المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثفي الاختلاف بين المالك والوديع - المعاملات المالية أصالة ومعاصرة - جـ ١٩

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌عقد الوديعة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولفي تعريف الوديعة

- ‌المبحث الثانيتوصيف عقد الوديعة

- ‌الفرع الثانيالوديعة من عقود الأمانات

- ‌مسألةزوائد الوديعة أمانة كأصلها

- ‌الفرع الثالثالوديعة من العقود الجائزة

- ‌الفرع الرابعالوديعة من عقود التبرع

- ‌المبحث الثالثفي حكم الوديعة

- ‌الفرع الأولحكم الوديعة الوضعي

- ‌الفرع الثانيحكم الوديعة التكليفي

- ‌الباب الأولأركان الوديعة

- ‌الفصل الأولخلاف العلماء في أركان الوديعة

- ‌الفصل الثانيفي انعقاد الوديعة بالمعاطاة

- ‌الفصل الثالثفي انعقاد الإيداع بالإشارة

- ‌الفصل الرابعالاعتماد على الخط في الإيداع

- ‌الفصل الخامسفي تعليق الوديعة وإضافتها إلى المستقبل

- ‌الباب الثانيفي شروط الوديعة

- ‌الفصل الأولفي شروط ا لوديع والمودع

- ‌الشرط الأوليشترط توفر الأهلية فيهما

- ‌المبحث الأولفي إيداع الصبي غير المميز والمجنون

- ‌المبحث الثانيفي إيداع الصبي المميز

- ‌المبحث الثالثفي إيداع المال لدى الصبي المميز

- ‌الشرط الثانيأن يكون المودِع له ولاية في المال المودع

- ‌الشرط الثالثأن يكون المودَع ممن يصح قبضه للوديعة

- ‌الشرط الرابعفي اشتراط أن يكون المستودَع معينًا

- ‌الشرط الخامسفي اشتراط ألا يكون المودِع محجورًا عليه لمصلحة غيره

- ‌الفصل الثانيفي شروط الأعيان المودعة

- ‌المبحث الأولفي اشتراط مالية العين المودعة

- ‌الشرط الثانيكون الوديعة قابلة لإثبات اليد عليها

- ‌الشرط الثالثفي اشتراط العلم بالوديعة

- ‌الشرط الرابعفي اشتراط كون الوديعة منقولة

- ‌الباب الثالثفي أحكام الوديعة

- ‌الفصل الأولفي آثار عقد الوديعة

- ‌المبحث الأولوجوب الحفظ على الوديع

- ‌الفرع الأولفي صفة حفظ الوديعة

- ‌المسألة الأولىألا يعين المالك موضع الحفظ

- ‌المسألة الثانيةأن يعين المالك موضع الحفظ

- ‌المسألة الثالثةفي دفع الوديعة لمن يحفظ ماله

- ‌المطلب الأولفي بيان الأقارب الذين يحفظون مال قريبهم

- ‌المسألة الرابعةفي استعانة الوديع بغيره في حفظ الوديعة

- ‌المطلب الأولأن يستعين بالأجنبي بدون عذر

- ‌المطلب الثانيأن يودع الوديع الأجنبي لعذر

- ‌الأمر الأولأن يكون العذر حاجته إلى السفر

- ‌الأمر الثانيأن يودع مال غيره خوفًا من حريق أو غرق

- ‌المبحث الثانييجب رد الوديعة متى طلبها صاحبها

- ‌المبحث الثالثالوديعة أمانة في يد المودَع

- ‌الفرع الأولفي الإنفاق على الوديعة

- ‌الفرع الثانيفي صفة الإنفاق

- ‌الفرع الثالثالوديعة لا تضمن إلا بالتعدي أو بالتفريط

- ‌الفرع الرابعفي إتلاف المودع الوديعة

- ‌المسألة الأولىفي الحكم التكليفي

- ‌المسألة الثانيةالحكم الوضعي لتعدي الوديع

- ‌المسألة الثالثةفي ارتفاع الضمان برجوعه عن التعدي

- ‌المسألة الرابعةفي ضمان الوديع إذا نوى التعدي ولم يفعل

- ‌الفرع الخامسفي اشتراط الضمان على الوديع

- ‌الفصل الثانيفي تصرفات الوديع بالوديعة

- ‌المبحث الأولفي خلط الوديعة بغيرها

- ‌الفرع الأولأن يكون الخلط بغير فعل الوديع

- ‌الفرع الثانيأن يكون الخلط بإذن صاحبها

- ‌الفرع الثالثأن يكون الخلط بدون إذن صاحبها

- ‌المسألة الأولىفي خلط الوديعة بمال آخر مع إمكان التمييز

- ‌المسألة الثانيةفي خلط الوديع الوديعة بمال نفسه بما لا يتميز

- ‌المسألة الثالثةإذا خلط الوديعة بمال لصاحبها

- ‌المبحث الثانيفي اقتراض المودع من الوديعة

- ‌الفرع الأولإذا اقترض من الوديعة ثم تراجع عن الاقتراض

- ‌الفرع الثانيإذا اقترض من الوديعة ثم رد بدله

- ‌المسألة الأولىأن يكون البدل متميزًا عن باقي الوديعة

- ‌المسألة الثانيةأن يكون البدل غير متميز عن باقي الوديعة

- ‌المبحث الثالثفي رهن المودِع للوديعة

- ‌المبحث الرابعفي الاتجار بالوديعة

- ‌الفرع الأولفي الاتجار بها دون إذن من المالك

- ‌المسألة الأولىالحكم التكليفي في اتجار الوديع بالوديعة

- ‌المسألة الثانيةفي استحقاق الربح إذا اتجر بالوديعة بدون تفويض

- ‌المبحث الخامسفي تأجير الوديعة

- ‌الفصل الثالثفي الاختلاف بين المالك والوديع

- ‌المبحث الثانيإذا اختلفا في الرد

- ‌المبحث الثالثإذا اختلفا في التعدي والتفريط

- ‌المبحث الرابعفي مطالبة الوديع باليمين إذا ادعى التلف

- ‌المبحث الخامسإذا اختلفا في الأمر بالتصرف في الوديعة

- ‌المبحث السادسإذا تنازع الوديعة رجلان

- ‌الفصل الرابعإذا جحد الوديعة معاملة بالمثل

- ‌الفصل الخامسفي تجهيل الوديعة

- ‌مبحثفي التصرف في الودائع المجهول أصحابها

- ‌الفصل السادسفي تعدد الوديع

- ‌الفصل السابعفي الوديع يكره على تسليم الوديعة

- ‌الفصل الأولفي تعريف الودائع المصرفية

- ‌الفصل الثانيخصائص الودائع النقدية المصرفية

- ‌الفصل الثالثفي توصيف الودائع المصرفية الجارية

- ‌الفصل الرابعإيجار الخزائن الحديدية للإيداع

- ‌المبحث الأولتعريف الخزائن الحديدية

- ‌المبحث الثانيفي التوصيف الفقهي لتأجير الخزائن الحديدية

- ‌الفصل الأولانتهاء عقد الوديعة بالرد

- ‌المبحث الأولفي مؤنة حمل الوديعة وردها

- ‌المبحث الثانيفي امتناع الوديع من رد الوديعة

- ‌المبحث الثالثفي رد الوديعة إلى عيال المالك

- ‌المبحث الرابعفي كيفية رد الوديعة المشتركة

- ‌الفصل الثانيانتهاء الوديعة بالفسخ

- ‌الفصل الثالثانتهاء عقد الوديعة بالموت

- ‌المبحث الأولفي الضمان بتأخير الرد إلى وارث المالك

- ‌المبحث الثانيفي الضمان بتأخير ورثة الوديع الرد إلى المالك

- ‌الفصل الرابعانتهاء عقد الوديعة بالعزل

- ‌المبحث الأولانتهاء عقد الوديعة بعزل المالك للوديع

- ‌المبحث الثانيفي عزل الوديع نفسه

- ‌الفصل الخامسانتهاء عقد الوديعة بالتعدي أو بالتفريط

- ‌الفصل السادسانتهاء عقد الوديعة بزوال الأهلية

- ‌الفصل السابعانتهاء عقد الوديعة بالجحود

- ‌عقد اللقطة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولفي تعريف اللقطة

- ‌المبحث الثانيالفرق بين اللقطة والضالة

- ‌المبحث الثالثفي أركان اللقطة

- ‌الباب الأولفي حكم الالتقاط

- ‌الفصل الأولفي التقاط غير الحيوان

- ‌الفصل الثانيفي التقاط الحيوان

- ‌المبحث الأولفي التقاط ما يمتنع من السباع ويقوى على ورود الماء

- ‌المبحث الثانيفي التقاط الغنم وما لا يمتنع من صغار السباع

- ‌المبحث الثالثفي الالتقاط في طريق غير مسلوك

- ‌المبحث الرابعفي لقطة مكة

- ‌الباب الثانيفي أحكام اللقطة

- ‌الفصل الأولفي وجوب تعريف اللقطة

- ‌المبحث الأولفي صفة اللقطة التي يجب تعريفها

الفصل: ‌الفصل الثالثفي الاختلاف بين المالك والوديع

‌الفصل الثالث

في الاختلاف بين المالك والوديع

المبحث الأول

إذا أنكر أصل الإيداع

الوديعة تصير غصبًا بالجحود.

[م-1951] إذا طلب المالك الوديعة فأنكر الوديع أن يكون عنده له وديعة، فالقول قول الوديع بيمنه؛ لأن المالك يدعي الإيداع، والوديع: ينكر، والقاعدة الفقهية تقول: البينة على المدعي، فإن لم يقم بينة على دعواه، فإن القول قول المدعى عليه مع يمينه

(1)

.

(ح-1188) لما رواه مسلم من طريق ابن أبي مليكة،

عن ابن عباس، أن النبي عليه السلام قال: لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه

(2)

.

قال أبو إسحاق الشيرازي: «إذا اختلف المودع والمودع فقال: أودعتك وديعة وأنكرها المودع فالقول قوله

ثم ذكر حديث ابن عباس المتقدم، وقال: ولأن الأصل أنه لم يودعه فكان القول قوله»

(3)

.

(1)

المبسوط (11/ 116 - 117)، المدونة (6/ 151)، الذخيرة (9/ 185)، الأم (4/ 136)، المهذب (1/ 362)، روضة الطالبين (6/ 343)، البيان للعمراني (6/ 497)، الكافي لابن قدامة (2/ 380).

(2)

مسلم (1711)، ورواه البخاري بنحوه (2514، 4552).

(3)

المهذب (1/ 362)، روضة الطالبين (6/ 343).

ص: 301

وقال العمراني في البيان: «وإن ادعى على رجل أنه أودعه وديعة معلومة، فقال المدعى عليه: ما أودعتني، ولا بينة للمدعي فالقول قول المدعى عليه مع يمينه؛ لقوله عليه السلام: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. ولأن الأصل عدم الإيداع»

(1)

.

وقال ابن قدامة: «فإن طولب بالوديعة فأنكرها، فالقول قوله؛ لأن الأصل عدمها»

(2)

.

فإن نكل الوديع عن اليمين، أو أقام المالك البينة عليها، أو رجع الوديع واعترف بالوديعة، فإنه يصير بجحوده خائنًا ضامنًا لخروجه به عن كونه أمينًا فتنقلب يده إلى يد غاصب، فلا يبرأ إلا بردها إلى صاحبها

(3)

.

قال الكساني: «ومنها ـ أي ما يجعل الوديعة مضمونة ـ جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه، حتى لو قامت البينة على الإيداع، أو نكل المودع عن اليمين، أو أقر به، دخلت في ضمانه؛ لأن العقد لما ظهر بالحجة؛ فقد ظهر

(1)

البيان (6/ 497).

(2)

الكافي لابن قدامة (2/ 380).

(3)

المبسوط (11/ 116 - 117)، بدائع الصنائع (6/ 307)، البحر الرائق (7/ 277)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (5/ 77)، الجوهرة النيرة (1/ 348)، مجمع الضمانات (ص: 86)، تحفة الفقهاء (3/ 173)، المدونة (6/ 151)، الذخيرة (9/ 185)، الخرشي (6/ 113)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 561)، جامع الأمهات (ص: 404)، الأم (4/ 136)، المهذب (1/ 362)، روضة الطالبين (6/ 343)، البيان للعمراني (6/ 497)، أسنى المطالب (3/ 83)، نهاية المحتاج (6/ 131)، حاشيتا قليوبي وعمييرة (3/ 188)، الحاوي الكبير (8/ 377)، المغني (6/ 311)، الإنصاف (6/ 330)، شرح منتهى الإرادات (2/ 357)، كشاف القناع (4/ 181).

ص: 302

ارتفاعه بالجحود، أو عنده؛ لأن المالك لما طلب منه الوديعة، فقد عزله عن الحفظ، والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك، فقد عزل نفسه عن الحفظ؛ فانفسخ العقد، فبقي مال الغير في يده بغير إذنه؛ فيكون مضمونا عليه، فإذا هلك تقرر الضمان»

(1)

.

وقال القرافي في الذخيرة: «إذا جحدك وشهدت البينة ضمن؛ لأنه بالجحد صار غاصبًا»

(2)

.

وقال الماوردي: «رجل أودع رجلًا وديعة، ثم طالبه بها، فجحدها وقال: لم تودعني شيئًا، ثم عاد فاعترف بها وقال: قد كنت استودعتها وتلفت، أو قامت بها البينة عليه فادعى بتلفها لم يقبل منه، لأمرين:

أحدهما: أنه قد صار بالجحد متعديًا فضمنها، ومن ضمن وديعة لم يسقط عنه الغرم بتلفها.

والثاني: أنه بالإنكار الأول قد أكذب نفسه بادعاء التلف»

(3)

.

وقال ابن قدامة: «إذا ادعى على رجل وديعة، فقال: ما أودعتني. ثم ثبت أنه أودعه، فقال: أودعتني، وهلكت من حرزي، لم يقبل قوله، ولزمه ضمانها. وبهذا قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق وأصحاب الرأي؛ لأنه مكذب لإنكاره الأول ومعترف على نفسه بالكذب المنافي للأمانة»

(4)

.

(1)

بدائع الصنائع (6/ 212).

(2)

الذخيرة (9/ 185).

(3)

الحاوي الكبير (8/ 377).

(4)

المغني (6/ 307).

ص: 303

فهذه نصوص مختلفة عن أصحاب الأئمة الأربعة تتفق على أن الوديع إذا قال: ما أودعتني، ثم قامت البينة على الإيداع، أو نكل الوديع عن اليمين، أو أقر بالوديعة بعد الاعتراف أنه يكون ضامنًا بذلك حتى يردها إلى صاحبها.

وهذا الكلام في الجملة، ولهم تفصيلات قد يتفقون عليها وقد يختلفون فيها، أذكر أهمها:

المسألة الأولى: من المسائل محل الوفاق بين الأئمة الأربعة أن الوديع لو قال: ما عندي لك وديعة، ثم ادعى الهلاك، فإنه يسمع؛ لأن هناك فرقًا بين قوله: ما أودعتني، وبين قوله: ما عندي لك وديعة، فالأول ينفي أصل الإيداع. والثاني ينفي وجود الوديعة أو استحقاقها حال طلب صاحبها، وهذا لا يتناقض مع دعوى الرد أو الهلاك

(1)

.

جاء في الفتاوى الهندية: «ولو طلب الوديعة، فقال: ما أودعتني، ثم ادعى الرد أو الهلاك لا يصدق، ولو قال: ليس له علي، ثم ادعى الرد أو الهلاك يسمع، كذا في خزانة المفتين»

(2)

.

وقال ابن نجيم: «رجل ادعى على آخر ألفًا وديعة، فأنكر، فلما أقام البينة على الإيداع ادعى المدعى عليه الرد أو الهلاك، إن قال أولًا: ليس لك علي شيء يسمع. وإن قال: ما أودعتني أصلًا لا يسمع»

(3)

.

(1)

الفتاوى الهندية (4/ 356)، الذخير للقرافي (9/ 173)، الزرقاني على خليل (6/ 119)، التاج والإكليل (5/ 258)، الأم (4/ 137)، نهاية المطلب (7/ 42)، روضة الطالبين (6/ 343)، المغني (6/ 307).

(2)

الفتاوى الهندية (4/ 356).

(3)

البحر الرائق (7/ 41).

ص: 304

وقال النووي: «من أنكر وديعة ادعيت، صدق بيمينه، فلو أقام المدعي بينة بالإيداع، أو اعترف بها المدعى عليه، طولب بها. فإن ادعى ردها أو تلفها قبل الجحود أو بعده، نظر في صيغة جحوده، فإن أنكر أصل الإيداع، لم تقبل دعواه الرد؛ لتناقض كلامه وظهور خيانته .... وإن كانت صيغة جحوده: لا يلزمني تسليم شيء إليك، أو ما لك عندي وديعة أو شيء، صدق في دعوى الرد والتلف؛ لأنها لا تناقض كلامه الأول»

(1)

.

وجاء في المغني: «وإذا طالبه الوديعة، فقال: ما أودعتني. ثم قال: ضاعت من حرز، كان ضامنًا؛ لأنه خرج من حال الأمانة. ولو قال: ما لك عندي شيء، ثم قال: ضاعت من حرز، كان القول قوله .... مع يمينه، ولا ضمان عليه؛ لأن قوله لا ينافي ما شهدت به البينة، ولا يكذبها، فإن من تلفت الوديعة من حرزه بغير تفريطه، فلا شيء لمالكها عنده، ولا يستحق عليه شيئًا»

(2)

.

المسألة الثانية: لا يضمن إذا كان الهدف من جحود الوديعة الستر والخفاء، أو جحد الوديعة لوجود عدو يخافه عليها من التلف؛ لأن هذا الجحود لمصلحة المالك ومصلحة الوديعة، وهذا قد نص عليه الحنفية والشافعية، خلافًا لزفر

(3)

.

جاء في فتح القدير: «ولو جحدها عند غير صاحبها لا يضمنها عند

(1)

روضة الطالبين (6/ 343).

(2)

المغني (6/ 307).

(3)

فتح القدير لابن الهمام (8/ 490)، بدائع الصنائع (6/ 212)، الهداية شرح البداية (3/ 214)، الوسيط (4/ 512)، روضة الطالبين (6/ 342).

ص: 305

أبي يوسف خلافًا لزفر؛ لأن الجحود عند غيره من باب الحفظ؛ لأن فيه قطع طمع الطامعين»

(1)

.

وقال النووي: «إذا قال المودع: لا وديعة لأحد عندي، إما ابتداء، وإما جوابًا لسؤال غير المالك، فلا ضمان، سواء جرى ذلك بحضرة المالك أو في غيبته؛ لأن إخفاءها أبلغ في حفظها. وإن طلبها المالك فجحدها، فهو خائن ضامن»

(2)

.

وجه قول زفر: أن ما هو سبب وجوب الضمان لا يختلف بالحضرة، والغيبة كسائر الأسباب

(3)

.

المسألة الثالثة: إذا جحد الوديعة، ثم هلكت قبل نقلها، فهل يضمن؟

قال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا ضمان عليه، ولهذا لو كانت الوديعة عقارًا لم يضمنها بالجحود؛ لأن العقار لا يمكن نقله عن مكانه

(4)

.

قال ابن نجيم: «المودع إذا جحدها ضمنها إلا إذا هلكت قبل النقل كما في الأجناس»

(5)

.

وفي الفتاوى الهندية: «في الأجناس: الوديعة إنما تضمن بالجحود إذا نقلها

(1)

فتح القدير لابن الهمام (8/ 490).

(2)

روضة الطالبين (6/ 342).

(3)

بدائع الصنائع (6/ 212).

(4)

البحر الرائق (7/ 277)، مجمع الأنهر (2/ 340)، حاشية ابن عابدين (5/ 671)، الفتاوى الهندية (4/ 352)، غمز عيون البصائر (3/ 161).

(5)

الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: 236).

ص: 306

من موضعها الذي كانت فيه حال إنكاره وهلكت، فإن لم ينقلها وهلكت لا يضمن»

(1)

.

° وجه اشتراط النقل عند الحنفية:

أن الوديع إذا جحد الوديعة صار غاصبًا، والغصب لا يتصور إلا حيث يتصور النقل.

ونص الشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن بأن الوديع يضمن بالجحود، نقلها أو لم ينقلها

(2)

.

قال ابن رجب: «يصير المودع ضامنًا بمجرد جحود الوديعة من غير نقل، ولا إزالة يد»

(3)

.

وهذا هو الراجح، ولهذا لو جلس على بساط الغير مغتصبًا ضمن، ولو لم يكن هناك نقل.

المسألة الرابعة: إذا أقام الوديع البينة على هلاكها، فهذا له ثلاث صور.

الصورة الأولى:

أن يقيم البينة على الهلاك بعد الجحود.

فذهب الحنفية والشافعية، ورجحه ابن قدامة في المغني، وصوبه في الإنصاف: أن البينة لا تنفعه، وأن الضمان واجب عليه

(4)

.

(1)

الفتاوى الهندية (4/ 352).

(2)

مجمع الأنهر (2/ 340)، تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة (3/ 82)، الأشباه والنظائر للسبكي (2/ 277)، القواعد لابن رجب (ص: 235).

(3)

القواعد لابن رجب (ص: 235).

(4)

المبسوط (11/ 117)، بدائع الصنائع (6/ 212)، الحاوي الكبير (8/ 377)، لإنصاف (6/ 341)، المغني (6/ 307)، شرح الزركشي (2/ 299).

ص: 307

° وجه القول بوجوب الضمان:

لأن الوديع بالجحود صار ضامنًا، وهلاك المضمون في يد الضامن يوجب عليه الضمان، فلم تنفعه البينة.

جاء في المبسوط: «فإن أقام رب الوديعة البينة بعد جحود المودع أنه استودعه، ثم أقام المستودع البينة أنها ضاعت، فهو ضامن؛ لأنه بالجحود صار ضامنًا، وهلاك المضمون في يد الضامن يقرر عليه الضمان»

(1)

.

وجاء في الحاوي الكبير: «لو أقام بينة على تلفها، فهذا على ضربين:

أحدهما: أن تشهد له البينة بتلفها بعد الجحود، فلا تسمع، والغرم واجب عليه؛ لأنها تلفت بعد الضمان»

(2)

.

القول الثاني:

أن البينة تنفعه؛ لأنه ليس بمكذب لها، وهذا هو الأصح في مذهب الحنابلة

(3)

.

جاء في الإنصاف: «وأما إن ادعى الرد، أو التلف بعد جحوده بها، بأن يدعي عليه يوم الجمعة، فينكر، ثم يقر، وتقوم البينة به، فيقيم بينته بتلفها أو ردها يوم السبت، أو بعده مثلا، فهذا تقبل فيه البينة بالرد قولًا واحدًا، وتقبل في التلف على الصحيح من المذهب»

(4)

.

(1)

المبسوط (11/ 117).

(2)

الحاوي الكبير (8/ 377).

(3)

الإنصاف (6/ 341)، الإقناع (2/ 383)، كشاف القناع (4/ 181).

(4)

الإنصاف (6/ 341).

ص: 308

الصورة الثانية: أن يقيم البينة على أنها هلكت قبل جحوده، ففيها خلاف:

القول الأول:

لا يقبل منه؛ وعليه الضمان، إلا أن يصدقه المالك بذلك، وهذا مذهب الحنفية، وقول في مذهب المالكية، وأحد الوجهين في مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة

(1)

.

وقال الشافعية: يصدق في دعوى التلف، لكنه كالغاصب، فيضمن

(2)

.

قال السرخسي: «جحوده أصل الإيداع يمنعه من دعوى الهلاك قبله»

(3)

.

وقال في تحفة الفقهاء: «فإن أقر بالوديعة وأقام المودع البينة على أنها هلكت قبل جحوده الوديعة لا يقبل؛ لأنه بالجحود أكذب بينته»

(4)

.

وفي التاج والإكليل: «قال ابن القاسم، وأشهب، ومطرف، وابن الماجشون، وأصبغ: من استودع وديعة ببينة فجحدها، ثم أقر أنه ردها، وأقام البينة بردها فإنه ضامن؛ لأنه أكذب بينته إذ قال: لم أجدها يريد أو قال ما أودعتني شيئا»

(5)

.

° وجه القول بالضمان:

أنه بالجحود أكذب بينته، فلا تقبل، وعليه الضمان.

(1)

تحفة الفقهاء (3/ 173)، المبسوط (11/ 117)، منح الجليل (7/ 23)، التاج والإكليل (5/ 258).

(2)

روضة الطالبين (6/ 343).

(3)

السرخسي (11/ 117).

(4)

تحفة الفقهاء (3/ 173).

(5)

التاج والإكليل (5/ 258).

ص: 309

القول الثاني:

تسمع بينته، ولا ضمان عليه؛ لأن الهلاك لما ثبت بالبينة فقد ظهر انتهاء العقد قبل الجحود، فلا يرتفع بالجحود. وهذا قول في مذهب الحنفية، والمشهور في مذهب المالكية

(1)

.

جاء في منح الجليل: «تحصل فيمن أنكر أمانة ثم ادعى ضياعها أو ردها ثلاثة أقوال: الأول لمالك من سماع ابن القاسم يقبل قوله فيهما.

الثاني لمالك أيضا: لا يقبل قوله فيهما.

الثالث لابن القاسم: يقبل قوله في الضياع دون الرد. المشهور أنه إن قامت بينة على ضياعه أو رده فإنها تنفعه بعد إنكاره»

(2)

.

وجاء في بدائع الصنائع: «وإن أقام البينة على أنها هلكت قبل الجحود تسمع بينته، ولا ضمان عليه؛ لأن الهلاك قبل الجحود لما ثبت بالبينة فقد ظهر انتهاء العقد قبل الجحود، فلا يرتفع بالجحود، فظهر أن الوديعة هلكت من غير صنعة، فلا يضمن»

(3)

.

ولعل الجمع بين هذا القول والقول السابق، أن الوديع إذا جحد الوديعة، ثم أقام البينة على هلاكها قبل الجحود، فإن قال: ليس لك عندي وديعة قبلت بينته، ويبرأ عن الضمان.

وإن قال: لم تستودعني، ثم ادعى الهلاك قبل الجحود لم يقبل

(4)

.

(1)

بدائع الصنائع (6/ 212)، منح الجليل (7/ 23).

(2)

منح الجليل (7/ 23).

(3)

المرجع السابق (6/ 212).

(4)

انظر مجمع الضمانات (ص: 87)، حاشية ابن عابدين (5/ 671).

ص: 310

الصورة الثالثة:

أن يدعي الهلاك قبل الجحود، ولا بينة لأحد منهما.

فاختار الحنفية أن القاضي يطلب اليمين من المالك أنه ما يعلم أنها هلكت قبل جحوده، فإن حلف، قضى بالضمان، وإن نكل المالك قضى بالبراءة.

جاء في الدر المختار: «ولو ادعى هلاكها قبل جحوده حلف المالك ما يعلم ذلك فإن حلف ضمنه، وإن نكل برئ»

(1)

.

(1)

الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (8/ 359)، وانظر قرة عين الأخيار (8/ 497)، بدائع الصنائع (6/ 212).

ص: 311