الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
524 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِم.
قال (ط): فيه أنَّ إقامةَ الصَّلاة وإيتاءَ الزَّكاة من دعائم الإِسلام، وهما أَوَّل الفرائض بعد التَّوحيد، وذِكْر النُّصح يدلُّ على أَنَّ قومَ جَرِيْر كانوا أهل غَدْرٍ، وفَد عليه فبايعَه على هذا، ورجَع لهم مُعلِّمًا، فذكَر له ما يَهمُّهم كما ذكَر لوفد عبد القَيس النَّهي عن الظُّروف، ولم يذكُر لهم النُّصْحَ.
* * *
4 - بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ
(باب: الصَّلاةُ كفَّارةٌ)
525 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنا يَحيَى، عَنْ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنا شَقِيقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيفةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقَال: أَيُّكُمُ يَحْفَظُ قَولَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَناَ، كَمَا قَالَهُ، قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ -أَوْ عَلَيْهَا- لَجَرِيءٌ، قُلْتُ:"فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ"، قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ
الْبَحْرُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا، قُلْنَا: "أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نعمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْناَ مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ.
الحديث الأَوَّل:
(الأعمش) سُليمان.
(كما قاله)؛ أي: أنا أَحفَظُ ذلك كما قالَه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأَتَى بالكاف مع أنَّ ذلك عينُ قوله؛ إمَّا لأنَّه نقلَه بالمعنى، أو الكاف زائدة.
قلتُ: بل فيه الإشارة إلى أنَّه قالَه بلفظه؛ إِذْ تكلُّم الحاكي ليس عينَ تكلُّم المَحكِيِّ عنه بل مثلُه.
(عليه)؛ أي: على القَول.
(أو عليها)؛ أي: على المَقالة، والشَّكُّ من حُذَيْفة.
(يُجزئ) بجيمٍ مفتوحةٍ، وهمزةٍ في آخره.
(تكفرها)؛ أي: الفِتْنة المُفصَّلة بما سبق، ثم يحتمل أنَّ المَجموعَ يُكفِّرُ المَجموعَ، أو أنَّ كُلًّا يُكفِّر المَجموعَ، أو المَجموع يُكفِّر كُلًّا مما سبَق، وهو من اللَّفِّ والنَّشْر، فالصَّلاة مُكفِّرةٌ للفِتْنة في الأهل، والصَّوم للفِتْنة في المال، وكذا الباقي.
(الأمر)؛ أي: بالمَعروف، (والنَّهي)؛ أي: عن المُنكَر.
قال (ط): معنى الفِتْنة في الأهل: أَنْ يَأتيَ من أَجلِهم ما لا يَحلُّ من القَول والعَمل ما لم يَبلغْ كبيرةً، وقال المُهلَّب: ما يَعرِضُ له ولهم من شَرٍّ، أو حُزْنٍ، أو نحوه.
قال (ن): أَصْل الفِتْنة الابتِلاءُ والامتِحانُ، ثُمَّ صارتْ في العُرف لكلِّ ما كشَفه الامتِحان عن سُوءٍ، ففِتْنة الأهل ونحوه ما يَحصل لإفراط المَحبَّة من الشُّغْل عن كثيرٍ من الخير، أو التَّفريط فيما يَلزَم من القِيام بحُقوقهم وتَأْديبهم، فإنَّ كُلَّ راعٍ مَسؤولٌ عن رعيِّته، وهذه كلُّها فِتَنٌ تقتضي المُحاسَبة، ومنها ذُنوبٌ يُرجَى تكفيرها بالحسَنات، كما قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114].
(تموج)؛ أي: تَضطَرِبُ، ويَدفَعُ بعضُها بعضًا، وشُبِّهت بموج البَحْر لشِدَّة عِظَمها وكَثْرة شُنوعها.
(مُغلقًا) القَصْد به أنْ لايَخرُج منها شيءٌ في حياتك.
(إذن) جوابٌ وجزاءٌ، أي: يُكسَر لا يُغلَق أبدًا، وذلك لأنَّ المَكسور لا يُعاد بخلاف المَفتوح، ولأَنَّ الكسْر لا يكون غالبا إلا عَنْ إكراهٍ وغلَبةٍ على خِلاف العَادة.
(لا يُغلق) بالنَّصْبِ؛ لوُجود شَرائط النَّصْب بـ (إِذَنْ)، وهي: تَصدُّرها، واستِقبال الفِعل، واتِّصالُه؛ لأنَّ الفَصْل بـ (لا) النَّافيةِ لا يضُرُّ، وبالرَّفْع على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو لا يُغلَق.
قال (ط): الغَلْق إنَّما يكون في الصَّحيح، وأما الكَسْر فهتْكٌ
لا يُجبَر، ولذلك انْخرَق عليهم بقَتْل عُثمان بعدَه من الفتن ما لا يُغلَق إلى يوم القِيامة، وهي الدَّعوة التي لم تُجَبْ منه صلى الله عليه وسلم في أُمته.
(قلنا) هو مَقولُ شَقِيْق.
(أكان عمر يعلم) إلى آخره، قيل: إنَّما عَلِمَ ذلك عُمر لحديثِ: كان هو، وأبو بكْرٍ، وعمر، وعُثمان على حِرَاءٍ، وقال:"إنَّما عَلَيْكَ نبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيْدانِ".
(وكما أن)؛ أي: وكما نَعلَمُ أنَّ الغَدَ أَبعَدُ منَّا من اللَّيلة، قال الجَوْهَري: يُقال: هو دُون ذلك، أي: أَقْربُ منه.
(الأغاليط) جمع أُغلُوطة، بضَمِّ الهمزة، وهو ما يُغالَط به.
قال (ن): معناه حدَّثَه حديثًا صِدْقًا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا من اجتِهاد رأْيٍ ونحوه، وغرَضه أَنَّ ذلك الباب رجُلٌ يُقتَل أو يَموتُ كما جاء في بعض الرِّوايات، ويحتمل أنَّ حُذَيْفة عَلِمَ أَنَّ عمر يُقتل، ولكن كَرِهَ أن يُواجهَه بذلك، فإنَّ عمر كان يَعلَم أنَّه الباب، فأتَى بعبارةٍ محتملةٍ، والغرَض منها يَحصُل، وحاصلُه أنَّ عمر كان هو الحائلَ بين الفِتْنةِ والإِسلامِ، فإذا ماتَ دخلَتْ، وكذا كان.
(فهبنا) من المَهابَة، وهي الخَوف، فإن قيل: كان عمر هو الباب، وقد قال أَوَّلًا:(إنَّ البابَ بَيْنَ عُمر وبَيْن الفِتْنة)، قيل: إما أَنَّ المُراد بقوله: بينَك، أي: بين زَمانكَ، أو بين نَفْسك؛ إذ البدَنُ غير الرُّوح، أو بين الإِسلام والفِتْنة، ولكنْ خاطَب عُمرَ؛ لأنَّه إمام
المُسلمين وأمير المؤمنين، وَعِلْمُ حُذَيْفة بذلك مُستندٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم بقَرينة السِّيَاقِ والسُّؤالِ والجوابِ، ولأَنَّ لفْظ (حديث) إنَّما يُطلَق في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم.
* * *
526 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلِي هَذَا؟ قَالَ: "لِجَمِيعِ أُمَّتِي كلِّهِمْ".
الحديث الثَّاني:
(النهدي) بفتح النُّون، وسُكون الهاء، وبالمُهمَلة: عبد الرَّحمن ابن ملٍّ، بكسر الميم، وضمِّها، وتشديد اللَّام.
(أن رجلًا) هو أبو اليَسَر، كَعْب بن عمْرو، كما في "النَّسائي" وغيره: كان يَبيع التَّمْر، فأتته امرأةً فأعجبَتْه، فقال: إنَّ في البَيت أَجْودُ من هذا التَّمْر، فجاءتْ بيتَه فضَمَّها وقبَّلَها، فقالت: اتقِ اللهَ، فتركَها ونَدِم، فاتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبَرَه، فقال:"أَنتظِرُ أَمْرَ رَبِّي"، فلمَّا صلَّى العصْرَ نزَلتْ، فقال له:"اِذْهَبْ؛ فإِنَّها كفَّارةٌ لمَا عَمِلْتَ"، ورُوي أنَّ عمرَ قال: له خاصَّةً؟ فقال: "بل للنَّاس عَامَّةً".
(أَلِي هذا) الهمْز للاستِفهام، و (لي): خبرٌ مُقدَّمٌ، و (هذا): مبتدأُ