الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
إذا اختلفا في الأمر بالتصرف في الوديعة
الأصل عدم الإذن بالتصرف.
[م-1955] إذا اختلف المالك والوديع، بأن قال الوديع أمرتني أن أنفق الوديعة على عيالك، أو أمرتني بأن أدفعها إلى فلان، فقال: لم أمرك بذلك، فمن المقدم قوله؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
أن القول قول المالك مع يمينه، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية
(1)
.
جاء في المبسوط: «وإن ادعى المستودع أنه أنفق الوديعة على عيال المودع بأمره، وصدقه عياله في ذلك، وقال رب الوديعة: لم آمرك بذلك، فالقول قول رب الوديعة مع يمينه»
(2)
.
وجاء في المدونة: «أرأيت إن استودعني رجل وديعة فجاء يطلبها فقلت له:
(1)
المبسوط (11/ 127)، الفتاوى الهندية (4/ 358)، الأم (4/ 136)، مجمع الضمانات (ص: 89)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: 237)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 28)، المدونة (6/ 154)، مواهب الجليل (5/ 260)، منح الجليل (7/ 29)، الأم (4/ 136)، البيان للعمراني (6/ 498)، أسنى المطالب (3/ 86)، روضة الطالبين (6/ 348)، نهاية المطلب (11/ 406)،.
(2)
المبسوط (11/ 127).
إنك أمرتني أن أدفعها إلى فلان وقد دفعتها إليه، وقال رب الوديعة: ما أمرتك بذلك؟
قال: هو ضامن إلا أن يكون له بينة أنه أمره بذلك»
(1)
.
وقال الشافعي في الأم: «
…
المستودَع قال: أمرتني أن أدفعها إلى فلان، فدفعتها، وقال المستودع: لم آمرك، فالقول قول المستودِع، وعلى المستودَع البينة»
(2)
.
° وجه من قال: إن القول قول المالك:
الوجه الأول:
الأصل عدم الإذن بالتصرف، فإذا ادعى الوديع الإذن فعليه البينة.
الوجه الثاني:
الوديع يدعي الرد على من لم يأتمنه فضمنها فكان كما لو أودعها إلى أجنبي، ولهذا نقول: إذا ادعى الوصي رد مال الطفل عليه بعد بلوغه لم نكتف بقول الوصي ويمينه، فإنه وإن كان أمينا، فقد ادعى الرد على من لم يأتمنه، وهو الطفل الذي بلغ، وقد شهد بذلك نص القرآن، فإنه عز من قائل قال:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] والأمر بالتأكيد بالشهود يشعر بأن الراد لا يصدق في دعوى الرد.
(1)
المدونة (6/ 154).
(2)
الأم (4/ 136).
القول الثاني:
أن القول قول الوديع، وهذا قول ابن أبي ليلى من الحنفية، ومذهب الحنابلة، وقول ابن حزم من الظاهرية
(1)
.
° وجه من قال: إن القول قول الوديع:
الوجه الأول:
أن الوديع يدعى دفعًا يبرأ به من الوديعة فكان القول قوله فيه كما لو ادعى ردها إلى مالكها.
الوجه الثاني:
أن التفريق بين أن يدعي الرد على مالكها فيقبل قوله، وبين أن يدعي أن المالك قد أذن له بالرد إلى فلان فلا يقبل تفريق بلا دليل، ولم يأت بالفرق قرآن ولا سنة.
ويناقش:
بأن هناك فرقًا، فإذا ردها إلى من ائتمنه فيقبل؛ ولا معنى لائتمانه إذا لم يقبل قوله في الرد إليه، أما الرد إلى أجنبي فلا يقبل قوله؛ لأنه رد إلى شخص لم يأتمنه، فكان عليه أن يشهد في الرد عليه، كما قدمنا من طلب الإشهاد عند دفع المال إلى اليتيم إذا بلغ؛ لأن اليتيم لم يأتمن الوصي، والله أعلم.
(1)
مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج (6/ 3014)، المحرر (1/ 364)، كشاف القناع (4/ 179 - 180)، الفروع (4/ 484)، المقنع (2/ 282)، المبدع (5/ 243)، الإنصاف (6/ 339)، المحلى (7/ 138)، الهداية على مذهب أحمد (ص: 308).