الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يَتشهَّد له، وأَنَّ كلام من ظَنَّ أنَّه فيها لا يُبطلها، وأمرُ التَّابع بتذكير المتبوع، وأنَّه لا يؤخَّر البيان عن وقت الحاجة.
قال (ك): وأنَّ من تَحوَّل عن القِبْلة ساهيًا لا يُعيد، وإِقبالُ الإمام على الجماعة بعد الصَّلاة.
* * *
32 - بابُ مَا جَاء في الْقِبْلَة، وَمَنْ لَا يَرَى الإِعَادةَ عَلَى مَنْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ
وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في ركعَتَيِ الظُّهْرِ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ أتمَّ مَا بَقِيَ.
(باب ما جاءَ في القِبْلة)
(فصَلَّى) الفاء تفسيرية؛ لأنَّه تفسيرٌ لـ (سَها).
(وقَدْ سَلَّمَ) هذا التَّعليق وصلَه البُخاري في "الصَّحيح" من طرُقٍ إلا قولَه: (وأَقبَلَ على النَّاسِ بوَجْهه)، فإنَّها في "المُوطَّأ" عن داود بن الحُصَيْن، عن ابن أبي سُفيان، عن أبي هُريرة.
(مَا بَقِيَ)؛ أي: الرَّكعتَين الأَخيرتَين، ووجْهُ ذكْرِه في التَّرجَمة أنَّه بالإقبال بوَجْهه يُصلِّي لغير القِبْلة سَهوًا؛ لأنه يظن أنَّه في غير الصَّلاة.
* * *
402 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَوِ اتَّخَذْناَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وَآيَةُ الْحِجَابِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجبْنَ، فَإنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُنَّ:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} . فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
402 / -م - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ يَحْيَى بْنُ أيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا بِهَذَا.
الحديث الأَوَّل:
(هُشَيْم)؛ أي: ابن بَشِيْر.
(حُمَيْد)؛ أي: الطَّويل.
(وَافَقْتُ رَبِّي)؛ أي: وَافقَني ربِّي فيما أردتُ أَنْ يكون شَرعًا، لكنْ راعَى الأدَبَ في إسناد المُوافقَة لنَفْسه.
قلتُ: لا يَحتاج؛ فإنَّ مَن وافقَك فقَد وافَقتَه، وهذه المَوافقَة غيرُ معنى مُوافقَة امتِثالِ أَو أمر الرَّبِّ تعالى؛ فإنَّ ذلك على الإِطلاق، وهذا في نُزول الآية على وَفْق قوله.
(في ثَلاثٍ)؛ أي: قَضايا، وقال (ك): أُمورٍ، ثم اعتَذر عن إسقاط التَّاء بأنَّه إِذا لم يكُن المَعدود مذكورًا يجوز التَّذكير والتَّأنيث، وقد جاءتْ
له مُوافقاتٌ غير ذلك، كمَنعْ الصَّلاة على المُنافقين، وعدَمِ الفِداء في أُسارى بَدْرٍ، وتحريمِ الخَمْر، وغيرِ ذلك، فإِمَّا لأَنَّ العدَد لا يَنفي الزَّائد، أو أنَّ قولَه ذلك قَبْلَ المُوافقة في غير الثَّلاث.
(لَو) جوابُها محذوفٌ، أو هي للتَّمنِّي، فلا جوابَ لها.
(وآيَةِ الحِجَاب)؛ أي: قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] وعطفُه على مُقدَّرٍ؛ أي: اتخاذِ مصلًّى من مقام إبراهيم، وهو بدلٌ من قوله:(ثَلاثٍ)، فتكون (آية) هنا بالجرِّ، ويحتمل رفعُه بالابتِداء، ونصبُه على الاختِصاص، فتُرفع (آية)، أو تُنصب.
(البَرُّ) بفتح المُوحَّدة، صفةٌ مُشبَّهةٌ.
(الغَيْرَةِ) بفتح المُعجَمَة، وستَأتي القِصَّة في سورة التَّحريم.
ووجه مطابقة الحديث التَّرجَمة: رجوعُه للجزء الأَوَّل فيها كما دلَّ الحديث بعدَه على الجزء الآخر، فكلاهما وفَّيَا بهما، لكن هذا على تَفسير مَقام إبراهيم بالكَعْبة وما يتعلَّق بها، وهو أظهر، لأَنَّ المُتبادر من مقام إبراهيم الحَجَر الذي وقَف عليه، وموضعه مشهورٌ، وهو معنى قول (ح): إنَّه سأَل أَنْ يكون مَقام الحَجَر مُصلى بين يدَي القِبْلة يقوم عنده، فنزلت الآية.
(وقالَ ابنُ أَبِي مَرْيَم) ابن سعيد، هذه رواية أبي ذَرٍّ، ورواية غيره:(حدَّثنا)، وسيَأتي الحديث في تفسير البقرة، وإنَّما استشهد بذلك دفعًا لمَا في الإسناد السَّابق من ضعفِ عَنْعَنة هُشَيْم؛ إذ قيل: إنَّه مُدَلِّسٌ؛ على أنَّ معَنعَن "الصَّحيحين" كلَّه مقبولٌ؛ لثُبوت اتصاله من
طُرُفي أُخرى، سواءٌ استشهد له، أو ذُكر متابعة، أو لا، وإنَّما لم يجعل هذا الإسنادَ أصلًا لمَا في يَحيَى من سُوءِ حفْظه.
قال (ط): ولأنَّ ابن أبي مَرْيَم ذكَره مُذاكرةً، أي: على روايةِ (قال)، لا روايةِ (حدَّثنا).
* * *
403 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَناَ مَالِكُ بْنُ أَنسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ في صَلَاةِ الصُّبْح إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآن، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبةِ.
الحديث الثَّاني:
(قُبَاء) بالمَدِّ، والتَّذكير، والصَّرف، على الأشهر، سبَق بيانه.
(الصُّبْح) سبَق أنَّ هذا غير الجماعة في العصر، وأَنَّ ذلك بالمدينة، وهذا خارجٌ عنها.
(آتٍ) قيل: عَبَّاد بن بِشْر، وقيل: ابن نهيْك، وقيل: ابن وَهْب.
(قُرآنٌ) نُكِّر؛ لأنَّ القَصْد البعض.
(فاستَقْبَلُوها) بفتح الباء عند أكثر رواة البُخاري، خبَرٌ، أو كسرها كما رواه الأَصِيْلي على أنَّه أمرٌ.
(وكَانَتْ) إلى آخره، هو كلامُ ابن عمر لا الرَّجل الآتي لهم.
ووجْه مطابقته للتَّرجمة: أنَّهم استقبلوا في أوَّل الصَّلاة القبلةَ المَنسوخة جاهلين بالنَّسخ، فهو كالنِّسيان، فصدَق أنَّهم سَهَوا، فصلَّوا لغير القِبْلة، ولم يُؤمَروا بإعادةٍ، وقد سبَق أنَّه على الشِقِّ الثَّاني من التَّرجَمة، أو مطلقًا.
* * *
404 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قالَ: صلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقَالُوا: أَزِيدَ في الصَّلَاةِ؟ قَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ "، قَالُوا: صلَّيْتَ خَمْسًا، فَثنَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.
الحديث الثَّالث:
(ومَا ذَاكَ؟)؛ أي: ما سببُ هذا السُّؤال؟ وهذا وجه التَّرجَمة؛ لأنَّه زمانَ المُكالَمة كان غير مُستقبلٍ؛ لرواية: (أَقبَل على النَّاس)، وأيضًا فالعادة ذلك في المَكالَمة، وهو في صلاةٍ بدليل أنَّه لو أحدَثَ بطلَت، وهو يظُنُّ سَهوًا أنَّه ليس في صلاةٍ، ولم يُعِدِ الصَّلاة.
قال (ط): في وجوب الإعادة على مَنِ اجتهد في القِبْلة وأَخطَأ خِلافٌ، فقال أبو حنيفة: لا يُعيد، وعليه جَرَى البُخاري تعلُّقًا بأنَّه لم يُعِد، ولم يأمُر بالإعادة في هذه الأحاديث، مع أنَّهم كالمُجتهد في القِبْلة.