الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع
في الوديع يكره على تسليم الوديعة
[م-1961] اختلف الفقهاء في الوديع يكره على تسليم الوديعة لغير صاحبها، هل يضمنها؟
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
لا يضمن، وهذا مذهب الحنفية، وقول في مقابل الأصح في مذهب الشافعية، والمذهب عند الحنابلة
(1)
.
واشترط الحنفية بأن يكون الإكراه ملجئًا: هو أن يكرهه بأمر يخاف على نفسه، أو على عضو من أعضائه، وبه قال ابن الزاغوني من الحنابلة
(2)
.
جاء في مرشد الحيران: «إذا حصل تهديد أو وعيد للمستودع على دفع الوديعة، فإن خاف تلف نفسه، أو عضو من أعضائه، أو ضياع ماله كله فدفع لا ضمان عليه، وإن فرط في الوديعة بدون عذر من هذه الأعذار فعليه ضمانها»
(3)
.
(1)
تنقيح الفتاوى الحامدية (2/ 73)، الفتاوى الهندية (5/ 39)، روضة الطالبين (6/ 342)، مغني المحتاج (3/ 88)، الإنصاف (6/ 350)، المبدع (5/ 247)، الإقناع (2/ 382)، الفروع (4/ 488)، شرح منتهى الإرادات (2/ 361)، كشاف القناع (4/ 180).
(2)
انظر الفتاوى الهندية (5/ 39)، وانظر تقسيم الإكراه عند الحنفية في عقد البيع فقد استوفيته هناك.
(3)
مرشد الحيران، مادة (832).
جاء في القواعد: «وعن ابن الزاغوني أنه إن أكره على التسليم بالتهديد والوعيد فعليه الضمان ولا إثم، وإن ناله العذاب فلا إثم ولا ضمان
(1)
.
° وجه القول بعدم الضمان:
الوجه الأول:
أن التسليم مع الإكراه لا يعتبر إتلافًا، فلا يجب عليه الضمان فرقًا بينه وبين الإكراه على القتل فإن الإكراه على القتل لا يعذر فيه، بخلاف هذا. وقد علل بذلك القاضي من الحنابلة.
الوجه الثاني:
أن الإكراه عذر يسقط الضمان عن الوديع كما لو أخذت من يده بغير فعل من جهته.
واشترط الحنفية أن يكون الإكراه ملجئًا؛ بحيث يخاف على نفسه، أو على تلف عضو من أعضائه؛ لأن مثل هذا الإكراه ينافي الرضا كما ينافي الاختيار، فإذا وقع تصرفه تحت هذا النوع من الإكراه فلا ضمان عليه.
وأما الإكراه القاصر، وهو ما دون ذلك كأن يكون معه تهديد بالحبس أو القيد، فهذا ينافي الرضا، ولكنه لا ينافي الاختيار، فالوديع إذا أكره إكراهاً غير ملجئ، فالوديع مختار لما فعله، قاصد إياه؛ فهو قد اختار أهون الشرين عليه، إلا أنه قصده لا عن رضا به، بل لدفع الشر عن نفسه، فيضمن
(2)
.
(1)
القواعد لابن رجب (ص: 329)، وانظر القواعد والفوائد الأصولية (ص: 44 - 45)، الإنصاف (6/ 350).
(2)
تبيين الحقائق (5/ 181)، كشف الأسرار (4/ 383)، الفروق لأبي هلال العسكري (ص: 118)، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء. د نزيه حماد (ص: 43).
القول الثاني:
إذا أكره على تسليم الوديعة لغير صاحبها فللمالك الخيار إن شاء ضمن الوديع، وإن شاء ضمن الظالم، فإن ضمن الوديع رجع الوديع على الظالم، وهذا هو الأصح في مذهب الشافعية
(1)
.
° وجه قول الشافعية:
الوجه الأول:
إنما جاز تضمين الوديع لمباشرته للتسليم، ثم للوديع أن يرجع على الظالم لاستيلائه.
الوجه الثاني:
أن الضمان يستوي فيه الاختيار والاضطرار.
القول الثالث:
لا يضمن إذا أكره على التسليم، ويضمن إذا أكره على الإتلاف، ذكره بعض الحنابلة احتمالًا
(2)
.
° وجه القول بالتفريق:
قال ابن اللحام: «وقد يقال: إنه لا يضمن إذا أكره على التسليم، ويضمن إذا أكره على الإتلاف، بأن هذا إكراه على سبب، وذاك إكراه على مباشرة، يؤيده
(1)
المنثور في القواعد الفقهية (1/ 190)، الإقناع للشربيني (2/ 379)، مغني المحتاج (3/ 88)، تحفة المحتاج (7/ 121)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/ 379).
(2)
القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام (ص: 44).
نص الإمام أحمد في رواية ابن ثواب على أن حافر البئر عدوانًا إذا أكرهه السلطان على الحفر لم يضمن
…
»
(1)
.
* * *
(1)
المرجع السابق.