الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع: خداع الاشتراكيين في زعمهم أن الاشتراكية لا تتعارض مع الإسلام
يتظاهر كثير من المخادعين الاشتراكيين بأنهم إنما يؤيدون الاشتراكية؛ لأنها تحمل الرحمة للفقراء وكبت الإغنياء؛ ولأنها فوق كل اعتبار لا تتعارض مع الإسلام ولا مع الأديان، ولذلك فهي تلتقي مع الإسلام في مبادئ كثيرة "مثل اشتراك الناس في الماء العام وفي الهواء وفي الكلأ النابت في الأرضي العامة، ويسمَّى الكلأ المباح عند الفقهاء، ومثل النفقة الواجبة في نظام الأسرة الإسلامي، ومثل الزكاة المفروضة في الشريعة الإسلامية لصالح الفقراء والمساكين وبقية الأصناف الثمانية المذكورة في آية الزكاة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 1، ومثل تدخل الدولة لحماية العمَّال والكادحين في حصولهم على الأجور العادلة دون ظلم ولا شطط، ومثل تهيئة فرص العمل لكل قادر عليه، ونحو ذلك"2.
ونقول بأنه وبغَضِّ النظر عن صحة هذه الدعاوي أو كذبها، فإن مجرد التوافق في التسمية لا يكون توافقًا في الحقيقة، وإلا لكانت كل الاختلافات
1 سورة التوبة، الآية:60.
2 انظر كواشف زيوف ص245.
لا قيمة لها؛ لأنه ما من مختلفين في قضية من القضايا إلّا وتجد بينهم توافقًا ما. فإقرار الإسلام لتلك الأمور هو غير إقرار الاشتراكية لها، وترتيبه لها غير ترتيب الاشتراكية لها، ومفهومه غير مفهوم الاشتراكية، واشتراك الناس في تلك الأمور في الإسلام هو اشتراك مودة ورحمة وإخاء وتسامح، بينما هو في الاشتراكية حق واحد للسبع الكبير-الدولة- تأخذ منها شعبها، ثم تسمح بالباقي للآخرين في مقابل "من لم يحترف لم يعتلف"، وفوق كل ما تقدَّم نقول لمخادعي الاشتراكي: من أين جاء مصدر الإسلام؟ ومن أين جاء مصدر الاشتراكية؟ وهل يلتقي التشريع الإلهي والتشريع البشري على حدٍّ سواء.
إن الإسلام لا يعترف بأي نظام جاهليّ وضعي، فكيف يقال: إنه يعضده ويوافقه، سواء أكان اشتراكيًّا أو رأسماليًّا أو شيوعيًّا، إنه من الكذب والافتراء الفاحش القول بتوافق الإسلام مع هذه الأنظمة الجاهلية وغيرها.
وإذا سلَّمنا جدلًا بتوافق الإسلام مع تلك الأنظمة، فما هو السبب في قتل الاشتراكيين الشيوعيين للمسلمين في الاتحاد السوفييتي قتلًا لا يتصوّر العقل أهواله، ودمارًا لا حدَّ له، لقد حاربوا الإسلام حربًا شعواء، وهدموا المساجد وحاربوا وجود أي كتاب إسلامي على امتداد البلاد السوفيتية، وأصبحت تهمة الشخص بأنه مسلم كافية لإباحة دمه وتدمير منزله، حتى تناقص أعداد المسلمين وعدد مدراسهم وعدد مساجدهم تناقصًا مذهلًا، فما هو جواب هؤلاء البهائم -بل هم أضل- ما هو جواب الاشتراكيين عن هذا السلوك، ألم تنكشف خدعهم للعالم أجمع؟ وتظهر الحقيقة لكل ذي رأي وعين أن العداواة بين الحق والباطل دائمًا على أشدها؟
ومن الأدلة الواضحة على بعد الاشتراكية عن الإسلام ما نراه من الفشل الذريع الذي منيت به في ديار المسلمين رغم ما يبذله أقطابها من مغريات جمَّة لإنعاشها بين المسلمين، ذلك أن الإسلام والمسلمين ينفرون منها ويرفضونها جملة وتفصيلًا، وثانيًا: إنها لم تنجح إلّا في أوساط المتخلفين اقتصاديًّا وثقافيًّا ودينيًّا، أو متسلط متزلف إلى أقطاب الاشتراكية، أو كافر حاقد، أو إباحي مجرم، أو جاهل بحقيقة الاشتراكية1.
وما نسمعه من نجاحها في بعض البلدان العربية فإنما هي دعايات وزوبعات مؤقَّتة وراءها الحديد والنار، ثم انجلت الغمَّة عن تلك البلدان، فإذا بالاشتراكية وأقطابها في المزابل، ولنا في دخولها البلدان ونهايتها فيها، وفي دخول الإسلام البلدان المفتوحة وبقائه فيها، خير شاهد على مدى الفرق الهائل بينهما.
1 انظر هذه هي الاشتراكية ص26.