الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس
انتهاء عقد الوديعة بزوال الأهلية
[م-1978] يشترط في العقود أهلية التصرف، وهذا الشرط كما هو شرط في ابتداء العقد، فهو شرط في استمراره، فإذا فقدت الأهلية فقد انتهى عقد الإيداع.
فالأهلية تزول بالجنون عند جمهور الفقهاء، فإذا جن المالك بعد عقد الإيداع بطل عقده؛ لأنه لم يعد ولي نفسه، بل يلي ماله غيره من ولي أو وصي.
وإذا جن الوديع لم يعد أهلًا للحفظ، وهذا مذهب الحنفية، والشافعية والحنابلة
(1)
.
وأما المالكية فلم أقف لهم على نص في المسألة، ويمكن تخريج عقد الإيداع على عقد الوكالة، فإنهم عرفوا الإيداع: بأنه توكيل بحفظ المال
(2)
.
والمذهب عندهم في الوكالة أن جنون الوكيل لا يوجب عزله إن برأ، وكذا جنون الموكل، فإن طال نظر السلطان في أ مره
(3)
.
قال الدسوقي في حاشيته: «لا ينعزل الوكيل بجنونه، أو جنون موكله إلا أن يطول جنون الموكل جدًا فينظر له الحاكم»
(4)
.
(1)
مجمع الضمانات (ص:88)، الفتاوى الهندية (4/ 350)، مجلة الأحكام العدلية، مادة (800)، المهذب (1/ 359)، أسنى المطالب (3/ 76)، وقال النووي في الروضة (6/ 326):«وتنفسخ ـ يعني الوديعة ـ بموت أحدهما، أو جنونه، أو إغمائه» وانظر المبدع (5/ 233).
(2)
الفواكه الدواني (2/ 169).
(3)
منح الجليل (6/ 417)، حاشية الدسوقي (3/ 396).
(4)
حاشية الدسوقي (3/ 396).
وأما فقد الأهلية بالإغماء ففيه وجهان في مذهب الشافعية، الأصح أن الأهلية تزول بالإغماء عندهم
(1)
.
هذا ما يخص الأقوال، وأما نصوص الفقهاء في هذه المسألة فإليك بعض ما وقفت عليه منهم:
جاء في درر الحكام: «إذا عرض للمستودع حال جنة بدرجة أن انقطع الرجاء من شفائه: أي أنه صار بدرجة الجنون المطبق
…
وحصل يأس من صحوه وإفاقته، فإن كانت الوديعة موجودة، وأثبت صاحب الوديعة في مواجهة ولي المجنون أو وصيه بالبينة أن الوديعة التي أخذها المجنون قبل الجنة عينًا هي وديعته هذه ترد إلى صاحبها .. »
(2)
.
وقال السيوطي: «يبطل بالجنون كل عقد جائز، كالوكالة إلا في رمي الجمار، والإيداع ..... وفي الإغماء وجهان: أصحهما كالمجنون»
(3)
.
وقال الشيرازي في المهذب: «وتنفسخ ـ يعني الوديعة ـ بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء كما تنفسخ به الوكالة لأنه وكالة في الحفظ فكان كالوكالة، في العقد والفسخ»
(4)
.
وقال ابن مفلح: «وتنفسخ - أي الوديعة - بموت وجنون وعزل مع علمه»
(5)
.
* * *
(1)
الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 214)، المهذب (1/ 359)، أسنى المطالب (3/ 76).
(2)
درر الحكام شرح مجلة الأحكام (2/ 323).
(3)
الأشباه والنظائر للسيوطي (ص:214).
(4)
المهذب (1/ 359).
(5)
المبدع (5/ 233).