من بابٍ أَولى، فهو من فَحوى الخِطاب، وإطلاقُ صلاة في الحديث يشمل النَّوافل المُؤقَّتة فتُقضى أيضًا ندبًا، أما ذاتُ السَّبب كالكُسوف فلا يُتصوَّر فيها فَواتٌ فلا تدخل.
واعلم أنَّ وجوب القَضاء بهذا الأمر على المُرجَّح عند الأُصوليِّين أنَّه بأَمرٍ جديد، وقيل: بالأمر الأَوَّل، نعم، هذا الأمر لا يَقتضي الفَور، والفَور في الفائت بغير عُذْرٍ إنَّما هو من حيث التَّعدِّي، فغُلِّظ عليه، ولا يقال: إنَّ قوله هنا: (إِذا ذَكَرَها) يُشعِر بالفَور؛ لأنَّ التَّذكر مستدامٌ،
فأيُّ وقتٍ صلَّاها كانتْ في زمن التَّذكُّر، وإنْ لم تكن في أَوَّل أزمنته، أو أنَّ (إذا) لمُجرَّد الشَّرط، فحيثما قضَى صدَق أنَّه صلَّى بالتَّذكُّر؛ لأنَّ المَشروط لا يَلزم ترتُّبه على الشَّرط في الحال.
(لا كفَّارة)؛ أي: لا خَصلةَ تُكفِّر، أي: تستُر، أي: من شأنها تكفِّر الخطيئة، وأصلُها فَعَّال للمُبالغة زِيدتْ فيها تاءُ التَّأنيث، وهي من الصِّفات التي غلِّبتْ عليها الاسميَّة.
قال (خ): يحتمل وجهين: أن لا يُكفِّرها غيرُ قضائها، أو لا يلزمه غُرمُ صدقةٍ ولا شيءٍ ولا زيادةٍ بضِعْفٍ لها.
قال (ك): كأنَّ الأَوَّل قصْر قَلْبٍ، والثَّاني قَصْر إفرادٍ.
وقال (خ): ليس هذا على العُموم، حتَّى يلزمه إنْ كان في صلاةٍ أن يقطَعَها، ولكن المعنى: لا يُغفل أمرَها، ولا يشتغلُ بغيرها.
وفيه دليلٌ على أنَّه يُصلِّي ولو كان في وقت النَّهي، وأنه لا يُصلِّي أحدٌ عن أحدٍ، وليس كالحجِّ تَدخلُه النِّيابة بشرطه، ولا كالصَّوم يُجبَر بالمال، وكذا بالصَّوم على المُختار بشروطِ ذلك.
(أقم الصَّلاة لذكري) قال التُّوْرِبِشْتي: يحتمل وجوهًا كثيرة من التأويل، فالواجب أن يُصار لوجهٍ يُوافق الحديث، والمعنى: أقِمِ الصَّلاةَ لذِكْرها؛ لأنَّه إذا ذكَرها فقد ذكَر الله، أو يُقدَّر المُضاف، أي: لذكر صلاتي، أو وقَع ضميرُ الله موضعَ ضمير الصَّلاة، لشرَفها وخُصوصيتها، قيل: وفيه دليلٌ على أنَّ شَرْعَ مَن قبلَنا شَرعٌ لنا ما لم يَرِدْ ناسخٌ.