الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: قيام الشيوعية الأولى بقيادة رجل يسمَّى "مزدك
"
قام "مزدك" في أيام ملك فارس المسمَّى "قباذ بن فيروز بن يزدجرد" كما يذكر المؤرخون بالدعوة إلى شيوعية فوضوية عارمة تأكل الأخضر واليابس، وعانى الناس منها الأمرَّيْن، وفي وصف شيوعية "مزدك" وفوضويته يقول ابن الأثير:"واستحلَّ المحارم والمنكرات، وسوَّى بين الناس في الأموال والأملاك والنساء والعبيد والإماء، حتى لا يكون لأحد على أحد فضل في شيء الباتَّة، فكثر أتباعه من السفلة والأغتام1، فصاروا عشرات ألوف، فكان مزدك يأخذ امرأة هذا فيسلمها إلى الآخر، وكذا في الأموال والعبيد والإماء، وغيرها من الضياع والعقار، فاستولى وعظم شأنه، وتبعه الملك "قباذ"، فقال يومًا لقباذ: اليوم نوبتي من امرأتك أم أنوشروان، فأجابه إلى ذلك، فقام أنوشروان إليه ونزع خُفَّيه بيده وقبَّل رجليه، وشفع إليه حتى لا يتعرَّض لأمه، وله حكمه في سائر ملكه فتركها"2.
ومن حكمة الله تعالى أن صار الملك بعد ذلك إلى أنوشروان فانتقم من المزدكية أشد انتقام. فإن أنوشروان حينما تولَّى الملك أذن للناس في الدخول عليه، وكان من الداخلين "المنذر بن ماء السماء"، و"مزدك"، فقال "أنوشروان": إني كنت تمنيت أمنيتين أرجو أن يكون الله عز وجل
1 الأغتام: واحدها: غتم وغتمي، من لا يفصح في كلامه للعجمة، انظر "مختار الصحاح" ص369.
2 الكامل لـ "ابن الأثير"، ج1، ص413.
قد جمعهما إليّ، فقال "مزدك": وما هما أيها الملك، قال: تمنيت أن أملك وأستعمل هذا الرجل الشريف، يعني "المنذر"، وأن أقتل هذه الزنادقة، فقال "مزدك": أوتستطيع أن تقتل الناس كلهم؟ فقال: وإنك ها هنا يا ابن الزانية، والله ما ذهب نتن ريح جوربك من أنفي منذ قبلت رجلك إلى يومي هذا.
وأمر به فقُتِلَ وصُلِبَ، وقتل منهم ما بين جازر إلى النهروان إلى المدائن في ضحوة واحدة مائة ألف زنديق وصلبهم"1.
وانتهت هذه الشيوعية وقُضِيَ عليها إلى أن تولَّاها فيما بعد "كارل ماركس".
1 الكامل لـ "ابن الأثير"، ج1، ص435.