الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
المبحث الأول
في تعريف اللقطة
تعريف اللقطة اصطلاحًا
(1)
:
تعريف الحنفية:
جاء في البحر الرائق نقلًا من التتارخانية «مال يوجد ولا يعرف له مالك، وليس بمباح»
(2)
.
فقوله: (مال) خرج ما ليس بمال، فلا يعتبر لقطة عند الحنفية.
وقوله: (ولا يعرف له مالك) خرج به ما عرف مالكه فإنه وإن كان أمانة، إلا أنه ليس لقطة.
(1)
اللقطة من لَقَطه يَلْقُطه لَقْطاً والتقَطَه: أَخذه من الأرْضِ. قالَ الليث: واللُّقْطَةُ بِتَسْكين الْقَاف: اسْم الشَّيْء الَّذِي تجِدهُ مُلقىً فَتَأْخُذُهُ. وَكَذَلِكَ المنبوذُ من الصّبيان لُقطةٌ.
وَأما اللُّقَطَةُ: فَهُوَ الرَّجُل اللَّقَّاطُ يتتبع اللُّقْطَاتِ. يَلْتَقِطُها.
قال الأزهري: اللقطة بفتح القاف اسم الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه، قال: وهذا قول جميع أهل اللغة وحذاق النحويين.
وقال الليث: هي بالسكون ولم أسمعه لغيره، واقتصر ابن فارس والفارابي وجماعة على الفتح ومنهم من يعد السكون من لحن العوام. انظر المصباح المنير (2/ 557)، تهذيب اللغة (9/ 16)، تاج العروس (20/ 76).
(2)
البحر الرائق (5/ 161).
قوله: (وليس بمباح) خرج به المباحات قبل تملكها كالاحتطاب فإن هذا لا يعتبر لقطة، بل هو مباح تملكه للجميع بحيازته.
وفي تعريف آخر للحنفية:
جاء في مجمع الأنهر شرح متلقى الأبحر: «رفع شيء ضائع للحفظ على الغير لا لتمليك»
(1)
.
فقوله: (رفع شيء) لفظ شيء عام، وهو أعم من كلمة (مال).
(ضائع) يقصد به ضائعًا مخصوصًا، وهو الضائع الذي لا يعرف مالكه، كما قال في التعريف السابق: لا يعرف له مالك.
وقوله: (للحفظ لا لتمليك) هذه مسألة خلافية، هل تكون اللقطة ملكًا لواجدها إذا قام بتعريفها مدة معينة، أو لا يملكها، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحرير الخلاف فيها، وبيان الراجح بعون الله وتوفيقه.
تعريف المالكية:
قال ابن عرفة في تعريف اللقطة: «مال وجد بغير حرز محترمًا ليس حيوانًا ناطقًا، ولا نعمًا»
(2)
.
فقوله: (مال) أخرج غير المال فلا يعتبر لقطة عندهم، كالأشياء النجسة التي يجوز أن يختص بها الإنسان لا تدخل في اللقطة عندهم، هذا مفهوم قيد المال.
وقوله: (وجد بغير حرز) لأنه إذا كان محرزًا لم يكن مالًا ضائعًا.
(1)
مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (1/ 704).
(2)
شرح حدود ابن عرفة (ص: 429).
وقوله: (محترمًا) أخرج ما ليس بمحترم إما لتحريمه كالخمر، وإما لقلته كالتمرة ونحوها.
وقوله: (ليس حيوانًا) لأنه إذا كان حيوانًا، فهو ضالة، وليس لقطة، وللحيوان حكم خاص تفريقًا بين الإبل والغنم، كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه أثناء الكلام على أحكام اللقطة.
تعريف الشافعية:
عرفها الشافعية بأنها: ما وجد في موضع غير مملوك من مال أو مختص ضائع من مستحقه لسقوط أو غفلة، أو نحوها لغير حربي ليس بمحرز، ولا ممتنع بقوة، ولا يعرف الواجد مستحقه
(1)
.
شرح التعريف:
قوله: (ما وجد في موضع غير مملوك) لأنه إذا وجد في موضع مملوك فهو لمالك ذلك الموضع؛ لأن يده ثابتة على الموضع، وعلى ما فيه.
قوله: (من مال أو مختص) فاللقطة تشمل نوعين:
أحدهما: الأموال، والثاني: ما يختص به الإنسان مما يحل الانتفاع به وإن لم يكن مالًا كنجاسة يحل الانتفاع بها، وخمرة الخلال، ونحو ذلك.
وقوله: (ضائع من مستحقه) أخرج المال الذي سيبه صاحبه زهدًا فيه، فلا يسمى لقطة.
وقوله: (بسقوط أو غفلة) خرج بذلك ما لو ألقت الريح ثوبًا في حجره، أو
(1)
حاشية الرملي على أسنى المطالب (2/ 487)، وانظر نهاية المحتاج (5/ 426).
ألقى في حجره هارب كيسًا ولم يعرفه، فهو مال ضائع يحفظه، ولا يتملكه، وليس لقطة.
والتفريق بين المال الضائع واللقطة هو تفريق اصطلاحي للشافعية، وإلا فإن اللقطة تعتبر مالًا ضائعًا.
وقوله: (لغير حربي) خرج بذلك ما وجد بدار الحرب، وليس بها مسلم؛ فهو غنيمة يخمس، وليس لقطة.
وقوله: (ليس بمحرز) لأنه إذا كان محرزًا لم يكن لقطة ضائعة.
وقوله: (ولا يعرف الواجد مستحقه) لأنه إذا كان يعرف صاحبه لم يكن لقطة
(1)
.
تعريف الحنابلة:
جاء في الإقناع: «وهي اسم لما يلتقط: من مال أو مختص ضائع وما في معناه لغير حربي يلتقطه غير ربه»
(2)
.
فقوله: (من مال أو مختص) هذا موافق لمذهب الشافعية بكون اللقطة لا تختص بالمال وحده، وإنما تختص بكل ما يختص به الإنسان مما يباح الانتفاع به، وإن لم يكن مالًا كخمرة الخلال، والسرجين النجس، وقد تقدم التنبيه عليه في مذهب الشافعية.
وقوله: (ضائع وما في معناه) الضائع معلوم، أما الذي في معنى الضائع فهو يشمل المتروك لمعنى يقتضيه، ويشمل المدفون المنسي.
وقوله: (لغير حربي) فإن كان المال لحربي فهو لآخذه عند الحنابلة
(3)
.
* * *
(1)
انظر مغني المحتاج (2/ 406).
(2)
الإقناع في فقه الإمام أحمد (2/ 397).
(3)
انظر شرح منتهى الإرادات (2/ 376)، كشاف القناع (4/ 209)، مطالب أولي النهى (4/ 216).