الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - بابُ التَّيَممِ فِي الحضَرِ إِذَا لَمْ يَجِدِ المَاء وَخَاف فوْتَ الصَّلَاةِ
وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي المَرِيضِ عِنْدَهُ المَاءُ وَلَا يَجدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ: يتيَمَّمُ.
وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَرْضِهِ بِالجُرُفِ، فَحَضَرَتِ العَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَم، فَصَلَّى، ثُمَّ دَخَلَ المَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَة، فَلَمْ يُعِدْ.
(باب التيمم في الحضر)
(فوت) في بعضِها: (فَوَاتَ).
(وبه)؛ أي: تيمُّمِ الحاضِرِ عندَ فَقدِ الماء، وبذلك قال الشَّافعيُّ أيضًا؛ لكنْ معَ القَضاء.
(من يناوله)؛ أي: يُعطيه ويُعينه، بل وعند الشَّافعيِّ أنَّه يتيمَّمُ إذا خافَ من الماء مَحذورًا كما نُقِلَ في الفِقه؛ وإنْ وَجَدَ مَن يُعينُه، ولم يَحتَجْ لقضاءٍ.
(بالجرف) بضمِّ الجيمِ والرَّاء، ورُبَّما سُكِّنت، وجَمعُه (جِرَف) بكسر الجيم وفتح الرَّاء، كحُجرة وحِجَر، وهو ما تجزفُ السيولُ وتأكلُ من الأرض، والمرادُ به مَوضعٌ من جِهة الشَّام على ثلاثةِ أميالٍ من المدينة.
(فحضرت): أُنِّثَ بالتاء؛ لأنَّ المُرادَ بالعَصر: صلاةُ العَصر.
(بمربد) بكسرِ الميم وسكونِ الرَّاء وفتحِ الموحَّدة ودالٍ مهملة، موضع تُحبَسُ به النَّعَم، وهذا المِربَدُ على ميلين من المَدينة، فلهذا دخَلَ في ترجَمَةِ الحَضَر؛ لأنَّ السَّفرَ القصيرَ في حُكمِ الحَضَر.
(فصلى)؛ أي: بتيمُّمٍ وإن لم يذكرْه البخاريُّ، فقد رواه مالك وغيرُه.
* * *
337 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَناَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونة زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمٍ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ أبو الجُهَيْم: أَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُل فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثمَّ رَدَّ عليه السلام.
(عبد الله بن يسار) بفتح المثنَّاة تحتُ وبمهمَلة.
قال (ن): وقعَ في "مسلم" بدله: (عبدُ الرَّحمن بنُ يسار)، ووقعَ فيه أيضًا؛ (أبو جَهم) بالتَّكبير، وكلاهُما غَلَطٌ، أي: فالذي في هذا الحديث: (أبو جُهيم) بالتَّصغير، وربَّما قيلَ:(الجُهَيم) بلامِ لَمحِ الأصلِ، وهو عبدُ الله بنُ الحارث.
(بئر جمل) بفتح الجيم والميم: موضِعٌ بالمدينة.
(رجل) هو أبو جُهَيم، راوي الحديث كما في "مسند الشَّافعيِّ".
(فلم يرد) بتشديد (1) الدال، أي: لم يردَّ السَّلامَ.
قال (ن): والحديثُ محمول على أنَّه صلى الله عليه وسلم كان عادِمًا للماء حالَ التيمُّمِ؛ لامتناعِ التيمُّمِ مع القُدرة، سواء في فرضٍ أو نفلٍ؛ لكنَّ هذا التيمُّمَ لرَدِّ السَّلام، وهو ذِكر يجوزُ على غَير طُهرٍ، فوجه الاستدلالِ به للتَّرجَمة أنه إذا تيمَّمَ للذِّكرِ والطَّهارةُ سنَّةٌ له؛ فالتيمُّمُ للصَّلاةِ إذا خاف فوتَها أولى، ففيه دليلٌ على التيمُّمِ للنَّوافل، وأيضًا فإذا خافَ الفَوت في السَّفَر تيمَّمَ لفَقدِ الماء بالنَّص؛ كانَ الحاضِرُ مثلَه قياسًا.
(على الجدار) إنَّما تيمَّم بالجدارِ، ولا يجوز مثلُه إلا بإذنِ المالكِ لأنَّ ذلك الجدارَ كان مُباحًا، أو عَلِمَ من مالكِه الرِّضا، ولا سيَّما للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال (ط): في الحديث ردٌّ على الشَّافعيّ في اشتِراطه الغبارَ؛ فإنَّ الجدارَ لا غبارَ عليه، وردَّه (ك): بأنَّ الغالبَ على الجدار الغبارُ، فمن أين نفيُه مع أنَّه ثبَتَ أنَّه صلى الله عليه وسلم حتَّ الجدارَ بالعصا ثم تيمَّم فيُحمَلُ المُطلَقُ على المُقيَّد.
* * *
(1) في جميع النسخ: "بتثليث الدال".