الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
360 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُهُ -أَوْ كُنْتُ سَألتُهُ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ".
الحديث الثَّاني:
(أَوْ كُنْتُ سَأَلتُهُ) شكَّ في أنَّه هل سَمع منه بسؤالٍ، أو بغير سؤالٍ.
(أَشْهَدُ) عبرَ به تأكيدًا، أو تَحقيقًا لصِدْقه، ووجه دلالته على التَّرجَمة: أَنَّ المُخالفة بين الطَّرَفين لا تَتيسَّر إلا بوَضْع شيءٍ على العاتِق، وحكمته أنَّه إذا لم يفعل ذلك لا يَأمن أن تَنكشفَ عورتُه، وإذا أَمسَكهُ بيده عند الاحتِياج لذلك فاتَه سُنَّةُ وضْعِ اليَد اليُمنى على اليُسرى تحت صَدْره، ورفعِهما حيث يُشرع الرَّفْع، وغير ذلك، ولأَنَّ فيه سَتْر أَعالي البدَن الذي هو مَوضع الزِّينة، وقد قال تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف: 31].
* * *
6 - بابٌ إِذَا كانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا
(باب: إذا كان الثَّوب ضَيِّقًا) يجوز تخفيف ياء ضَيْقًا، وهو صفةٌ
مُشبَّهةٌ تَدلُّ على الثُّبوت، بخلاف ضَائِق اسمَ فاعل يَدلُّ على الحُدوث.
* * *
361 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالح، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَألْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِه، فجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: (مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ "، فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: "مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ؟! "، قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ، يَعْنِي: ضَاقَ، قَالَ: "فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيقًا فَاتَّزِرْ بِهِ".
الحديث الأَوَّل:
(لِبَعْضِ أَمْرِي)؛ أي: لبعض حَوائجي، فالأمر واحدُ الأُمور، لا واحدُ الأَوامر.
(إِلى جَانِبِهِ) إمَّا على أنَّ (إلى) بمعنى (في)، وإما بتضمُّنها معنى الانضِمام؛ أي: صلَّيتُ مُنضمًّا إلى، أو معنى الانتِهاء، أي: مُنتهيًا إلى.
(انْصَرَفَ)؛ أي: عن الصَّلاة، واستِقبالِ القِبْلة.
(السُّرَى) مَقصورٌ: سَيْر اللَّيل، أي: ما سبب سُرَاك؟، أي: لأنَّه لا يأتي أحدٌ ليلًا إلا لحاجة، ففيه طلَب الحاجة من السُّلطان في الخَلْوةِ
والسِّرِّ، وذلك غالبًا في اللَّيل.
(ما هَذَا؟)؛ أي: اشتِمال الصَّمَّاء المَنْهيّ عنه، أو الالتِحاف من غير أَنْ يجعل طرَفَيه.
(كانَ ثَوبٌ) على أنَّها تامَّةٌ، وفي بعضها:(ثوبًا) على أنَّها ناقصةٌ، أي: ما لي إِلا هذا الثَّوب الذي لا يُتَستَّر به إلا بهذا الوجه من الاشتِمال، وفي بعضها بعدَ (ثَوبٌ) زيادة:(يَعنِي ضَاقَ).
(فَاتَّزِرْ) بإِدغام الهمزة المَقلوبة تاء في الثَّانية؛ فتَخطئةُ البصريِّين هي الخطأُ، كما سبق.
قال (ط): هذا تفسيرُ الحديث السَّابق: "لا يُصَليَنَّ أحدُكُمْ في الثَّوب الواحِدِ، ليسَ عَلَى عَاتِقِه مِنْهُ شَيءٌ": أنَّ المُراد الواسِع الذي يمكن الاشتِمال به لا الضَّيِّق؛ فإنَّه يَتَّزِرُ به، وأَمَّا حديث النَّهي عن الصَّلاة في الثَّوب الواحد مُتَّزِرًا به، فلا يُعارِض قولَه هنا:"وإِنْ كان ضَيِّقًا فاتَّزِرْ به".
قال الطَّحَاوي: لأَنَّ النَّهي لواجِدِ غَيرِه، ومَنْ لا يجد لا بَأْسَ أن يُصلِّي فيه، ويَشهد له أنَّ الذين كانوا يَعقدون أُزُرَهم على أَعناقهم لو كان لهم غَيرُها لَلَبِسُوها في الصَّلاة، وما احتِيج أن تُنهى النِّساءُ عن رَفْع رؤُوسهنَّ، حتى يَستَوي الرِّجال جُلوسًا، وتختلفَ أحكامُهم في الصَّلاة مع قوله صلى الله عليه وسلم:"فَلا تَختَلِفُوا عَلَيهِ".
وفي الحديث: أنَّ الثَّوب إذا أَمكَن الاشتِمال به فلا يُتَّزَرُ به؛ لأنَّه أستَر للعَورة، والاشتِمال الذي أَنكَره صلى الله عليه وسلم إنَّما هو اشتِمال الصَّمَّاء،
وهو أَنْ يُجَلِّلَ نفسَه بثَوب ولا يَرفعَ شيئًا من جَوانبِه، ولا يُمكنُه إخراجُ يَديه إلا من أسفَله فيخاف أن تَبدوَ عورتُه.
قال (خ): هذا هو الاشتِمالْ المَنهيُّ لا أن يتَّزِرَ بأحَدِ طرَفَي الثَّوب، ويَرتديَ بالآخر، فإنْ ضاقَ عن الارتداء بالطَّرَف الآخر فيَأتَزِر، ولا أعلمُ خلافًا أنَّه إذا غَطَّى ما بين سُرّته إلى ركبته كانت صلاتُه جائزةً.
* * *
362 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيىَ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ كهَيْئَةِ الصِّبْيَانِ، وَيقَالُ لِلنِّسَاءِ: لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرّجَالُ جُلُوسًا.
الحديث الثَّاني:
(سُفيان)؛ أي: الثَّوري، ويَحتمل ابنَ عُيَيْنة؛ لأنَّهما يَرويان عن أبي حازم سلَمة بن دِيْنَار.
(رِجَالٌ) تنكيرُه للتَّنويع، أو للتَّبعيض؛ إذ لَو عَرَّفَه لاستَغرق، وليس المَقصودَ.
(يُصَلُّونَ) خبر (كانَ).
(عَاقِدِيْ) حالٌ، ويحتمل العكس.
(ويُقَال) في بعضها: (وقال)؛ أي: النبيُّ صلى الله عليه وسلم.