الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: وجود الموارد وندرتها
يرى أصحاب النظام الوضعي -الرأسمالي- أن الإنسان له حاجات كثيرة غير متناهية، بينما الموارد التي تسد تلك الحاجات محدودة أو نادرة بالنسبة لكثرة حاجات الإنسان في نظرهم، وتبعًا لهذا التفكير ابتدأ الاقتصاديون نشر أفكارهم وأبحاثهم وسياساتهم، فعقَّدوا الأمور وأجدّوا عاملًا وهميًّا كان هو السبب بزعمهم في عدم حياة الإنسان الحياة السعيدة التي يريدها، وهو قلة الموارد المتاحة له في مقابل حاجاته غير المتناهية.
وقد تأثَّر بهذه الفكرة كثير من الكُتَّاب؛ حيث أرجعوا سبب المشكلات الاقتصادية إلى قلة الموارد الاقتصادية أو زيادة السكان أو سوء التوزيع أو سوء التعامل الاقتصادي، وغير ذلك من التعليلات، وقد أورد محمود بن إبراهيم الخطيب خمسة أسباب لظهور المشكلة الاقتصادية بصورة عامَّة كما يراها الاقتصاديون من غير المسلمين، وهي1:
1-
الندرة النسبية للموارد الاقتصادية لعدم كفايتها بالحاجات، أي: عدم توفُّر السلع الاقتصادية لسد الحاجات.
2-
زيادة السكان بصورة أكبر من زيادة الموارد، ويسمونه "الانفجار السكاني".
3-
سوء توزيع الموارد بسبب سوء الأنظمة الوضعية.
1 بتصرف. انظر كتاب "النظام الاقتصادي في الإسلام" ص28-29.
4-
ظهور الاحتكارات والبنوك الربوية، وهدر كثير من الموارد وحرمان البشرية منها؛ لتستقر في أيدي فئات خاصة من الناس.
وقد ذكر أن الندرة حقيقة موجودة في بعض النواحي، وأرجع أسباب ذلك إلى:
1-
إلى الإنسان ذاته لعدم التزامه بهدي الله تعالى.
2-
الابتلاء من الله تعالى.
3-
بسبب عدم استخدام الإنسان لكافَّة طاقاته سواء الذهنية والعقلية.
4-
ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، مثال ذلك: ما تفعله بعض الدول بالقاء المنتجات الزراعية في البحر وإحراقها كما تفعل الدول الرأسمالية؛ لكي تحافظ على ارتفاع السعر، بينما الإسلام لا يقيم نظرته الاقتصادية لا على الوفرة المطلقة ولا على الندرة أيضًا، وأن تسخير الله الكون كله للإنسان لا يعني حصوله على كل شيء بلا جهد أو عمل، فلو كان كل شيء يتَّصف بالوفرة المطلقة لتكاسل الناس وتقاعسوا عن العمل، ولما كانت هناك دوافع للإنسان أن يسعى في الأرض ويعمرها1، ولو كانت الأمور قائمة على الندرة المطلقة ليئس الناس واشتدت حاجتهم، ولما وجد منهم هذا التفاوت الاقتصادي، ولما اتخذ بعضهم بعضًا سخريًّا؛ لكي تستقيم الأمور وتسير الحياة.
1 انظر "النظام الاقتصادي في الإسلام" ص65-66 "بتصرف".