الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: التكافل في النظام الشيوعي
أما التكافل الاجتماعي في النظام الشيوعي القائم بدلًا عن الملكية الفردية فقد قرَّر الشيوعيون فيم مذهبهم -كما عرفت سابقًا- أنَّ على الدولة أن تقوم بكفالة جميع المواطنين، وزعموا أن هذا المبدأ أفضل من نظام الرأسمالية: من غبن المواطنين حقوقهم، وتغليب طائفة على أخرى لعدم التزامهم الشيوعية، كما هو تعليل الملاحدة أقطاب الاشتراكية الشيوعية.
والكفالة التي يتمدح بها النظام الشيوعي تشمل الطعام والملبس والمسكن والجنس، ولكن تحت هذه الضمانات تفاصيل مزعجة، أول ما فيها أنَّها مفروضة فرضًا؛ فالسكن هو أقرب شبهًا بزرائب الحيوانات التي تحشر في الأمكنة الضيقة، كما أنه في مقابل هذه الضمانات يتحتَّم على كل فرد قادر على العمل رجلًا أو امرأة أن يعمل ويجتهد في العمل؛ إذا أن المبدأ المتبع "من لا يحترف لا يعتلف" والدولة هي التي تسير الناس في أعمالهم حسب ما تطلب منهم؛ إذ لا ملكية فردية، فالكل يعمل للدولة، والإنتاج كله للجميع -أي الدولة، ولا يعفى من العمل إلّا الأطفال وكبار السن العاجزين والمرأة في حالة الولادة، والتي يجب عليها أن تعود إلى العمل بعد أن تسلم طلفلها لدور الحضانة الجماعية حتى تنتهي من العمل، ثم تأخذه من الحضانة لترجعه عند مجيئها للعمل مرة أخرى إلى بيتها، أو تسلمه الحضانة دون أن تجد في نفسها أيّ حرج في
ذلك، وما في الدستور الشيوعي من أنَّ الدولة تكفل كل فرد بتقديم الطعام والملابس والسكن فإنما هو في مقابل بيعه نفسه لهم، ولا يهتم النظام الشيوعي بقضية الجنس والأسرة، فقد أباح النظام كل العلاقات الجنسية بلا حدود، بل ويفضلون أن يعيش الناس على النظام الشيوعي القديم -بما فيه شيوعية النساء- إلّا أنهم قد أبدوا أخيرًا حسب ما يقال عنهم تراجعًا عن هذا النهج بفضل الدعايات التي قامت ضدهم، والأوبئة التي انتشرت بينهم، فقبلوا مسألة الزواج والطلاق في صور ساذجة هي إلى اللهو والرياء أقرب منها إلى الجد، فقد أنشأوا مكاتب لتسجل الزواج، وأخرى لتسجيل الطلاق دون أن يترتَّب على ذلك أيّ شيء، فاللرجل والمرأة أن يسجّل الزواج متى شاء، ويفصله متى شاء، ولكل شخص أن يعاشر من يريد، ومن الافتراء الفاحش زعم الملاحدة ومن تبعهم من المخادعين أن مبدأ الكفالة الاجتماعية هو إحدى حسنات الشيوعية الماركسية لنصِّه في دستوره على أن الدولة هي التي تشرف على توزيع العمل وتوزيع الإنتاج بالتساوي، ولا يذكرون أنه وفي مقابل ذلك يكدح الإنسان فيها بكل جهده؛ ليقطف الحكام ثمرة ذلك الجهد، وعلى طريقة من "لا يعمل لا يأكل"، و"من كل حسب طاقته، ولكل حسب حاجته"، وقد تقدَّم بحث هذه الفكرة وكيفية تطبيق الحزب الحاكم لها ونتائج ذلك، وقد عرفت مما سبق أن الإسلام يكفل كل محتاج من بيت المال الذي يقدّم المساعدة للمحتاجين دون أن يطالبهم بالعمل في مقابل ذلك بعجزهم عنه؛ لأنه يعتبر المحتاج شريكًا للغني أو مقاسمًا له في جزء من ماله، وهي الزكوات والصدقات والتبرعات وغير ذلك، يأخذ هذا المال وهو عزيز
النفس لا يستدل ولايهان من أجل سدّ حاجته، وهذا الأمر مما تميِّز به الإسلام عن الماركسية التي ترى الذل للفرد أمرًا واجبًا للحصول على سد حاجاته الضرورية، وكفرضية العمل على الرجل والمرأة على حد سواء، دون لفت النظر إلى حال المرأة وضعفها وكثرة متاعبها.