الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: المال في الإسلام
يحث الإسلام على العمل والإنتاج وكسب المال الحلال، فمهما كانت كثرته إذا كان عن طرق مشروعة ويريد به صاحبه الدار الآخرة وإعفاف نفسه ومن يعول عن ذلّ المسألة، قال تعالى:{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} 1.
وبالمال قوام الحياة، وقد قيل: كاد الفقر أن يكون كفرًا، وهو أعدى أعداء الإنسان، ومن زعم أن الإسلام يحثّ على الفقر ويرغِّب فيه على أنه زهد يثاب عليه الإنسان فقد كذب وافترى، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"2.
وقال صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى"3.
وغير ذلك من النصوص، ولم يرد عن أحد من الصحابة أنّه اختار الفقر على الغنى، وإنما عرف هذا الهوس عن غلاة الصوفية الذين فضَّلوا الفقر الاختياري على الغنى على الطريقة الهندوسية، مع أنهم في واقع الأمر كانوا من كبار الأغنياء، ووجد لبعضهم مدخرات ثمينة
1 سورة القصص، الآية:77.
2 أخرجه مسلم، ج4، ص2052.
3 أخرجه مسلم ج2، ص717،والبخاري في صحيحه، ج5، ص23465.
بعد موتهم؛ لأن حب المال فطرة في الإنسان، والإسلام لا يجعل المال هو الغاية التي يجب أن تطلب لذاتها، أو أنه هو الطريق الوحيد إلى السعادة، بل يجعله وسيلة إلى إصلاح شئون الحياة إذا كان عن الطريق المشروع، وفي نفس الوقت تجد أن الإسلام ينظر إلى المال على أنَّه قضية محترمة، وعلى أنَّه عارية بيد الذي يملكه، وأن المال ومالكه ملك لله تعالى، فلهذا ذكر الله في القرآن الكريم أصحاب الأموال بأن الله جعلهم مستخلفين فيه، فلا يحل لهم التصرف فيه إلّا وفق ما شرَّعه الله تعالى، ومن هنا حرم الذبح لغير الله والإسراف والتبذير وإنفاق المال فيما حرَّمه الله، وأخبر تعالى أنه سيحاسب أصحاب الأموال حسابًا شديدًا، فلو كان ملكًا لهم لما حاسبهم عليه، وقد قال تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} 1، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع" وذكر منها: "وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه". وإنما ينسب إلى مالكه من البشر؛ لأنه بيده يتصرف فيه وكأنه هو المالك الحقيقي في ظاهر الأمر، وهذه قاعدة من قواعد الاقتصاد في الإسلام، أن المال لله تعالى، والبشر مستخلفون فيه ومحاسبون عليه.
1 سورة النور، الآية:33.