الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الرابع
الوديعة من عقود التبرع
الوديعة وكالة في الحفظ، والتوكيل يجوز اشتراط الأجرة فيه فكذلك الوديعة.
[م-1888] الأصل في عقد الوديعة أنه من عقود التبرع، فإن اشترط العوض في عقد الوديعة فقد اختلف الفقهاء في صحة هذا الشرط على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
يجوز اشتراط العوض على حفظ الوديعة، وهذا مذهب الحنفية، والشافعية، وقول في مذهب الحنابلة
(1)
.
جاء في الفتاوى الهندية: «المودع إذا شرط الأجرة للمودع على حفظ الوديعة صح، ولزم عليه»
(2)
.
وفي مغني المحتاج: «وأصلها ـ يعني الوديعة ـ الأمانة
…
سواء أكانت بجعل أم لا كالوكالة»
(3)
.
وجاء في مطالب أولي النهى: «ويتجه حفظ المال المودع ولو بعوض يؤخذ على حفظه، وعليه يدخل الأجير لحفظ المال»
(4)
.
(1)
مجمع الضمانات (ص: 68)، الفتاوى الهندية (4/ 342)، حاشية ابن عابدين (5/ 664)، تبيين الحقائق (5/ 135)، البحر الرائق (8/ 31)، مغني المحتاج (2/ 36)، حاشية الرملي على أسنى المطالب (3/ 76)، حاشية البجيرمي على شرح المنهج (3/ 292).
(2)
الفتاوى الهندية (4/ 342).
(3)
مغني المحتاج (2/ 36).
(4)
مطالب أولي النهى (4/ 147).
° وجه القول بجواز اشتراط الأجرة:
أن الوديعة وكالة في الحفظ، والتوكيل يجوز اشتراط الأجرة فيه فكذلك الوديعة.
القول الثاني:
لا يجوز اشتراط العوض في عقد الوديعة مطلقًا، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة
(1)
.
° وجه القول بالمنع:
أن المودع إذا أخذ أجرة على حفظه لم يكن مودعًا، وإنما يكون أجيرًا على حفظ المال تطبق عليه أحكام الأجير، وليس أحكام الوديعة، فالمودع في الفقه: هو من قبض المال لمصلحة مالكه، والأجير: هو من قبض المال لمصلحتهما.
ويناقش:
بأن المودع بأجر يخالف الأجير المشترك، وإن شرط عليه الضمان؛ لأن المعقود عليه في الأجير المشترك هو العمل، والحفظ واجب تبعًا بخلاف المودع بأجر فإن المعقود عليه هو الحفظ، والأجرة في مقابل الحفظ، ولا يوجد عمل، والله أعلم.
القول الثالث:
التفريق بين أخذ الأجرة على مكان الحفظ فيجوز إن كان مثله تؤخذ أجرته، وبين أخذ الأجرة على الحفظ فلا يجوز إلا أن يشترطه في العقد، أو يجري به
(1)
شرح منتهى الإرادات (2/ 352)، كشاف القناع (4/ 166).
عرف؛ لأن عادة الناس أنهم لا يأخذون لحفظ الودائع أجرة فإذا اشترطه أو جرى به عرف جاز أخذ الأجرة. وهذا مذهب المالكية
(1)
.
وبه قال الشافعية في الوديعة إذا وجب عليه قبولها.
لأن ما وجب عليه في الشرع لا يجوز أخذ العوض عليه، ويجوز أخذ أجرة مكانها
(2)
.
° وجه قول المالكية:
قول المالكية لا يختلف عن مذهب الحنفية والشافعية بجواز اشتراط أخذ العوض على الوديعة، أما بدون شرط ولا عرف فلا يأخذ أجرة على الحفظ، وذلك أن حفظ الوديعة نوع من الجاه، وهو لا يؤخذ أجرة عليه بلا اشتراط ولا عرف، بخلاف أجرة المكان فإن الإنسان إذا بذل مكانًا لحفظ مال غيره استحق أجرته.
° الراجح:
أرى أنه لا يجوز ما يمنع من اشتراط الأجرة على الحفظ؛ لأن الحفظ عمل، والعمل يجوز المعاوضة عليه، وقد يسمى عقد حراسة.
* * *
(1)
الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 566)، حاشية الدسوقي (3/ 431 - 432)، منح الجليل (7/ 45).
(2)
قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية (3/ 29): «من تعين عليه قبول الوديعة، كما إذا لم يكن هناك غيره وخاف هلاكها، إن لم يقبل. قال صاحب المرشد: لا يجوز له أخذه أجرة الحفظ؛ لتعينه عليه، ويجوز أخذ أجرة مكانها» .