الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في توصيف الودائع المصرفية الجارية
[م-1963] إذا نص في عقد الإيداع بأن الحساب الجاري قرض يأخذه البنك من عميله المقرض فإنه لا خلاف بأن النص يقضي على الخلاف الدائر بين المعاصرين في تكييف الودائع المصرفية الجارية، لذلك كثير من البنوك الإسلامية تورد في عقد فتح الحساب النص التالي:
أما إذا لم ينص على ذلك في العقد الموقع بين البنك وبين العميل، أو نص على أنه وديعة، أو على أي تكييف آخر غير القرض، فما حكم هذا التكييف إذا علمنا أن البنك يتملك الحساب الجاري، ويخلطه بأمواله، ويتصرف فيه، ويستأثر بأرباحه، ولا يرد عين ما أخذ بل يرد بدله، فهل ننظر إلى ظاهر اللفظ، أو ننظر إلى المعنى، هذا محل اختلاف بين الباحثين المعاصرين.
القول الأول:
أن الودائع الجارية قرض، وتسميتها بالودائع تسمية تاريخية حيث كانت في بدايتها كذلك.
وبهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي
(1)
،
(1)
جاء في قرار المجمع رقم 90/ 3/د 9 بشأن الودائع المصرفية (حسابات المصارف):
والهيئة الشرعية في شركة الراجحي المصرفية
(1)
، والباحثين في ندوة البركة
(2)
، وأكثر العلماء المعاصرين
(3)
.
القول الثاني:
الحسابات الجارية تأخذ حكم الوديعة الفقهية على خلاف بينهم:
(1)
جاء في المذكرة التفسيرية لشركة الراجحي للاستثمار، إعداد الهيئة الشرعية بالشركة (ص: 14 - 15) ما نصه: «إن الحسابات الجارية أو الودائع تحت الطلب هي بمثابة قروض يقدمها المودعون للشركة، ولأن الشركة تتصرف بها، ثم هي ملزمة برد مثلها طبقاً لما اتفق عليه الطرفان عند الإيداع، وإن تسميتها حسابات جارية أو ودائع تحت الطلب هو اصطلاح مصرفي حديث لا يغير شيئاً من طبيعتها، وحقيقتها، حيث إن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني .... فلا بأس من الاستمرار بالمصطلح المتعارف عليه لدى المصارف، أي مصطلح الوديعة، ولكن يجب أن يعلم أن معناه بالنسبة إلى الودائع المصرفية هو الإقراض من المودع للبنك، وليس بمعنى الوديعة الفقهية التي تحفظ عيناً لصاحبها» .
(2)
جاء في فتاوى ندوة البركة السادسة للاقتصاد الإسلامي (ص: 80) ما نصه: «إن الودائع المقدمة للبنك بصورة حسابات تحت الطلب (حسابات جارية) تكون مضمونة بطبيعة المعاملة طالما أنها لا تشارك في الربح، وليست في رأس مال المضاربة، وإنما هي قروض مأذون للبنك في استعمالها، وردها عند الطلب» .
(3)
منهم على سبيل المثال، الدكتور علي السالوس. انظر، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 878)
والأستاذ الدكتور رفيق بن يونس المصري، انظر بحوث في المصارف الإسلامية (ص:202).
والقاضي محمد تقي العثماني، انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 802).
والدكتور سعود الثبيتي، انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 838).
والشيخ عبد الله بن منيع، انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 888).
هل أخذت حكم الوديعة لأنها مأذون باستعمالها، من جهة أن المودع يعلم أن المصرف سوف يتصرف فيها وفق العرف المصرفي، كما رجحه الأستاذ الدكتور حمد الكبيسي
(1)
.
أو أخذت حكم الوديعة؛ لأنه لا يوجد إذن بالاستعمال كما هو نص النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي
(2)
، واختيار فضيلة الدكتور عيسى عبده
(3)
، وحسن الأمين
(4)
.
القول الثالث:
عقد وديعة ناقصة أو شاذة
(5)
. وهذا التوصيف قانوني، لا يسأل عنه الفقه الإسلامي، ولولا أن الباحثين المعاصرين ذكروه لما ذكرته.
(1)
انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 755 - 756).
(2)
هذا ما نصت عليه المادة 53 من النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي الذي تأسس عام 1395 هـ على أن البنك يقبل نوعين من الودائع:
(أ) ودائع بدون تفويض بالاستثمار، وتأخذ صورة الحسابات الجارية، ودفاتر الادخار المعمول بها في النظم المصرفية المعاصرة، وهذه كلها تأخذ حكم الوديعة المعتمدة في الشريعة الإسلامية.
(ب) ودائع مع التفويض بالاستثمار: ويكون التفويض مقيداً أو غير مقيد، وتأخذ هذه الودائع صورة عقد القراض الشرعي (المضاربة).
فجعل بنك دبي الإسلامي أن التفويض بالاستعمال يفيد (المضاربة) وعدم التفويض بالاستعمال يفيد حكم الوديعة في الشريعة الإسلامية.
(3)
انظر العقود الشرعية الحاكمة للمعاملات المالية المعاصرة - عيسى عبده (ص:113)، وسيأتي نقل ما يدعم وجهة نظر الدكتور عيسى عبده، والجواب عليه.
(4)
الودائع المصرفية - حسن الأمين (ص: 233 - 234) وانظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (1/ 835).
(5)
الوديعة المصرفية - الحسني (ص: 102).
القول الرابع:
أنها عقد مستقل بذاته، يدخل ضمن العقود غير المسماة في الفقه الإسلامي
(1)
.
القول الخامس:
الوديعة الجارية إن أخذ عليها فوائد فهي عقد بيع، وإلا كانت قرضاً
(2)
.
هذه هي ملخص الأقوال، وقد ذكرت أدلة في المجلد الثاني عشر عند ذكر أهم المعاملات المصرفية، فلله الحمد، وإنما اقتضى التذكير بها في عقد الوديعة.
* * *
(1)
المرجع السابق.
(2)
انظر البحوث العلمية لهيئة كبار العلماء في البلاد السعودية (5/ 430)، مجلة البحوث الإسلامية (35/ 121).