الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وعن الزُّهري) راجعٌ إلى حديث سُفيان، إلا أَنَّ هذا بعَنْعَنْةٍ في غير أبي أيُّوب؛ فإنَّه بلفظ: سمعتُ، والأَوَّل بـ (حدثنا)، إلا في عَطاء وأبي أيوب فبـ (عن)، فهو فائدةُ إعادةِ السَّنَد بعينه.
* * *
30 - بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}
(باب قول الله عز وجل {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125])
على قراءة: {وَاتَّخِذُوا} [البقرة: 125] بالأَمر، أي: وقُلنا لهم: اتَّخِذُوا، أو قراءته فعلًا ماضيًا عطْفًا على (جَعَلْنا).
ومقام إبراهيمِ: هو الحَجَر الذي فيه أثَر قدَمَيه، ومَوضع الحجَر الذي كان حين وضع قدَميه عليه، وعن عطاء: هو عرَفة ومُزدلفَة، وعن النَّخَعِي: الحرَم كلُّه.
ومُصَلَّى: مَوضع صلاةٍ، وقيل: مُدَّعًا، وقال الحسن: قِبْلَة.
395 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ الْعُمْرَةَ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيَأْتِي امْرَأتهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ ركعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنةٌ، وسأَلْنَا جابرَ بنَ عَبْدِ اللهِ فقال: لا يَقْرَبَنَّهَا حتَّى يطوفَ بين الصَّفَا والمَرْوَةِ.
الحديث الأَوَّل:
(للعُمْرَةِ) في بعضها بدون لام الجر، لكنْ بتقديرها.
قلتُ: فيكون مفعولًا لأجله بالتَّعريف، وتأويل العُمرة بالاعتمار.
(ولَمْ يَطُفْ)؛ أي: لم يَسْعَ، فأَطلق عليه ذلك؛ لأَنَّ فيه طَوافًا، قال تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، وفيه أيضًا مُشاكَلةٌ لقوله:(فطَاف بالبَيت).
(أيَأْتِي)؛ أي: لكَون التَّحلُّل بالطَّواف؛ إِذْ لا تحلُّل إلا بالسَّعي.
(أُسْوةٌ) بالضمِّ والكَسْر، أي: قُدوةٌ، لا سِيَّما وقد قال صلى الله عليه وسلم:"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ".
ففيه وجوبُ السَّعي للعُمرة، وأَنَّ الطَّواف سبعةُ أشواطٍ؛ نعمْ، قيل في الصَّلاة: إنَّها سُنَّة، وقيل: واجبة، وقيل: إن كان الطَّواف واجبًا فواجبة، أو سنةً فسنة.
* * *
397 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَيْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دخَلَ الْكَعْبَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلَالًا قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ، فَسَأَلْتُ بِلَالًا فَقُلْتُ: أَصلَّى النَّبِيٌّ صلى الله عليه وسلم في الْكَعْبةِ؟ قَالَ: نعمْ، ركعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيتيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِه إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى في وَجْهِ الْكَعْبةِ ركعَتَيْنِ.
الحديث الثَّاني:
(يحيى)؛ أي: القَطَّان.
(سَيْفٍ) بفتح المُهمَلَة وسُكون المُثنَّاة تحت ثم فاء: ابن سُليمان.
(وأَجِدُ) أتى به مضارعًا، والمُناسب لمَا سبَق: وجدتُ؛ لحكاية الحال، أو استِحضار لتلك الصُّورة.
(بَينَ البَابَينِ)؛ أي: مِصْرَاعَي الباب؛ إذ لم يكنْ للكعبة حينئذٍ إلا بابٌ واحدٌ، أو باعتبار أن في زمن إبراهيم عليه السلام كان لها بابان؛ لأَنَّ ابن الزُّبَيْر جعَل لها بابَين، وفي بعضها بدل البابين: النَّاس.
(السَّارِيتينِ)؛ أي: الأُسطُوانتَينِ.
(يَسَارِه)؛ أي: يَسَارِ الدَّاخل، أو يَسار البيت، أو هو من الالتِفات، وإلا فكان الوجْه: يسَارِكَ؛ لتُناسب: دخلتَ الذي أُريد به العُموم مثل: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ} [السجدة: 12].
وفيه جواز الصَّلاة داخل الكعبة.
(في وَجْهِ) ظاهره: عند مقام إبراهيم، وبه تحصل مُطابَقة التَّرجَمة، ويحتمل جِهَة الباب عُمومًا.
* * *
398 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَخْبَرَناَ
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ دَعَا في نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ ركعَ ركعَتَيْنِ في قُبُلِ الْكَعْبَةِ وَقالَ:"هَذِهِ الْقِبْلَةُ".
الحديث الثَّالث:
(ابن جُرَيْجٍ) هو عبد المَلِك بن عبد العَزيز بن جُرَيْج.
(ولَمْ يُصَلِّ) حديث بِلال أنَّه صلَّى أَرجحُ منه؛ لأنَّه لم يثبت أَنَّ ابن عبَّاس دخَل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مُرسل صحابي.
قال (ن): أجمع أهل الحديث على الأَخذ برواية بلال؛ لأنَّه مثبِتٌ، ومعه زيادةُ عِلْم، وأما نَفيُ من نفَى كأُسامة فلاشتِغاله بالدُّعاء في ناحية حين رأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَدعو، وبلالٌ كان قَريبًا منه، فلم يحفظ أُسامة ذلك لبُعده، وإغلاقِ الباب، وخفَّةِ الصَّلاة، وشغلِه بالدُّعاء، فنفَى لظنِّه.
قيل: ويحتمل أنَّه صلى الله عليه وسلم دخلَ مرَّتين، مرَّة صلَّى، ومرَّة دعا ولم يُصلِّ.
(ركعَ)؛ أي: صلَّى، من إِطلاق الجُزء على الكُلِّ، وفيه أَنَّ تطوُّع النَّهار يُستحبُّ مَثْنى.
(قُبل) بضَمِّ القاف والمُوحَّدة ويجوز إسكانها؛ أي: مقابلها الذي يستقبلك منها، والظَّاهر أنَّه مقام إبراهيم، كما سبق.
قال (خ): المعنى في ذلك أنَّه استقرَّ استِقباله، فلا يُنسخ أبدًا، أو