الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني
الوديعة من عقود الأمانات
كل وديعة أمانة، وليس كل أمانة وديعة.
يد الأمانة قد يكون بإذن من الشارع كمال السفيه في يد الولي، وقد يكون بإذن من المالك كيد الوديع والوكيل والشريك والمستعير والمضارب ونحو ذلك.
[م-1885] الوديعة من عقود الأمانات، وهذه مذهب الأئمة الأربعة.
وقد عرف الحنفية الأمانة: بأنها هي الشيء الموجود عند الأمين، سواء أجعل أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة، أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور والمستعار، أو صار أمانة في يد شخص بدون عقد ولا قصد كما لو ألقت الريح في دار أحد مال جاره فحيث كان ذلك بدون عقد فلا يكون وديعة بل أمانة فقط
(1)
.
فمن خلال هذا التعريف يتبين أن الأمين قسمان:
القسم الأول: أمين بعقد: وهذا على نوعين أيضًا.
الأول: ما كانت الأمانة أصالة في العقد كالوديعة.
الثاني: ما كانت الأمانة فيه تابعة للعقد، وليست أصيلة فيه، كالعين المؤجرة في يد المستأجر، ومال الموكل في يد وكيله، ومال القاصر في يد وصيه، ومال الشريك في يد شريكه، والعين المرهونة في يد المرتهن، ونحو ذلك.
(1)
مجلة الأحكام العدلية (ص: 144) مادة (762).
القسم الثاني: أمين بلا عقد، كتصرفات الملتقط في اللقطة، وتصرفات الأب والجد في مال ولده الصغير والمجنون.
الثمرة من كون الوديعة من عقود الأمانات أمران:
الأول: أن الودائع لا تودع إلا عند من هو معروف بالأمانة، فغير الثقة ليس أهلًا أن يكون محلًا لإيداع الأمانات فقد يخون فيما ائتمن فيه، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].
وقال تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة:283].
جاء في فيض القدير: «وحفظ الأمانة أثر كمال الإيمان، فإذا نقص الإيمان نقصت الأمانة في الناس، وإذا زاد زادت»
(1)
.
الثاني: أن الأمانات لا تضمن عند التلف إلا بالتعدي والتقصير، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء في الجملة كما سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى.
وقد قسم الفقهاء المال في اليد إلى قسمين: يد أمانة، ويد ضمان.
والمراد باليد: هو حيازة الشيء فإذا حاز الإنسان مالًا كان تحت يده.
ويد الأمانة: هي اليد التي حصل المال في حوزتها بإذن من الشارع، كمال السفيه في يد الولي، أو بإذن من المالك، كيد الوديع، والوكيل،
(1)
فيض القدير (1/ 223).
والشريك، وعامل المضاربة، ويد المستعير، والمستأجر، وناظر الوقف، والوصي.
ويد الضمان: حيازة المال للتملك كقبض المبيع، والقابض على سوم الشراء، أو لمصلحة الحائز وحده كالمقترض، وكذا كل يد لم تستند في حيازتها إلى إذن الشارع، أو إذن المالك كيد الغاصب والسارق.
وحكم يد الأمانة: أنها لا تضمن ما هو تحت يدها، إلا بالتعدي بأن يفعل ما ليس له فعله، أو بالتقصير: بأن يترك ما يجب عليه فعله.
وحكم يد الضمان: أنه يضمن المال بالتلف في كل حال
(1)
.
إذا عرفنا هذا تبينت لنا العلاقة بين الأمانة والوديعة:
فالأمانة: جنس يعم الوديعة وغيرها، فالوديعة أخص من الأمانة، فكل وديعة أمانة، وليس كل أمانة وديعة.
وإذا كانت الوديعة أمانة تبين بهذا التوصيف لمن تكون زوائدها وعلى من تكون نفقتها، وهذا ما سوف نفصله في المباحث التالية.
(1)
انظر بدائع الصنائع (5/ 248)، الموسوعة الفقهية الكويتية (28/ 258)، المنثور في القواعد (2/ 323)، القواعد لابن رجب، القاعدة الرابعة والتسعون (ص:246)، المبسوط (11/ 111)، الإرشاد للسعدي (ص: 141).