الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس: قوانين الاشتراكية
قامت الاشتراكية على مبادئ جاهلية من تصورات الحقد اليهودي؛ لتجعل من قادتها آلهة من دون الله تعالى، ومن البشر عبيدًا لهم ينفذون أحكامهم ويتبعون تشريعاتهم، ومن خالف فالحديد والنار على رأسه لا رحمة لديهم ولا إنسانية، ومن أهم تلك المبادئ الجاهلية:
1-
إظهار الإلحاد وإنكار وجود الخالق سبحانه وتعالى.
2-
إنكار الأديان وكل ما جاءت به من تشريع.
3-
إشعال الثورات والصراع الطبقي المرير بين جميع الفئات من البشر.
4-
إلغاء الملكية الفردية تمامًا، وإحلال ملكية الدولة محلها.
5-
محاربة الأسرة وإحلال الإباحية محلَّها؛ لتفتيت أوصال المجتمعات.
6-
محاربة الحريات الفردية.
7-
الالتزام بنظام التأميم.
8-
قيمة السلعة من قيمة العمل.
9-
فائض القيمة.
10-
قانون تكدّس رأس المال.
وستأتي إن شاء الله دراسة هذه الأمور بتوسُّع عن دراسة الشيوعية.
ومن الملاحط أن الاشتراكيين قد تراجعوا بالنسبة للملكية الفردية نوعًا ما، فقد أخذت بالحافز الفردي بعد انهيار الإنتاج المؤمَّم، إمَّا بملكية جزء من إنتاج الفرد لنفسه أو مكافآت، خصوصًا في المجالات الزراعية التي يصعب على الدولة مراقبتها بدقة؛ لأن منع الملكية الفردية أمر يتنافى مع فطرة الإنسان وطموحه فقتلها مستحيل.
والمقصود "بقيمة السلعة من قيمة العمل" أن العمل لا يبذل إلّا في شيء له نفع اجتماعي يحدد قيمة تلك السلعة، بمعنى أن قيمة العمل والجهد الذي يأخذه هو الذي يحدِّد قيمة السلعة هبوطًا وارتفاعًا.
ولكن فاتهم أن العمل ليس هو العنصر الوحيد لقيمة السلع؛ إذ أنَّ ندرة الشيء تجعله غاليًا كالذهب والماس، وكذا الماء حين تشتد الحاجة إليه، وغير ذلك من الضروريات التي قد يتضاءل العمل في قيمتها، كما أنه قد يبذل العمل القليل في صناعة شيء يفوق في القيمة أضعاف ما يبذل في العمل الكبير.
وأما فائض القيمة فيراد به "الفصل بين الأجر المستحق عن العمل المبذول، وبين ما يحصل عليه العامل من الأجر، أو هو الزيادة التي يبتزها صاحب العمل من العامل نتيجة إعطائه أجرًا لا يساوي جهده المبذول، فإن معدَّل ما يقدمه العامل من جهد هو أكبر مما يناله من الأجر"1، أو المقصود بها: الشيء الزائد عن قمية السلعة الحقيقية التي هي حقّ العامل، بينما
1 النظرية الماركسية في ميزان الإسلام ص141.
يأخذها الرأسمالي كجزء من القيمة، وفائضها يذهب له لا للعامل، ولكن نظرة ماركس هنا قاصرة، ونقصها ما وقع بعد عصره من تشغيل الآلات التي لا يساوي عمل الفرد شيئًا إلى جانبها، وهل عمل المهندس الفني الذي يدير مجموعة آلات يتساوى مع عامل فلاح؛ بحيث يتساويان في الأجرة أو في قيمة الناتج؟ "ففائض القيمة اليوم هو حق الآلة التي تعمل ذاتيًّا أو أتوماتيكيًّا وليس حق العامل"، وإذا كانت الماركسية تدافع عن فائض القيمة التي يبتزها الرأسمالي صاحب العمل، فإن هذا الفائض في المذهب الاشتراكي يذهب تمامًا إلى الدولة التي أمَّمَت كل شيء، فلم يحصل العامل على حقه الفائض ولا في الرأسمالية، ولا في الاشتراكية، غير أن الاشتراكية تخدعه وتمنيه بالكذب، فالعامل فيها يكدح ويعمل طويلًا في مقابل ما تعطيه الدولة من المأكل والمشرب والملبس والسكن المتواضع جدًّا، وهو أقل مما يبذله من العمل.
وأما قانون تكدّس رأس المال فإنه يريد به حماية العامل في حالة إقامة المصانع والمشاريع الكبيرة وسيطرة أصحابه على السوق؛ بحيث تبقى المصانع الصغيرة أو المشاريع الصغيرة غير قادرة على منافسة الكبيرة، وبالتالي يخسرها أصحابها فتتكدَّس الأموال بين فئة الأغنياء من جرّاء ملكيتهم لهذه المصانع، وملكيتهم لفائض القيمة، ويرد على هذه الفكرة أن االمشاريع الصغيرة قد تصل إلى الأماكن النائية التي لا تستطيع المشاريع الكبيرة الوصول إليها ومنافستها فيها.
كما أن الأعمال الصغيرة قد تأخذ شهرة أكثر من الكبيرة من حيث الإتقان والجمال، ولهذا تجد العمل اليدوي في مجالات كثيرة لا يزال ذا قيمة أكبر في المجتمعات وفي أثمان السلع.
كما أن المشروعات الكبيرة -في أغلبيتها- تأخذ شكل شركات مساهمة، قد يسهم فيها مئات بل آلاف، ومن ثَمَّ يتوزَّع رأس المال ولا يتكدَّس1.
وفوق ذلك كله يقال لهم: إن الله تعالى -وإن لم يؤمنوا به- هو الذي قسَّم الأرزاق: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} 2، ولهذا تجد أن الفقير والغني كلاهما يأكلان من فضل الله، وصدق المتنبي حيث قال:
ولو كانت الأرزاق تجري على الحجى
…
هلكن إذًا من جهلهنَّ البهائم
وهل كان ماركس يهدف إلى الرحمة بالفقراء؟ كلّا. إنما يهدف إلى تطبيق مبدئه الجهنمي في إثارة الأحقاد والصراع الطبقي، والانتقام المتبادل بين فئات الناس والفتك ببعضهم بعضًا.
1 بتصرف عن "الاتجاهات الفكرية المعاصرة" ص193.
2 سور الزخرف، الآية:32.