الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(شفاعتي)؛ أي: للعامِّ والخاصِّ، فيدخُل فيها الشَّفاعات كلُّها،
ففيها ردٌّ على من أَنكَر بعضَها كالمُعتزلة.
قال التَّيْمي: وفيه الحضُّ على الدُّعاء في أوقات الصَّلوات حين فتح أَبواب السَّماء للرَّحمة، وقد جاء:"سَاعَتَانِ لا يُرَدُّ فيهما الدُّعاءُ: حَضْرَةُ النِّداءِ بالصَّلاةِ، وحَضرَةُ الصَّفِّ في سَبيلِ اللهِ"، فدلَّهم على وقت الإجابة.
* * *
9 - بابُ الاِسْتِهَام فِي الأَذَانِ
وَيُذْكَرُ: أَنَّ أَقْوَامًا اخْتَلَفُوا فِي الأَذَانِ فَأقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ.
(باب الاستِهامِ في الأَذان)؛ أي: الاقتِراع بالسِّهام التي يُكتَب عليها الأَسماءُ، فمَنْ خرَج له سهمٌ حازَ حظَّه.
(في الأذان)؛ أي: في مَنْصِبه، وذلك حين فتَحَ القادسيَّة صَدْرَ النَّهار، فاتَّبعَ النَّاس العدوَّ، فرجَعوا، وقد حانت صلاةُ الظُّهر، وأُصيب المؤذِّن، فتَشَاحَّ النَّاسُ في الأَذان، حتَّى كادُوا يَجتلِدُون بالسُّيوف، فأَقْرَعَ بينهم سعْدٌ، فأذَّن مَن خرَج سهمُه.
والقُرعة أصلٌ في الشَّريعة في تَعيين ذي الحقِّ في مَواضع.
* * *
615 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرناَ مَالِك، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صالحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ: أنَّ رَسُولَ اللهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاء وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَليهِ لاسْتَهَمُوا، ولَو يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجيرِ لاسْتبَقُوا إلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا في العَتْمَةِ والصُّبح لأتوهُمَا ولَو حَبْوًا".
(سُمَي) بضَمِّ المُهمَلة، وفتح الميم، وشدَّة التَّحتانيَّة.
(لو يعلم) قال الطِّيْبِي: أي: لَو عَلِمَ، فأتَى بالمضارع إقامةً له مُقامَ ما يَستدعيه؛ إذ المُراد: ثم حاوَلوا الاستِباق إليه لوَجب عليهم ذلك، أو ليُفيد استمرارَ العلم، وأنَّه ينبغي أن يكونَ على بالٍ.
(ثم لم يجدوا) في بعضها: (لا يَجِدُوا)؛ لأَنَّ حذْف النُّون قد يُوجد بدُون ناصبٍ وجازمٍ تخفيفًا، قال ابن مالك: ثابت ذلك في كلام الفَصيح نظمِه، ونثْرِه.
وأتى بـ (ثُمَّ) لتَراخي مَرتبة الاستِباق عن العِلْم، ولهذا قدَّم الأذان؛ لأنَّه مقدِّمةٌ للمقصود الذي هو المُثول بين يدَي الرَّبِّ سبحانه وتعالى.
(التهجير)؛ أي: التَّبكير بصلاة الظُّهر، وسبق أنَّ هذا لا يُعارِض الإبراد بها؛ لأنَّه تأْخيرٌ قليلًا لا يُخرج إطلاقَ التَّهجير؛ لأنَّ الهاجرة إلى قُرب العصْر، ثم المُراد التَّبكير لكلِّ صلاةٍ، قاله الطيْبِي.
(ما في العَتَمَة)؛ أي: مِنْ صلاتِها جماعةً، وأبْهمَ ذلك ليُفيد
المُبالغة؛ فإنَّه لا يدخُل تحت الوصف، ولذلك ذكَر الاستهام؛ لأنَّه لا يكون إلا فيما يَتنافس فيه المُتنافسون.
(حَبْوًا) بفتح المُهمَلة، وسُكون المُوحَّدة، أي: المَشْي على اليدَين والرُّكبتين، أو على المَقعَدة.
قال (ن): أي: لو عَلِموا فضْلَ الأَذان، وعظيمَ جَزائه، ثم لم يجدوا طَريقًا يحصِّلونه به لِضِيْق الوقْت، أو لكونه لا يؤذِّن للمكتوبة إلا واحدٌ لاقتَرعوا في تَحصيله.
وفيه الحثُّ على العَتَمَة والصُّبح لما فيهما من المَشَقَّة على النُّفوس، وتسميةُ العِشاء عتَمَةً، وإنْ ورَد النَّهي عنه، فهذا لبَيان أن النَّهي ليس للتَّحريم، فهو لبَيان الجواز، أو لرفْع تَوهُّم أَنْ يُراد بالعِشاء المَغرب؛ لأنَّهم كانوا يُسمُّونها عِشاءً، فيَفسد بذلك المعنى، ويفوت المطلوب، فاستَعمل العَتَمَة التي لا يشكُّون فيها دفْعًا لأعظم المفسدتَين بأخفِّهما.
قال التَّيْمي: فضل الصَّف الأَوَّل لاستماع القُرآن إذا جهَر الإمام، والتَّأمين لقراءته.
والتَّهجير السَّبْق للمسجد في الهاجرة؛ لأنَّ مُنتظِر الصَّلاة في صلاةٍ.
قال (ك): ومن فضْل الصَّفِّ الأَوَّل إذا احتاج الإمامُ لاستخلاف، فيكونُ خليفتَه، أو ينقُل صفة الصَّلاة، ويُعلمها النَّاس، والصَّفُّ الثَّاني أفضل من الثالث، وهَلُمَّ جَرًّا.