الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفائدة هذا الإِسناد: أَنَّ ما رواه ابن المَدِيْني مَوقوفًا هو مَرفوع من هذه الطَّريق، وفي بعضها ذكَره قَبلَ المَوقوف، نعمْ، وصلَه محمَّد بن نَصْر المَروَزي في كتابه "تعظيم الصَّلاة"، والبيهقي، وابن مَنْدَه في "الإيمان".
قال (خ): اختِلاف الرِّوايات: في بعضها: (حتى يَقولوا: لا إله إلا الله)، وفي بعضها:(ويُقيموا الصَّلاة، ويُؤتوا الزَّكاة)، وفي بعضٍ ما ذُكِرَ هنا؛ لاختِلاف الأَحوال والأَوقات، وكانت أُمور الدِّين تُشرَع شيئًا فشيئًا، فخرج كلُّ قولٍ على شرطٍ للمَفروض في حينه بحقْن الدَّم، وبعصمة المال، فلا مُنافاةَ ولا اختلافَ.
* * *
29 - بابُ قِبْلَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشام وَالْمَشْرِقِ
لَيْسَ في الْمَشْرِقِ وَلَا في الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:(لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا).
(باب قِبْلة أَهل المَدينة وأَهلِ الشَّام)؛ أي: باب حكم قِبْلَة أهل المدينة والشَّام في استقبالها واستدبارها المَنهيِّ عنه.
(والمَشْرِقِ) ظاهر كلام (ط): أنَّه بالخفْض عطفٌ على المَجرور قَبلَه؛ إذ قال: إنَّ المراد بالمَشرق مَشرق الأَرض كلِّها المَدينةِ والشَّامِ
وغيرهما، ومثلُه مَغربهما، وهو مغرب الأَرض كلِّها إلا أَنَّ البُخاريَّ اكتفى بذِكْر المَشرق؛ لأَنَّ حكم المَغرب مثلُه، ولأَنَّ المَشرق أكثرُ الأَرض المَعمورة، وبلادُ الإِسلام في جِهة المَغرب قليلة، ومُراده بالمَشرق والمَغرب: أي: الذين من ناحية المَدينة والشَّام، بخلاف مَشرق مكَّة ومَغربها، وكلُّ البلاد التي تحتَ الخط المارِّ عليها من مَشرقها إلى مَغربها، فإنها مخالفة للمَشرق والمَغرب للمدينة والشَام، وما كان في جهتهما في حكم اجتِناب الاستِقبال والاستِدبار بالتَّشريق والتَّغريب؛ فإِنَّ أولئك إذا شرَّقوا أو غرَّبوا لا يكونون مُستقبلي الكعبة ولا مُستدبريها، ومَشرق مكَّة ومَغربها وما بينهما متى شرَّقوا استدبَروا، أو غرَّبوا استقبلوها، فيَنحرفون حينئذٍ للجنوب أو الشَّمال، وهو معنى قول البُخاري.
(لَيْسَ في المَشْرِقِ ولا في المَغْرِبِ قِبْلَةٌ)؛ أي: ليس في التَّشريق والتغريب في المدينة والشَّام -والمَشرق والمَغرب لهما ولناحيتهما- مُواجَهةُ قِبْلَةٍ، فأطلَقَ المَشرق والمَغرب على التَّشريق والتَّغريب، هذا حاصل نَقْل (ك) عنه.
وقال (ش): قال (ع): ضبَط أكثرُهم المَشرق بضَمِّ القاف، وهو الصَّواب لمَا في الكسْر من إشكالٍ، وهو إثباتُ قِبْلةٍ لهم، وإنَّما الرَّفعْ بالعطف على (باب) على حَذْف مُضافَين، والأصل: وبابٌ: حكمُ المَشرقِ، ثم أُقيم المُضاف إليه مُقام المَحذوف فرُفِعَ، وذكَر السُّهَيْلي نحوَه؛ لأن حكم المَشرق يخالف حكم المدينة والشَّام، ألا تَرى كيف
خصَّه بالذِّكْر فقال: ليس في المَشرق ولا في المَغرب قِبْلَةٌ؛ يعني: ليس في التَّوَجُّه إليهما مُواجهةُ قِبْلَةٍ باستقبالٍ واستدبارٍ؛ إذ هو جَنوبٌ أو شِمالٌ.
قال (ش): ومَنْ خفَضَ جعَل البابَ للكُلِّ، لكنْ تقديرُه كما سبق، فجُملة (ليس) استئنافٌ خارجٌ عمَّا أُضَيف إليه (بابُ)، نعمْ، في بعض النُّسَخ إسقاط لفظ:(قِبْلَةٌ) بعد: (والمَغرب)، فيتعيَّنُ تنوين (بابٌ)، فيكون (قبلةٌ) مرفوعًا على الابتداء، خبرُه (ليس
…
) إلى آخره، بتأويلِ قِبْلَةٍ بـ (مُستقبَل) لسُقوط التَّاء من (ليس).
(لِقَوْلِ) هو تَعليقٌ وصلَه في الباب وغيره، وسبق بيان شَرحه في (كتاب الوضوء).
* * *
394 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي أيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا أتيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا"، قَالَ أبُو أيوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ الله تَعَالَى.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ.