المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: رد زعم الملاحدة أن البشرية قامت على الشيوعية الأولى - المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها - جـ ٢

[د. غالب بن علي عواجي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب العاشر: العلمانية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: حقيقة التسمية

- ‌الفصل الثاني: التعريف الصريح للعلمانية

- ‌الفصل الثالث: نشأة العلمانية وموقف دعاتها من الدين، وبيان الأدوار التي مرَّت بها

- ‌الفصل الرابع: الردّ على من زعم أنه لا منافاة بين العلمانية وبين الدين

- ‌الفصل السادس: هل العالم الإسلامي في حاجة إلى العلمانية؟ وأسباب ذلك

- ‌الفصل السابع: انتشار العلمانية في ديار المسلمين، وبيان أسباب ذلك

- ‌الفصل الثامن: مظاهر العلمانية في بلاد المسلمين

- ‌مدخل

- ‌المسألة الاولى: العلمانية في الحكم

- ‌المسألة الثانية: هل يوجد فرق في الإسلام بين الدين والسياسة

- ‌المسألة الثالثة: العلمانية والاقتصاد

- ‌المسألة الرابعة: العلمانية والعلم والتعليم والاكتشافات والدين

- ‌المسألة الخامسة: العلمانية في السلوك

- ‌الفصل التاسع: آثار العلمانية في سلوك بعض المسلمين

- ‌مدخل

- ‌العمل العام عند المسلمين بالعلمانية

- ‌ ظهور الولاءات المختلفة:

- ‌ ظهور أفكار العلمانية كحلول حتمية:

- ‌ الاختلاف في الدراسة والشهادة:

- ‌ ظهور التأثر في الأسماء:

- ‌ الهجوم على اللغة العربية:

- ‌ التأثر في التعليلات:

- ‌ التأثر في الأخلاق:

- ‌ العلمانية والآداب:

- ‌ علمنة الإعلام:

- ‌ تعقيب على ما سبق:

- ‌الباب الحادي عشر: الديمقراطية والشورى ونظرية السيادة

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: منزلة الديمقراطية في الحضارة الغربية

- ‌الفصل الثاني: معنى الديمقراطية ونشأتها

- ‌الفصل الثالث: الوصول إلى الغاية

- ‌الفصل الرابع: هل حقق الأوربيون مطالبهم في الديمقراطية حقيقة

- ‌الفصل الخامس: الحكم على الديمقراطية

- ‌الفصل السادس: هل المسلمون في حاجة إلى الديمقراطية الغربية

- ‌الفصل السابع: الديمقراطية والشورى

- ‌الفصل الثامن: حكم من يتمسَّك بالديمقراطية الغربية

- ‌الفصل التاسع: نظرية السيادة

- ‌المبحث الأول: ما هي نظرية السيادة

- ‌المبحث الثاني: أساس قيام نظرية السيادة

- ‌المبحث الثالث: ما مدى صحة نظرية سيادة الشعب

- ‌المبحث الرابع: المسلمون ونظرية السيادة

- ‌المبحث الخامس: حكم السيادة في الإسلام

- ‌الباب الثاني عشر: الإنسانية أو العالمية أو الأممية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: بيان المقصود بالإنسانية أو العالمية أو الأممية

- ‌الفصل الثاني: سبب انتشار دعوى الإنسانية

- ‌الفصل الثالث: أماكن انتشارها

- ‌الفصل الرابع: هل يحقق مذهب الإنسانية السعادة

- ‌الفصل الخامس: هل تحققت دعاوَى الإنسانية بالفعل

- ‌الفصل السادس: هل تقبل الدعوى إلى الإنسانية التعايش مع الإسلام والمسلمين

- ‌الفصل السابع: الإنسانية والمغريات

- ‌الفصل الثامن: الإنسانية والقومية والوطنية

- ‌الفصل التاسع: تناقض دعاة الإنسانية

- ‌الفصل العاشر: زعماء الدعوة الإنسانية

- ‌الفصل الحادي عشر: الإنسانية الحقيقية، والرحمة الصادقة هي في الإسلام

- ‌الباب الثالث عشر: الوجودية

- ‌الفصل الأول: التعريف بالوجودية

- ‌الفصل الثاني: أقسام الوجودية

- ‌الفصل الثالث: ظهور الوجودية وأبرز زعمائها

- ‌الفصل الرابع: من هو سارتر

- ‌الفصل الخامس: الوجودية هي الفوضى

- ‌الفصل السادس: أسباب انتشار الوجودية

- ‌الفصل السابع: الرد على الوجوديين

- ‌الباب الرابع عشر: الروحية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: تعريف الروح

- ‌الفصل الثاني: ظهور الروحية

- ‌الفصل الثالث: إنتشار هذا المذهب

- ‌الفصل الرابع: منزلة فكرة "تحضير الأرواح

- ‌الفصل الخامس: أدلة دعاة تحضير الأرواح

- ‌الفصل السادس: مجمل عقائد الروحيين

- ‌الفصل السابع: حقيقة الروحية وأشهر زعمائها

- ‌الفصل الثامن: الروحية والملاحدة

- ‌الفصل التاسع: قضية الإلهام

- ‌الباب الخامس عشر: القومية

- ‌الفصل الأول: المقصود بالقومية

- ‌الفصل الثاني: دراستنا للقومية

- ‌الفصل الثالث: كيف ظهرت القومية

- ‌الفصل الرابع: متى ظهرت القومية

- ‌الفصل الخامس: كيف تسربت دعوى القومية إلى البلدان العربية والإسلامية

- ‌الفصل السادس: نتيجة ظهور القومية بين المسلمين

- ‌الفصل السابع: ماذا يراد من وراء دعوى القومية

- ‌الفصل الثامن: هل المسلمون في حاجة إلى التجمع حول القومية

- ‌الفصل التاسع: هل تحققت السعادة المزعومة في ظل القومية

- ‌الفصل العاشر: خداع القوميون

- ‌الفصل الحادي عشر: إبطال فكرة القومية

- ‌الفصل الثاني عشر: نقض الأسس التي قامت عليها القومية

- ‌الفصل الثالث عشر: الإسلام والقومية

- ‌الفصل الرابع عشر: مصادر دعم القومية

- ‌الفصل الخامس عشر: أهم مشاهير دعاة القومية العربية

- ‌مصطفى الشهابي:

- ‌محمد معروف الدواليبي

- ‌ جمال عبد الناصر:

- ‌ الخاتمة:

- ‌الباب السادس عشر: الوطنية

- ‌الفصل الأول: بيان حقيقة الوطنية

- ‌الفصل الثاني: القومية والوطنية

- ‌الفصل الثالث: كيف نشأت دعوى الوطنية

- ‌الفصل الرابع: هل نجحت الوطنية في تأليف القلوب

- ‌الفصل الخامس: الإسلام والوطنية

- ‌الفصل السادس: نتائج تقديس الوطنية

- ‌ تعقيب على ما سبق:

- ‌الباب السابع عشر: المذهب الوضعي

- ‌الفصل الأول: حقيقة المذهب الوضعي

- ‌الفصل الثاني: زعماء المذهب الوضعي

- ‌الباب الثامن عشر: الإلحاد

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: المراد بالإلحاد

- ‌الفصل الثاني: كما تدرجوا في إظهار الإلحاد

- ‌الفصل الثالث: أقسام الإلحاد

- ‌الفصل الرابع: أسباب ظهور الإلحاد

- ‌الفصل الخامس: هل يلتقي الإسلام مع الأنظمة الإلحادية

- ‌الباب التاسع عشر: الاشتراكية

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: معنى الاشتراكية

- ‌الفصل الثاني: أقسام الاشتراكية

- ‌الفصل الثالث: متى ظهرت الاشتراكية

- ‌الفصل الرابع: هل الاشتراكية هي الشيوعية

- ‌الفصل الخامس: مزاعم الاشتراكيين ودعاياتهم

- ‌الفصل السادس: قوانين الاشتراكية

- ‌الفصل السابع: خداع الاشتراكيين في زعمهم أن الاشتراكية لا تتعارض مع الإسلام

- ‌الفصل الثامن: كيف غزت الإشتراكية بلدان المسلمين

- ‌الفصل التاسع: دعاة على أبواب جهنم

- ‌الباب العشرون: الشيوعية

- ‌الفصل الأول: دراسة عن الشيوعية

- ‌مدخل

- ‌ تمهيد عام عن الشيوعية:

- ‌المبحث الأول: قيام الشيوعية الأولى بقيادة رجل يسمَّى "مزدك

- ‌المبحث الثاني: من أكاذيب الشيوعيين

- ‌المبحث الثالث: رد زعم الملاحدة أن البشرية قامت على الشيوعية الأولى

- ‌المبحث الرابع: زعامة الشيوعية الماركسية

- ‌المبحث الخامس: الأسس التي قامت عليها النظرية الشيوعية

- ‌مدخل

- ‌ المادية:

- ‌ الجدلية "الديالكيتك

- ‌ تعقيب:

- ‌ التطور:

- ‌المبحث السادس: التفسير المادي للتاريخ والأطوار المزعومة له والرد عليها

- ‌مدخل

- ‌ مدى صحة الأطوار التي تزعمها الشيوعية:

- ‌ المشاعية البدائية:

- ‌ الرِّق:

- ‌ الإقطاع:

- ‌ الرأسمالية "البرجوازية

- ‌المبحث السابع: التفسير المادي للإنسان

- ‌المبحث الثامن: التفسير المادي للقيم الإنسانية

- ‌المبحث التاسع: حرب الأخلاق والقيم

- ‌المبحث العاشر: القضاء على الأسر

- ‌المبحث الحادي عشر: محاربة الدين

- ‌المبحث الثاني عشر: سبب قيام الحضارة الإلحادية على العداء للدين

- ‌المبحث الثالث عشر: هل يوجد بين الدين والعلم نزاع

- ‌المبحث الرابع عشر: إنكار وجود الله تعالى وتقدس

- ‌مدخل

- ‌ هل البشر في حاجة إلى أدلة لإثبات وجود الله تعالى

- ‌ شبهات الملاحدة في إنكارهم وجود الله تعالى:

- ‌المبحث الخامس عشر: روافد أخرى

- ‌مدخل

- ‌ الإنسان التقدمي:

- ‌ الرجعية والجمود:

- ‌ الخرافة والتقاليد:

- ‌ الحرية والكبت:

- ‌ الإلحاد:

- ‌الفصل الثاني: الاقتصاد في الإسلام وفي المذاهب الوضعية

- ‌المبحث الأول: قضية الملكية الفردية والجماعية

- ‌المطلب الأول: الملكية في الإسلام

- ‌المطلب الثاني: الملكية في المذاهب الوضعية

- ‌المبحث الثاني: رد مزاعم الملاحدة الشيوعيين

- ‌المطلب الأول: رد مزاعمهم في الملكية الفردية

- ‌المطلب الثاني: رد مزاعمهم في نشأة الصراع الطبقي

- ‌تعقيب

- ‌المبحث الثالث: إيضاح بعض الجوانب الاقتصادية

- ‌المطلب الأول: التعريف بعلم الاقتصاد

- ‌المطلب الثاني: مدى أهمية العامل الاقتصادي في حياة الإنسان

- ‌المطلب الثالث: أهمية دراسة الأحوال الاقتصادية

- ‌المطلب الرابع: الغزو الفكري عن طريق الاقتصاد

- ‌المطلب الخامس: المال في الإسلام

- ‌المطلب السادس: وجود الموارد وندرتها

- ‌المطلب السابع: مدى صحة تعليل أصحاب النظام الوضعي للمشكلة الاقتصادية

- ‌المطلب الثامن: تنظيم الإسلام للشؤون المالية وطريقة معالجته لمشكلة الفقر

- ‌المبحث الرابع: التكافل في النظم البشرية

- ‌المطلب الأول: التكافل في الرأسمالية

- ‌المطلب الثاني: التكافل في النظام الشيوعي

- ‌المراجع:

- ‌قائمة بأسماء بعض المراجع:

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المبحث الثالث: رد زعم الملاحدة أن البشرية قامت على الشيوعية الأولى

‌المبحث الثالث: رد زعم الملاحدة أن البشرية قامت على الشيوعية الأولى

مما يجب التسليم به أن ما زعمه الملاحدة من أن المجتمع قام على الشيوعية في بدايته ما هو إلّا افتراض ظنون لا يملكون على صحتها أيّ دليل صحيح، بل كل شيء يكذبهم {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} 1.

فقد تصوروا في أخيلتهم أن البشر البدائيين أقاموا فيما بينهم شراكة في كل شيء قبل أن يتطوروا ويعرفوا الملكية الفردية، رادّين بهذا كل ما جاءت بذكره الشرائع وخصوصًا الإسلام، وما شهد به التاريخ، وما تواتر نقله في كل الأجيال، وما شهد به الواقع على مر السنين من أنَّ الله تعالى هو الذي رتَّب حياة الإنسان وطريقة تعامله منذ أن أهبطه الله إلى الأرض، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأنَّ ما من أمة إلّا خلا فيها نذير، وأن الإنسان هو الإنسان من بدايته إلى نهايته، لم يتغيِّر لا في هيئته ولا في طبيعته ولا في حبه للملكية الفردية منذ وجوده على الأرض، وما تصوره الملاحدة من انعدام الملكية الفردية وذوبان الشخص في القبيلة إنما كان يصدق على بعض عهود الجاهلية من التعصُّب الشديد للقبيلة، لكن في غير الملكية الفردية، مع أن تصور عدم ميل كل شخص إلى الملكية الفردية افتراضي بعيد الوقوع ومحال، نعم وُجِدَ بين أفراد القبيلة الواحدة تعاون قوي وتعاضُد وشراكة في السراء

1 سورة الكهف، الآية:5.

ص: 1072

والضراء، وتلاحم بين كل أفراد القبيلة إلى حدِّ أن الفرد لا يتصور وجوده وكيانه وانتماءه، وما يأخذه وما يتركه، إلّا من خلال قبيلته، يفعل كل ما تفعله قبيلته، ويترك كل ما تتركه دون أن يكون له أي رأي في مخالفة عرف القبيلة، ولكن هذا الحال لا يصلح أن يكون دليلًا للملاحدة على شيوعية البشر على الطريقة التي قرَّرها ماركس وأتباعه، بل إن اعتقاد أن البشر كانوا بمنزلة البهائم في بدايتهم هو الظلم بعينه، والكذب على البشرية بعينه، وردٌّ صريح لكل ما يثبت في الأديان السماوية من تكريم الله للبشر ورفعهم عن منزلة الحيوانات البهيمة التي تصورها الملاحدة في تفسيرهم لنشأة البشر، وقيام أمورهم على الناحية الاقتصادية والقبلية فقط كما زعموا، ثم على فرض المستحيل أن بعض المكتشفين وجدوا قبائل تعيش على الفوضى في كل شيء بما فيها الجنس، ألا يصح أن يوصف هؤلاء بأنهم شواذّ لا قيمة لهم، فاسدي الفطرة، وأن وصف البشرية كلهم بتلك الوصمة الشنيعة لأجل ما وجده هؤلاء عند تلك القبائل الهمجية يعتبر تطاولًا على تاريخ البشر؟ هذا إن صح أنهم وجدوا بشرًا بتلك الحال، مع أن كذبهم وافتراءهم وارد، ذلك أن ما من إنسان يرضى بالفوضى الجنسية في أهله، بل إنها حالة لا ترضى بها حتى الحيونات البهيمية فضلًا عن الإنسان، فقد أخبر الله عز وجل عن فطرة الإنسان وعن الغيرة الموجودة فيه منذ أن وجد أبناء آدم على هذه الأرض وقتل أحد بني آدم آخاه، وليت شعري لماذا يحرص الشيوعيون على إشاعة الجنس أكثر من غيره، فإن الشيوعيين يحرصون أشد الحرص على إشاعة الجنس بالطريقة المشتركة لعلَّه ترغيبًا لمن يتوق إلى ذلك من الشباب والشابات الساقطين

ص: 1073

ولظنّهم أن الشيوعية ستبني وتنهض بسبب هذه الدعايات الرخيصة، ولكنهم فوجئوا باستحقار الناس لهم واستهجانهم لهذا السلوك الشائن، فعادوا وزعموا أن شيوعية النساء ليست قاصرة على المذهب الشيوعي، وإنما هي قضية شائعة بين كل الطبقات خصوصًا الأغيناء بصور مختلفة، ولكن هذا الدليل هو واهٍ كبيت العنكبوت لم يخرجهم أيضًا من استحقار الناس لهم في مناداتهم بالفوضى الجنسية العارمة؛ لأن الباطل لا يستدل له بالباطل، وذلك أن استدلالهم بالمنحرفين لا يعطيهم المبرر لدعواهم، فهو تبرير باطل بباطل، ويكفي أن يقال عن الجميع: إنها أوضاع فاسدة جاهلية يجب أن تصحح، ولا تستحق أن تكون قدوة أو دليلًا يظلمون به فطر الناس ويخدشون كرامتهم، سواء كانوا من الأغنياء أو من الفقراء، فهو عمل لا تقره حتى الحيوانات.

وأما زعم الملاحدة أن الناس في الشيوعية الأولى كانوا يعيشون عيشة متساوية لا فروق بينهم، فهو افتراض ينقصه الدليل، فمن أين لهم أنهم ما كانوا يشعرون بالفوارق فيما بينهم، وأقل ما فيها فوارق في الذكاء، فوارق في إتقان العمل، فوارق في القوة الجسدية والنفسية، فوارق في الشجاعة، وفوارق في المال

إلى آخر الفوارق التي لا يجهلها أيّ إنسان سليم العقل، وحتى الملاحدة لا يجهلونها، لولا أنهم يريدون تحبيب الشيوعية إلى الناس، وخصوصًا الناس الذين يشعرون بانتقاص المجتمع لحقوقهم، أو أنهم مغلوبون على أمرهم، ويتمنَّون أي فرصة لإثبات وجودهم الذي يحلمون به، فانتهز الملاحدة وجود هذه الفوارق الحتميّة بين الناس للمناداة بالقضاء عليها، وأنَّى لهم ان يطبقوا ذلك فعلًا وهو مخالف لما أراده الله تعالى في سننه، ذلك أن

ص: 1074

الله تعالى هو الذي أراد للناس أن يكونوا بهذه الحال؛ منهم الذكي ومنهم البليد، ومنهم الغني ومنهم الفقير، إلى آخر الصفات المعلومة بالضرورة من أحوال البشر، فكيف يقضون على ما أراد الله بقاءه، والحاصل أنه لا دليل لهم على كل ما زعموه من تلك المساواة المكذوبة، وكذلك زعمهم أن الناس كانوا يعيشون حياة ملائكية في منتهى السعادة إن هو إلّا خيال فارغ تكذّبه طبيعة البشر منذ وجودهم إلى اليوم، إضافة إلى أنه لا دليل لهم إلّا محض أخيلتهم المنكوسة، وإلّا فأي زمن خلا عن الحرب والتنافس بين القبائل على أمور كثيرة، أقلها المرعى والحمى والغنائم، وما إلى ذلك من الأمور التي لا بُدَّ من وقوعها ضرورة في كل أجيال البشر.

وأخيرًا أخي القارئ الكريم، يجب أن تعلم أن الحقائق كلها تدل على أن الشيوعية التي نادى بها "ماركس" ورفاقه لم تكن نتتجة عن التأثر بالشيوعية الأولى فقط، وإنما كانت بدافع منها من التخطيط الماسوني اليهودي كما تبيَّن ذلك في دراستنا للماسونية حينما أوعز دهاتها إلى "كارل ماركس" أن ينادي بهذه النظرية الفاشلة؛ لأن تاريخ اليهود يدل على أنهم يستثمرون الأحداث لصالحهم، وأنهم قد برعوا في هذا الجانب، لا أنهم هم الذين يثيرون الأحداث ابتداءً، كما يذكر بعض الباحثين مما يعطي لليهود حجمًا أكبر من حجمهم الحقيقي.

ص: 1075