الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: زعامة الشيوعية الماركسية
أول زعماء الشيوعية الإلحادية وأشهرهم هو "كارل ماركس"، الذي تنسب إليه العقيدة الماركسية المنتشرة في شتَّى أنحاء المعمورة، وُلِدَ "ماركس" في سنة 1818م، ومات سنة 1883م، كان على صلة وثيقة بصديقه "إنجلز" الذي صاغ معه البيان الشيوعي المشهور باسم "البيان الشيوعي" سنة 1847م، تنقَّل ماركس في عدة بلدان من أوروبا، ألَّف كتابه "رأس المال" الذي أصبح المرجع والدستور للشيوعين، اشتمل على عبارات وتسميات كثيرة تدور حول المال وأصحاب المال، ووجوب التغيير للمجتمعات رأسًا على عقب، مثل: البرجوازية، والرأسمالية، البروليتاريا، دكتاتورية البرولتياريا، المادية الجدلية، التفسير المادي للتاريخ، صراع الطبقات، فائض القيمة، محاربة الملكية الفردية، والإقطاع، وأعاد وأبدى حولها.
- ويقصد بالبرجوازية: طبقة الأغنياء.
- ويقصد بالرأسمالية: النظام الذي يقوم على جمع المال بأية طريقة كانت في الدول الغربية.
- ويقصد بالبروليتاريا: طبقة العمال الفقراء، أو نظام التملُّك العام ومنع الطبقات.
- ويقصد بدكتاتورية البروليتاريا: أي حكم العمَّال أو الفقراء حينما يتحقق حلمهم بإزاحة طبقة الأغنياء.
- ويقصد بالمادية: أي أن كل موجود إنما كان سبب وجوده المادة التي نتج عنها بطبيعته، وهي سابقة للروح وسائر إحساسات الإنسان بزعمه.
- أما المادية الجدلية: فيقصد بها تغليب المادة على كل شيء، ومنها الأفكار، فإن الأفكار كلها ناتجة عن المادة، لا أنَّ المادة ناتجة عن الأفكار، ولهذا فإنَّ التناقض لا يكون بين الأفكار، وإنما يكون بين نظامين قائمين يتولَّد عنهما ثالث كما سيأتي بيانه.
- أما المادية التاريخية: فالمقصود بها تفسير التاريخ البشري تفسيرًا ماديًّا قائمًا على المادة وتأثيرها في مجريات تاريخ البشر وتطورهم، وما يقع بينهم من أحداث، لا أن هناك إلهًا أو تفكيرًا يؤثر على تاريخ البشر دون المادة بزعمه.
- أما فائض القيمة: فقد تقدَّم بيانه في دراسة الاشتراكية.
- وأما إلغاء الملكية الفردية: فالمقصود بها: إنه لا يحق لأي فرد أن يملك شيئًا من الموارد بمفرده، بل لا بُدَّ أن تكون الملكية عامَّة على جميع أفراد الشعب، وبيد الدولة.
- وأما صراع الطبقات: فالمقصود به: التحريش بين الأغنياء والفقراء والاستئثار بالمال لوصول طبقة البرولتياريا إلى الحكم والسلطة.
- وأما الإقطاع: فهو النظام الذي كان معترفًا به أيام تسلُّط الأباطرة
ورجال الدين النصراني على الفقراء، واقتطاعهم الأراضي الواسعة وحرمان الفقراء منها، بل جعلهم عبيدًا لأصحاب الإقطاعيات يباعون مع بقية كائنات الإقطاعية.
ومما يذكره الباحثون عن ماركس أنه كان حادّ الطباع قلقًا ثائر النفس ضعيف البنية متعصّب لشخصيته، لا يسمح لأحد بانتقاده، ولا قيمة لأي صديق إذا لم يوافقه في كل شيء يعتقده، يستعذب الهجوم على كل مخالفيه، ويسبهم بأقبح السباب في حقد يهودي شديد يملأ نفسه، وحينما حمل على جميع الأديان لإبطالها فإنما كان يريد كلَّ الأديان ما عدا اليهودية التي يحترمها في قرارة نفسه، ولعلَّ بغضه لجميع الأديان إنما كان بسبب العداء الشديد في زمنه لليهود من جميع الديانات، واحتقار الناس لليهود بسبب سلوكهم البغيض تجاه بقية الناس، ومما لازلت أذكره أنه في إبَّان قوة المد الشيوعي وظهور الأحزاب الشيوعية في مختلف البلدان كانت بعض الإذعات العربية تكيل المديح لـ "كارل ماركس"، وتصفه للسامعين بأنه كان برًّا رحيمًا محبًّا للفقراء، يعيش معهم ويحنّ على أوضاعهم كالأب الرحيم بأبنائه، وكانوا يحثّون السامعين على شراء كتبه ودراستها، وأوصاف أخرى كثيرة ربما كان أكثرها من خيالات أولئك الحثالات الذين كانوا يظنّون أنهم بلغوا لقمة في الرقي والتقدمية، حينما اعتنقوا مبادئ "ماركس" اليهودية، قبَّحه الله وقبَّحهم حينما كانوا يتطالون على الإسلام ونبي الإسلام بالازدراء والاستهزاء والمقارنات الكاذبة بين حال النظام الإسلامي المتخلِّف -بزعمهم، وبين حال النظام الماركسي التقدميّ العادل.
ولئن كان ماركس قد تظاهر بأنَّه يدعو لخلاص الفقراء ورفع الظلم عنهم ومساواتهم بالأغنياء، ومحاربة الرأسمالية الجشعة، فإنه كان للفقراء كالمستجير من الرمضاء بالنار.
فلقد كان مذهبه المشئوم نكبة على الفقراء والأغنياء والعمال وكل الطبقات، لقد جاء بظلم جديد بدلًا عن الظلم القديم، وبطالة جديدة بدلًا عن البطالة القديمة، وإذا كان هو نفسه كما يذكر من سيرته كان تعيسًا طفيليًّا كما سمَّته أمّه يعيش على مال غيره، فكيف يمكن أن يسعد الآخرين، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، وسيتبين للقارئ مدى فداحة الظلم الذي وقع على البلدان التي ابتليت بالشيوعية من خلال هذه الدراسة -إن شاء الله.
وبعد هلاك "كارك ماركس" تتابع على القيام بأمر الشيوعية جمعيّات وأفراد ورؤساء يغذيهم الحقد اليهودي في مؤامرات وثورات وفتن يتلوا بعضها بعضًا على أيدي أشرار خلق الله من الثوريين الشيوعيين "كارل ماركس"، و"فردوخ إنجلز" وغيرهما ممن جاء بعدهما "ستالين"، و"لينين"، إلى "بريجنيف"، وقد برز منهم "لينين"، و"ستالين"، و"ترتسكي"، وقد تزعَّم "لينين" سنة 1903م الثورة الشيوعية العارمة على النظام الرأسمالي، إلى أن مات سنة 1924م، نشب صراع بين "ستالين" و"تروتسكي"، واستطاع "ستالين" ذلك الجبار العنيد أن يخرج منتصرًا بمؤامراة تَمَّت باغتيال "تروتسكي" سنة 1940م، وتَمَّ الأمر "لـ "ستالين" الذي أقام الشيوعية قويةً عنيفةً في روسيا، والبلدان التي دارت في فكلها، وتعززت كذلك بانضمام
الصين إلى الشيوعية الماركسية سنة 1950م، وقامت الأحزاب، وتعدَّدت إلّا أنّ أهم الأحزاب القائمة كان في البداية تتمثَّل في حزبين هما: حزب البلاشفة، وحزب المنشفيك.
والبلشفية، والمنشفية: تعني الأكثرية والأقلية، وهما الحزبان الأساسيان في تكوين الاشتراكية الشيوعية في روسيا لقلب نظام الحكم واستلام السلطة، وكان حزب البلاشفة بزعامة لينين هم الأكثرية، ولهذا قيل له بلاشفة، أي: الأعضاء الغالبية، بينما حزب المنشفيك، أي: الأعضاء الأقلية، كانوا أقل من حزب البلاشفة، وقد تزعَّمهم "بليخانوف"، وكانوا كلهم على مبادئ "ماركس"، ولكنهم كانوا يختلفون في الطريقة التي سيتم بها تغيير روسيا إلى إظهار الشيوعية، وتطاحنوا فيما بينهم على الفريسة، وقد تَمَّ أخيرًا على يد "لينين" الاستحواذ على السلطة، وانفصلوا عن المنشفيك نهائيًّا، وكوَّنوا الحزب الشيوعي الروسي الذي قضى على عناصر المنشفيك فيما بعد.
وكان الانفصال بين الحزبين قد ظهر في الحرب العالمية الأولى؛ حيث كان البلاشفة ينادون بإحلال السلام، وخالفهم المنشفيك، وعارضوا التعاون مع الأحزاب البرجوازية، وتوالت الأحداث إلى أن جاء "لينين"، فاصبح البلاشفة هم الأغلبية التي قضت بعد ذلك على المنشفيك في صراع مرير ومؤمرات ومكائدة حاقدة كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.