الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الصَّلاة) أعمُّ من الحضَر والسَّفَر، وهو وجه التَّرجَمة.
(أكبركم) إنَّما قدَّم الأكبرَ مع أنَّه يُقدَّم على الأَسَنِّ الأَفقهُ، ثم الأَقْرأُ، ثم الأَوْرعُ؛ لأنَّهم مكَثُوا عنده صلى الله عليه وسلم نحو عِشْرين ليلةً، فاستَووا في الأَخْذ عنه عادةً، فلم يَبق ما يُقدَّم به إلا السِّنُّ.
وفي الحديث: الحثُّ على الأَذان والجماعة، وتَقديم الأَسنِّ عند الاستِواء فيما سبَق، واستدلَّ به جماعة على تَفضيل الإمامة؛ لقوله في الأذان:(أَحَدُكُمْ)، ثم الصَّارِف للأمر عن الوجوب الإجماع.
* * *
18 - بابُ الأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً وَالإقَامَةِ، وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْع، وَقولِ الْمُؤَذِّنِ:"الصَّلَاة فِي الرِّحَالِ" فِي الليْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرة
(باب الأَذانِ للمُسافِر إِذا كانُوا جماعةً)
(بعرفة) هي على المَشهور الزَّمان، وهو تاسعُ ذي الحِجَّة، لكن المُراد مَكانُ الوُقوف، وسبَق نقْل الجَوْهَري، عن الفَرَّاء: أَنَّ عرَفات لا واحدَ له، وأنَّ قَول النَّاس نَزلْنا عرفةَ شَبيةٌ بالمولَّد لا عرَبيٌّ مَحْضٌ.
(بجَمْعٍ)؛ أي: بالمُزدلفة، سُمِّيتْ جَمْعًا؛ لاجتِماع النَّاس فيها ليلةَ العِيْد.
(الصَّلاة) بالنَّصْب، أي: أَدُّوها، وفي بعضها بالرَّفع مبتدأٌ، وخبره (يُصلِّي).
(مَطِيْرة) فَعِيْلَةٌ من المَطَر، لا مَفعولةٌ، أي: فيها، فحُذفتْ صلتها؛ لامتِناع التَّأنيث فيها، والإسنادُ إلى اللَّيلة مجاز، وفيه أَربعةُ أقوالٍ: مجازٌ في الإسناد، أو في أَنبَتَ، أو الرَّبيع، أو المَجموع، وسَمَّاه السَّكَّاكيُّ: استِعارةٌ بالكنَاية، والإمامُ الرَّازي: مَجازًا عَقْليًّا.
* * *
629 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أن يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ:"أَبْرِدْ"، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ:"أَبْرِدْ"، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ:"أَبْرِدْ"، حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْح جَهَنَّمَ".
الحديث الأَوَّل:
سبق في باب الإِبراد معنى أكثرِه.
(ساوى)؛ أي: صار ظِلُّ الشَّيء مثلَه، لا يُقال: هذا وقت العصر، ولا يُؤخَّر الظُّهرُ إليه، فيُحمل على أنَّ آخرَ صلاتِها إليه.
وهذا الحديثُ لا يدلُّ على ظاهر التَّرجَمة، فيُؤخذ مما بعد ذلك، أو يُؤخذ من الأُولى باعتبار أَنَّ مَن لم يقُل بندب الأذان في السَّفَر يقُول: هو مَظِنَّةُ التَّخفيف، والإِقامةُ أخَفُّ من الأذان بلا شَكٍّ؛
إذ لا قائلَ بالفَرْق بينهما استِحبابًا وعدمَه.
* * *
630 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُويرِثِ، قَالَ: أتى رَجُلَانِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدَانِ السَّفَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا أَنتُمَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّناَ، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أكبَرُكُمَا".
(فأذنا)؛ أي: يكونُ من جهتِكما لا أن كُلًّا يُؤذِّن، كما يُقال:[قالتْ] قَبِيْلةُ بنِي فُلانٍ، والقائلُ منهم واحدٌ، أو يُقال: قَتَلوا فُلانًا يصدُق بقَتْل الواحد منهم إيَّاه، وقال التَّيْمي: هو للاستِحباب، وإنْ كان الباقي يُجزئُ.
(ليؤمكما) يَجوز تَسكينُ لام الأمرِ بعد (ثُمَّ)، ويَجوز فَتْحُ ميمه للخِفَّة، وضمُّه للإتباع، والمُناسبة.
* * *
632 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَناَ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ناَفِعٌ، قَالَ: أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ، ثُمَّ قَالَ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَأخْبَرَناَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ:"أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ"، فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ.
الحديث الثَّاني:
(بِضَجْنَان) بفتح المُعجَمَة، وسُكون الجيم، ونُونيَن: جَبَلٌ على بَريدٍ من مكَّة.
(وأخبرنا) عطفٌ على (أَذَّنَ).
(ثم يقول) عطفٌ على (يُؤذِّن).
(إثْره) بكسر الهمزة، وسُكون المُثلَّثة، وبفتحها: ما بَقيَ من رَسْم الشَّيء.
(في الليلة) ظرَفٌ لـ (كان يَأمر)، نعمْ، سبَق أنَّه يقولُه في أثناء الأذان، وهنا بعد الفَراغ، وسبق الجواب بجواز الأمرَين، نصَّ عليه الشَّافعي في "الأُم"؛ لأمره صلى الله عليه وسلم بكل منهما في وقتٍ آخر.
* * *
633 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَناَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَو الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَبْطَح، فَجَاءَهُ بِلَالٌ فَآذَنهُ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ خَرَجَ بِلَالٌ بِالْعَنَزَةِ حَتَّى ركزَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَبْطَح وَأقامَ الصَّلَاةَ.
الحديث الثَّالث:
(إسحاق) قال الغَسَّاني: إذا قال: حدَّثنا جَعْفر بن عَوْن، فهو كما قال أبو نصر: إمَّا إسحاق بن راهَوَيْهِ، أو ابن منصور، وهو الأشبه