الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
الرجعية والجمود:
أما الرجعية فقد قيل في تعريفها: إنها هي الميل في السير إلى الوراء، والعزوف عن متابعة الحركة نحو اليقظة التي يتمّ عندها تكامل استعدادات الإنسان الطبيعية.
وأما الجمود: فهو الوقوف في الحركة عند مرحلة من مراحل تطور الإنسان في كماله وتمام نمو طاقاته البشرية1.
هكذا قيل في تعريفهما، ولكن ماذا كان يقصد بها أعداء الأديان؟
لقد اتخذ الملاحدة ومن تبعهم هذا المصطلح نقطة انطلاق في سبّهم للإسلام والمسلمين، ولقد قالوا منكرًا من القول وزورًا، فالإسلام والمسلمون بريئان من هذا الوصف، بل أعداء الإسلام أحق به، وسلوكهم وأفكارهم هي عين الرجعية والجمود، فإن المتتبع لأقوالهم عن نشأة الإنسان وتطوره لو قارنها بأقوالهم اليوم عن تمدحهم بالتطور لرأى العجب في تناقضهم، وكذلك ما يرمون به المسلمين من الرجعية والجمود يكذبهم حال المسلمين الذين يطبقون الإسلام قولًا وعملًا، كيف كانت سعادتهم وسعادة شعوبهم في تطبيقهم لأحكام الشرعية الغراء التي أنزلها الله كاملة شاملة صالحة إلى يوم القيامة، لا تحتاج إلى أحد ينقص منها أو يزيد فيها، وفي العقوبات المقدَّرة كحد السرقة والزنا والقتل والقذف وغير ذلك، خير شاهد على أن الإسلام شريعة كاملة شاملة متطورة يمتد ظلها إلى يوم القيامة.
وحينما كان الملك فيصل رحمه الله ينادي بالتضامن الإسلامي2، وعودة المسلمين إلى تحكيم شرع الله عز وجل، والتمسك بسنته، رماه أعداء
1 التطور والدين، ص19.
2 قد كانت الدعوة إلى التضامن الإسلامي بمثابة جريمة كبرى عند الثائرين من العرب وغيرهم، وكانت أكثر الإذاعات العربية وغيرها تتفكه بالنيل من تلك الدعوة.
واليوم وبعد أن ظهرت حقيقة ضعف المسلمين وهوانهم على الأمم بدءوا يتكلمون عن اتحاد المسلمين وتضامنهم، وأنه لا قيمة لهم إلّا من خلال إثبات وجودهم الإسلامي، كما حدث في المؤتمر الذي يعقد في ماليزيا الآن، وعسى أن يفيق المسلمون ويراجعوا دينهم بصدق وإخلاص، خصوصًا وقد كشَّر النصارى عن أنيابهم على المسلمين، وتصريحاتهم بسبِّ الإسلام وحضارته.
الإسلام عن قوس واحدة بالسبّ والشتم بالرجعية والتخلف، فكان يقول في خطبه المؤثرة:"إن كان التمسك بالإسلام رجعية فنحن نفتخر بأننا رجعيون"، ولقد اتضح ولله الحمد بعد أن انجلت الحقيقة عن زيف الشيوعية والدعوة إلى القومية أو الوطنية أو سائر النعرات الجاهلية أنَّ الإسلام هو الذي سيبقى على امتداد تاريخ البشر، وأن الميل في السير إلى الوراء والعزوف عن متابعة الحركة التي توصلهم إلى تكامل استعداداتهم الطبيعية هو أخص صفات المذاهب الفكرية الضَّالة الجامدة بخلاف الإسلام، فإنه دين شامل ومتطور، بيَّن كل ما يتعلق بوجود الإنسان منذ أن أوجد الله آدم إلى خلق ذريته، وما يمرون به من المراحل المتطورة في حياتهم، منذ استقرار أحدهم نطفة في بطن أمه إلى خروجه إلى الدنيا، ثم انتقاله منها إلى أن يصل إلى الجنة أو النار، مع بيان كل ما يحتاج إليه في صلاح دينه ودنياه وتعامله معه نفسه، ومع الآخرين في أدق تنظيم وأعدله.